الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ملائكة اللعن

هبة فارس

2019 / 12 / 28
الادب والفن


فكرت الزوجة في التعبير عن رفضها لإستغلالها جسديا من قبل زوجها ... بأن قالت له لا حين طلبها للفراش ... وقالت أنا متعبة الأن ... ولا أبغي أن ازيد تعبي بإدعاء كوني سعيدة بذلك اللقاء المتعب نفسيا قبل جسديا ... حين فعلت ذلك ... غضب زوجها أيما غضب ... وثار ثورته الهوجاء والتي ترتعب عندما تسمع نبرات صوته قد تحولت لها ... ولكنها كانت مصرة هذه المرة على خوض التجربة للنهاية ... لن يجبرني هذه المرة على بيع جسدي دون مقابل ... من حقي الإختيار ... من حقي قول لا ... من حقي أن أبدي استيائي من جريان كل شيء حسب مشيئته هو ... دونما أي اعتبار لرغباتي أنا ... وقفت في وجهه هذه المرة بجدية الراغبة في وضع حد لأوجاعها ... ثار تلك الثورة التي يريد بها إخافتها ... هي بالفعل خافت ... ولكنها إدعت غير ذلك... تماسكت وكأنها غير مكترسة ... قالت في حزم ... لن تنالني الليلة ... افعل ما يحلوا لك ... ارفع مستوى صوتك أكثر ... بل زد ان أردت أن ترفع يدك أيضا فلتفعل ... ولكنك لن تنالني الليلة ... الليلة انا أبغي الراحة والسلام اللذين تحرمني إياهم ... بإعتلاءك جسدي المتعب... لا لتريحه.. بل لتزد تعبه ... قل ماشئت... وافعل ماشئت ... وارفع صوتك بالصراخ أكثر فأكثر فيعرف كل قاصي وداني إني أرفض جسدك ... وأرفض قهرك ...
لأول مرة منذ ما يقرب من خمسة عشر عاما ترفض له طلب للفراش ...
استيقظت في الصباح تشعر براحة غريبة تعتريها ... أحست بإحساس لم تعهده منذ دخلت هذا البيت ... وكأنها تستيقظ صباحا في بيتها القديم مع أخواتها في بيت أبيها ... لكن إحساسها هذا سرعان ما تحول لرجفة وخوف.. حين نظرت إلى الجانب الأخر من فراشها و به زوجها الغارق في النوم ... ياترى ماذا سيحدث حين يستيقظ ... بالتأكيد سيكمل ما بدأه بالأمس... أو سيعلن خصامه لها ... ياليته يعلن خصامه لها ... هي تريد الهدنة ... هي تريد الراحة ... هي تريد السلام المفقود ... قامت لتمارس روتينها اليومي ... من نظافة شخصية وإعداد إفطار البيت كله ... هي مرتاحة لكنها قلقة جدا ... القلق زاد من وتيرة دقات قلبها ... متسارعة جدا ... ولكن مازال إحساس الراحة يعتريها بالرغم من ذلك ... أعدت مائدة الفطور ... قامت بإيقاظ الأولاد أولا... ثم هو... لم يرد عليها وكأنه يعاقبها ... ارتاحت لذلك... ليته يكمل في الخصام ... قام إلى حمامه كالعادة ... ثم ارتدى ثيابه وغادر دون فطور... استراحت أكثر.. خرج بهدوء ... ليته لا يعود ... فكرت في رغبتها هذه في ألا يعود ... أحقا لا تريدين ألا يعود؟ ... كان جوابها نعم وبكل تأكيد ... لا أريد له العودة مطلقا ... تسائلت لماذا لا تتركيه أنتي وتبتعدي؟ ... وتنجي بنفسك من ذاك المعتقل الروحي الموحش ... كان الجواب أسرع مما تخيلت ... إنهم أولادي الذين سيتضررون أيما ضرر بإبتعادي عنهم ... أفاقت وقررت أن تنعم ببعض لحظات السكينة لحين عودته الحتمية ... أحست برغبة عارمة في القراءة ... ودعت أبنائها الخارجين إلى مدارسهم ... ثم هرولت إلى مكتبها القديمة ... والتى على كتبها وأرففها التراب ... نظرت نظرة سريعة على الكتب... أخرجت كتاب إسمه ايزيس للكاتبة نوال السعداوي.... بدأت في القراءة... سرقها الوقت ... لم تنتبه إلا على صوت آذان الظهر... أحست ... بقرب عودة زوجها وابنائها... بدأ قلبها في الخفقان مرة أخرى بسرعة متزايدة ... قامت تلهث ... لإنهاء مهامها المنزلية بسرعة حتى تعوض ما قضته في القراءة ... بسرعة أعادت للبيت شكله المرتب النظيف... لن تلحق إنجاز الغداء... خطرت لها فكرة... تطلب غداءا جاهزا وتدفع قيمته من خاص مالها ... تفقدت حافظة نقودها لتعرف ما هو الطعام الذي يناسب ما تملكه من مال ... بالكاد يكفي وجبة أسماك مشوية ... ليس سيئ .... اتصلت طلبته قبل موعد عودة زوجها بربع ساعة... قامت لإعداد الأرز والسلطات ... أنهت المهمة بسلام ... جاء الأولاد ... جلسوا لإتمام واجباتهم المدرسية ... منتظرين الأب والسمك ... جلست الزوجة وسط أولادها تكمل كتابها اللذيذ ... حضر السمك و بانتظار الأب ... جلست تكمل كتابها لحين مجيئه ... لم تشعر إلا والكتاب يسحب من يدها بعنف ... وصوت اشبه ببوق مزعج يصرخ بها ... لهذا ترفضين اطاعة زوجك ... تقرأين لتلك الملعونة الزنديقة ... ألا لعنة الله عليك وعليها ... سوف تكون رفيقتك إلى نار جهنم ... هي من علمتك رفض فراش زوجك ... هي من حرضتك على جعله ينام غضبان عليك ... ملعونة في كل كتاب ... ابشري فقد باتت كل ملائكة الله يلعنونك ويطلبون إلى الله الانتقام منك ... ولسوف يفعل ... لن تنالي خيرا أبدا ما دمت تغضبين زوجك ... ملعونة وناشز وعقابك جهنم وبأس المصير ... صرخت الزوجة طالبة الصفح من الزوج ثم من الله ثم من الملائكة المخصصين للعن الزوجات ... ظلت تصرخ وتصرخ في طلب العفو والمغفرة ... من زوجها تارة ... ومن الله وملائكته تارة أخرى... صراخ وصراخ حتى بح صوتها ... ثم سقطت مغشيا عليها ...
حين أفاقت وجدت نفسها محاطة باولادها ... فضمتهم لصدرها ضمة معتذر ... وقامت وتعافيت وعاشت باقي حياتها تتعاطى أدوية الضغط والسكر اللذان تسببا في تلك الإغماءة...
ولم تتعاطى أي كتب أو صحف أو أي مادة مقروءة منذ ذاك الحين أبداً.

تمت.

القاهرة 24 من ديسمبر 2019م








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مت فى 10 أيام.. قصة زواج الفنان أحمد عبد الوهاب من ابنة صبحى


.. الفنانة ميار الببلاوي تنهار خلال بث مباشر بعد اتهامات داعية




.. كلمة -وقفة-.. زلة لسان جديدة لبايدن على المسرح


.. شارك فى فيلم عن الفروسية فى مصر حكايات الفارس أحمد السقا 1




.. ملتقى دولي في الجزاي?ر حول الموسيقى الكلاسيكية بعد تراجع مكا