الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


كيف يمكن تغيير مجموعة الافكار المسيطرة في اي مجتمع؟

ادم عربي
كاتب وباحث

2019 / 12 / 24
مواضيع وابحاث سياسية


ان الاقتصاد هو المحرك للتاريخ ، والمعنى ان الجهود الفكرية والعقليه مهما وظفت لن تستطيع ابدا النجاح في احداث تغير في التاريخ ما لم تكن ناتجا وعلى علاقة ديالكتيكية بالبنية التحتية او بالضبط بنمط الانتاج السائد وهو الاقتصاد اولا واخيرا ، وان الجهود التي تُبذل معتمدة على ان العقل هو محرك التاريخ لن تثمر لانها بالنتجة النهائيه لن تحصل على المعرفه لان المعرفه تاتي من واقع المشكله وليس من السماء ، ففي واقع المشكله هناك الحل.
الشعوب العربيه بختلف مشاربها متخلفه اقتصاديا وثقافيا واجتماعيا ، انها شعوب تعيش الماضي وتعيد انتاجه ، رغم غنى بعضها وهي دول الريع البترولي ، الا ان القاعده الثقافيه واحده لجميع تلك الشعوب ، والتي لم تُغادر الماضي للان . وبالتالي ما الذي يخترق عقول هذه المجتمعات ويقودها نحو ثقافة العصر ، وهي ثقافة يجمع عليها كل من في المعمورة ، سوى نكهه هنا او هناك حسب الموروث الثقافي لكل امه ، ان العالم اليوم يعيش بنفس الطريقه مفهوما وثقافه ، اما نحن فغارقين في الميتافيزيقا والعشيره والطائفه ، ولا نرى الاشياء الا بمنظورها .
متى يٌصبح لدينا مجتمع ايمانه بالتحضر والتطور وعدم الجمود وعدم تقديس الماضي وعدم تعظيم الموروث وعدم الخضوع للعرف .. والرقي الفكري والاجتماعي والاقتصادي والمسلكية الانسانية التي لا تميز بين البشر . والايمان بالدولة الديمقراطية والايمان بالحريات السياسية والاقتصادية والشخصية والاتفاق مع مبدأ الدين لله والوطن للجميع , اسئلة كثيرة واجابتها لا تقل صعوبه عنها .

كم هو سخيف ومؤسف ان تستمع لسيدة وصفتها مقدمة البرنامج بانها شاعرة ومفكرة وكاتبة .. تستمع لها وهي تقول ان عصر الماديات انتهى والعصر الجديد القادم هو عصر الروحانيات
شيء مؤسف ومزعج ان ترى بعض المثقفين يعيشون في ضياع مبين ولا علاقة لهم بواقع الحياة.
فمن الواضح ان هذه الشاعرة لا تعرف ان المكنسة تكنس المنزل بدون وجود سيدة المنزل .. وان السيارة والطيارة والباخرة بدون سائق .. وان الريبوت يحل محل ملايين العمال .. وان الصناعة الجديدة تقوم على التقنية الرقمية .. وان اللحوم المستقبلية لاتؤخذ من الحيوانات بل من ثاني اكسيد الكربون.
وكل هذه ماديات ترفض بشدة وتتنعارض بقوة مع الروحانيات .

ان وسائل السيطرة على المجتمعات عديدة وان الهيمنة على المجتمع اي مجتمع كان تتم باحدى الوسيلتين اوالوسيلتين معا وهما : الثقافة والقوة
القوى الخارجية "الامبريالية" وغير الامبريالية تستخدمهما معا وحسب الظروف
اما السلطات المحلية فهي تقدم القوة والقهر على الثقافة
اما الاحزاب السياسية فلا تمتلك الا الثقافة
بينما جماعات وقوى التطرف والارهاب لا تستخدم سوى القوة
ومفهوم القوة واضح الى حد كبير والمقصود به القوة العسكرية والقوة البوليسية "الامنية"
اما مفهوم الثقافة فانه يشمل :
المنظومة القانونية ، ونظم ادارة وسياسات المؤسسات الاجتماعيّة والاقتصاديّة، والتعليم .. الخ .
وقد برهنت سجلات التاريخ ووقائع العصر انه لابد من استخدام القوة لتهيئة الظروف المناسبة، من أجل ضمان نجاحها.
وهذه الرؤية شدّد عليها أنطونيو غرامشي ، وأعاد فرانز فانون صياغتَها في سياق التاريخ الاستعماريّ، ومضمونُها:
أنّ الهيمنة الثقافيّة والإيديولوجيّة هي، في نهاية الامر، إعادةُ تشكيلٍ للقوّة.
وهذا المفهوم ينطبق على القوى التسلطية المحلية سواء كانت سلطة رسمية (رئيس وحكومة ووزاء ..
او سلطة حزبية (احزاب قوية لها حضور وثقل جماهيري لاسباب طائفية او مذهبية اوقومية .. )
فهؤلاء ايضا يسعون للسيطرة على الدولة والمجتمع عن طريق الثقافة ولكنهم يستخدمون القوة ايضا وباساليب وادوات ووسائل واشكال مختلفة
ولو اخذنا نموذجا من واقعنا العربي حزب البعث مثلا
في سوريا استخدم الحزب القوة "الانقلاب العسكري" للسيطرة على السلطة
ثم انهمك ووظزف معظم مثقفيه في النشاط الثقافي لتعبئة المواطنين بالثقافة القومية العربية .. ومن كان يرفض هذه الثقافة كان يتعرض للاعتقال وربما القتل .. ومن يعارض الثقافة الاقتصادية او الاجتماعية كان يواجه قمعا شديدا ..
وعندما ثارت "جماعة الاخوان المسلمين" ضد ثقافة حزب البعث تم قتلهم في ما تسمى "مجزرة حماة "
ونفس المشهد تقريبا حدث في الجزائر ..
وضد الشيوعيين واليسار عموما جرى القمع في كثير من الدول العربية .
اذن القاعدة تقول : ان القوي يفرض ثقافته بسلاسة وعبر الوسائل الناعمة .. او بالقوة والقهر .. "اما ان تسلم او تدفع الجزية او تموت" او بكليهما معا
وفي الواقع الراهن يغلب اسلوب نشر الثقافة وفرضها عبر الوسائل الاعلامية والتعليم والمعارض الثقافية والفنية وعبر الافلام والمسلسلات التلفزيونية وغيرها من الوسائل الحديثة .. فتركيا حققت اختراقا كبيرا للمجتمع العربي عبر بعض المسلسلات التركية
والهند كذلك والولايات المتحدة لها الحصة الاكبر








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - استخدام القوة لتهيئة الظروف المناسبة ليس شرطًا
أفنان القاسم ( 2019 / 12 / 24 - 18:19 )
في فرنسا نلجأ إلى الحوار بين قوى يقوم عليها النظام، وإذا كان هناك فرض لإصلاح ما بالقوة مثل إصلاح التقاعد حاليًا عندنا تنزل الجماهير إلى الشوارع وتكون الإضرابات وسيلة من وسائل ممارسة القوة المضادة ضد الدولة... أنا لا أنظر إلى ما قاله فرانز فانون أو غرامشي خاصة غرامشي ومثقفه الجمعي والعياذ بالله، لهذا رغم جمال أسلوبك أرى لكل ظرف شرطه، فأتعامل مع هذا الشرط دون أقل تعميم أو تنظير... رجاء ما تزعل مني!


2 - لماذا الزعل
ادم عربي ( 2019 / 12 / 24 - 20:23 )
انا فقط عممت على العرب

اخر الافلام

.. فلسطينيون يرحبون بخطة السداسية العربية لإقامة الدولة الفلسطي


.. الخارجية الأميركية: الرياض مستعدة للتطبيع إذا وافقت إسرائيل




.. بعد توقف قلبه.. فريق طبي ينقذ حياة مصاب في العراق


.. الاتحاد الأوروبي.. مليار يورو لدعم لبنان | #غرفة_الأخبار




.. هل تقف أوروبا أمام حقبة جديدة في العلاقات مع الصين؟