الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الفرق بين المغرب والجزائر

كمال آيت بن يوبا
كاتب

(Kamal Ait Ben Yuba)

2019 / 12 / 25
مواضيع وابحاث سياسية


حرية – مساواة – أخوة

رأي

كثر مؤخرا في تصريحات البعض و منهم رؤساء أحزاب مغربية حتى ترديد عبارة "إنتقال إحتجاجات الجزائر للمغرب" عند حديثهم عن الوضع في المغرب .و البعض الآخر عبر عن قلقه من انتقال تلك الاحتجاجات للمغرب بسبب ما سموه الفراغ السياسي .و لا اعرف صراحة ما قصدوا بالفراغ السياسي .لأنه ليس هناك فراغ سياسي ..ألأنهم غادروا الحكومة مثل ما قالوا؟؟أم ماذا؟؟

لا ندري .

هؤلاء الناس المحترمين ربما يتجاهلون أن الإحتجاجات في المغرب كانت دائما و منذ السبعينات و حتى في عهد وزير الداخلية السابق إدريس البصري متواترة أي تحدث بين الفينة والأخرى بشكل مستمر .و إستمرت في السنين الأخيرة بشكل أكثر كثافة .

في سنة خريف سنة 2010 في الصحراء حدثت إحتجاجات ما سمي خيام كديم ايزيك .

و بعدها احتجاجات 2011 التي عمت كل المغرب .و كان من نتائجها إنجاز الدستور المغربي المتقدم لسنة 2011 و ما تلى ذلك من تغيير حيث صار ما كان يسمى الوزير الاول يسمى رئيسا للحكومة و له اختصاصاته المحددة بالدستور و الذي يتم ععيينه من الحزب الذي حصل على نسبة عليا من المقاعد في الانتخابات البرلمانية.

و نص الدستور الجديد على حرية الفكر و الرأي والتعبير و التظاهر السلمي و المساواة بين الجنسين و حرية الانتماء السياسي و النقابي و منع التمييز بسبب الانتماء الجغرافي او اللون او المعتقد و غير ذلك .و نص على سمو المواثيق الدولية لحقوق الانسان على القوانين الوطنية و غير ذلك كثير ...

بل قريبا جدا في سنة 2017 إستمرت إحتجاجات الريف ما يناهز 6 أشهر كان خلالها حوار محلي مستمر مع المحتجين من طرف السلطات المحلية هناك في الريف بل حتى من طرف وزراء من الحكومة زاروا المنطقة إنطلاقا من العاصمة الرباط .و إستمر الحوار حتى بعد ذلك إلى أن وصلت الأمور لإثارة الفوضى في مسجد بالحسيمة .و هو الأمر المرفوض و المخالف للقانون الذي أدى لتدخل السلطات و إيقاف المسؤولين عن ذلك ..

و في نهاية سنة 2017 (22ديسمبر) و بداية 2018 في مناجم جرادة أيضا حدثت احتجاجات دامت 90 يوما و انتهت و تم العفو عن الموقوفين بعد ذلك ...

الاحتجاجات في المغرب لا تتوقف .بل في بعض الاحيان تصير مملة مثل ما حدث في الريف في خريف سنة 2017 و غير ذلك ...

إن الإحتجاجات في أي مكان من العالم و ليس في المغرب فقط و حتى في الولايات المتحدة الأمريكية إذا خرجت عن السلمية و صارت تهدد الأمن العام أو تعرض الممتلكات للتلف أو ما يشبه ذلك فإن تدخل القوات العمومية و قوات حفظ الأمن المتخصصة يكون حتميا... لأن هذه هي مهامها المؤطرة بالقانون لحماية الجميع بما في ذلك المحتجين انفسهم في حال ما اذا تسلل من بينهم بعض المندسون لافساد الاحتجاجات السلمية أو أفسدها بعض المحتجين غير المنضبطين أنفسهم بخرق سلميتها....

بطبيع الحال بما أن إحتجاجات الجزائر الإجتماعية هي جزائرية المنشأ و التربة و الأسباب و تبدو لهم كأنها إستثناء، فلا اعتقد ان ما هو جزائري سينتقل للمغرب . فالجزائر قبل الاحتجاجات و بعدها لم تكن و ليست في مستوى المغرب اقتصاديا و تقنيا و صناعيا و غير ذلك خصوصا بعد عودته لمنظمة الوحدة الافريقية و شغله لمكانه الذي كان شاغرا اكثر من 30 سنة .و بسبب عودته للنشاط الاقتصادي بالقارة و للعلاقات التي كانت منقطعة نظرا لموقف بعض الدول من قضية الوحدة الترابية قد خطا خطوات كبيرة الى الامام ...

ولأن المغرب من حيث التربة و الوضع كدولة قوية لا يشبه الجزائر .فهو متقدم اقتصاديا و عسكريا و مؤسساتيا بسنوات ضوئية عن الجزائر.

و لأنه أيضا جسر بين اوروبا و افريقيا يجتازه يوميا السياح و من لهم مصالح في المغرب و في افريقيا باعداد كبيرة يوميا عن طريق مضيق جبل طارق و مدينة طنجة في الركن الشمال الغربي لافريقيا و يحتاج بذلك للامن والاستقرار .فكم من المشاريع في المغرب يساهم فيها الاوروبيون بقسط وافر..و لذلك تم الاعلان مؤخرا في بروكسل ببلجيكا عن زيادة دعم الإتحاد الاوروبي للمغرب من اجل شراكة حقيقية لتحديث المغرب اكثر والقيام باصلاحات كبيرة ....

و هو في النهاية ليس دولة عسكرية يحكمها الجنرالات ..

إن الذين بخطابهم يعطون إنطباعا بأن المسؤولين المغاربة يخافون من الاحتجاجات أو من مقال في جريدة أو فيديو أو حتى آلاف الفيديوهات في الداخل او الخارج أو أن الدولة ضعيفة و يمكن تقويض أسسها الضاربة بجذورها في التاريخ ، إنما يخدعون الأبرياء و يدفعون بهم لدروب الخطأ والخطأ الجسيم ...

و قد رأينا كثيرين من المغاربة المعارضين للنظام السياسي المغربي ممن كان لهم مثل هذا الخطاب الذي يقلل من شأن الدولة المغربية و الذين قالوا انها "أهون من بيت العنكبوت" حسب تعبيرهم الخاطئ كيف إنتهت بهم الامور في ايطاليا و غيرها و في المغرب ايضا ...الدولة المغربية لا تخاف ....

و هذا هو الفرق بينها و بين الجزائر ..لان فيها حرية مدنية مسؤولة...و ليست دولة عسكرية كما قلنا اعلاه..

كما أن سور رموز المغرب و شرفائه و أجهزته الامنية ،التي تسهر على امن و سلامة المغاربة ليل نهار مثلما تعتقد انه من واجبها ، ليس قصيرا كما يعتقد البعض الذي يقلل من شأنها ، وانما هو سور عال بتفاني و تضحيات جسام و اخلاص العاملين فيها الذين صاروا ذوي مستوى ثقافي ووعي حقوقي يمكنهم من ممارسة مهنتهم تحت سيادة و وفق القانون.. و قد دفعوا الكثير من الشهداء الابطال لانقاد حياة المغاربة .. و ألف شكر على ذلك لن يوفيهم حقهم.

وإذن حتى لو حصلت اي احتجاجات اجتماعية فما حصل في الماضي القريب يدفع للإعتقاد أنه سيتم التعامل معها مثلما يحتم القانون على دولة القانون ، خصوصا بعدما تغيرت و تقدمت على صعيد ترسانتها القانونية التي صارت تساير المعايير الدولية في كثير من جوانبها مع بعض الاستثناءات ،و ليس كما كان يحصل في الماضي البعيد أيام ما كان يسمى سنوات الجمر...و تعود المياه الى مجاريها..


ملحوظة : بما أن مؤسسة الحوار المتمدن العراقية تنشر الكتابات أيضا في الفيسبوك ، فإنني سأبدأ في نشر كتاباتي التي تهم فقط المغرب ، أيضا على صفحتي بفيسبوك رفعا لكل إلتباس أو سوء فهم محتمل .أما الكتابات التي تهم الشرق الأوسط فسأنشرها فقط على موقع الحوار المتمدن و ليس على صفحتي بفيسبوك..و للوصول لصفحتي على الفيسبوك فيجب كتابة الإسم باللاتينية هكذا kamal ait ben juba .

و شكرا للجميع مع سنة سعيدة 2020 وتحياتي العطرة ...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي