الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


العولمة الإقتصادية وسؤال الهوية

محمد أسويق

2006 / 5 / 31
العولمة وتطورات العالم المعاصر


يمر العالم اليوم بمراحل خطيرة للغاية كلها مصاحبة بالتوتر والقلق والتناقضات الصارخة المتمثلة في المجاعة والحروب والأمراض المتعددة التي تنخر جسم العالم المتخلف الخاضع لأحكام صارمة من طرف العالم القوي اقتصاديا وسياسيا وإعلاميا وتيكنولوجيا الذي نستهلك منتوجه حسب رغبته التي ينوي ويرغب ترويجهاو وفق ما تقتضيه استراتيجيته. ليحقق غزوه واستيلابه لثقافتنا التي لم تعد تحضى بأية مكانة تذكر
إنها العولمة بكل المعاني التي سيطرت على الأسواق التجارية والإقتصادية وغزت البيوت والأسر بثقافتها حتى اصبح من المستحيل العيش بدونها. بحيث أصبحت القنوات الفضائية التي تعتمد الصورة العارية والمظاهر الأنثوية المروجة لثقافة تعتمد الجنس وافلام الرعب تلغي باقي الخصوصيات التي اعتدناها في صيغها الحضارية وحتى صارت ثقافة العولمة هي الطاغية والسائدة على مستوى العالم ككل.بحيث أن الكل يجري خلف الهمبورغ والأنتيرنيت تاركين ثقافة الأم التي هي مرجعنا الأسمى في كل الإقتراحات
وهذه الثقافة التي غربتنا وطوحت بنا في دهاليز التيه والضياع حاولت أن تجعل منا إنسان نمطيا مقولبا وجاهزا على طريقتها الخاصة. وفعلا حاولت الوصول لأننا نلبس ونأكل ونعيش كما تشاء وتحب. وننظر إلى أنماطنا السابقة على أنها قاصرة وهذه هي الإهانة التاريخية لموروثنا وتقاليدنا ذات الدلالات الإنسانية والحصارية.......
إنها العولمة التي جعلت الفرد الإجتماعي يتسكع بشكل يومي في ردهاتها الغجرية وحاناتها المجونية وهو يتلهف عن أفضل القنوات المتعددة الجنسيات ومستعملا لغة واحدة عبر الأنتيرنيت بثقافة واحدة لاتحتمل التعدد لأن الآخر ضعيف لا يضاهيها في شيئ والفقراء أمثالنا ليسوامن حقهم مشاركتها في الثقافة ولا في الإقتصاد لأنهم فقراء لا ينتجون غير الفقر حسب نظرتهم المتخلفة تجاه الفردكإنسان أولا قبل أي موقف ايديولوجي الذي لم يعد ينظر إلى القيم إلابنظرة شزراء
والعولمة السائدة اليوم حاولت قدر الإمكان أن تقصي الإنسان بمعايير القوة وليس الأخلاق حتى أصبح العالم بصيغه الثقافية ومكوناته التراثية لا يساوي شيئا أمام الزحف الأخطبوطي الذي جعل الإنسان مقصيا لاوجود له إلا في استهلاك المنتوج المعولم إن شاء الإستمرار في الحياة وبدون ذوقه...... ومع مرور الوقت سيظمحل بشكل تلقائي و بقوة الإقتصاد الذي هو امتداد للقوة الثقافية التي لاتسعى للإندماج معنا بل لغزونا وتدميرنا بحيث لانصلح إلا للإستهلاك
لذا فالضعيف اليوم إلى زوال والقوة سيدة المنطق . فيمنع التعدد والإختلاف وهذه هي إشكالية الشعوب الفقيرة التي يجب أن تفكر في مصيرها قبل فواة الاوان. لأن الهيمنة الإقتصادية التي تجتاح العالم ستغير كل العلاقات الإجتماعية والفردية. وستدمر كل الهويات الثقافية ... حتى بعدها الإنساني . وسحق هوية الشعوب بالغزو الإقتصادي أولا. تدخل ضمن جرائم الحرب وعلى المنتظم الدولي أن يحمي الشعوب الفقيرة التي افقرتها العولمة. .ولا يمكن تفادي مثل هذه الكوارث إلا بمنح للشعوب حريتها دون قيد وتاهيلها بكل المكانيزمات المتاحة ودون نسف التظاهرات أوقمع الإعتصامات لان أي تنمية لايمكن أن تأتي في ظل القمع والمنع. وعلى الأنظمات ان تشكل فيما بينها اتحادات وكنفيدراليات للمزاحمة والتنافس والتمكين من تحقيق الإكتفاء الذاتي كماهو الشأن عند الإتحاد الاوروبي الذي يمثل تجمعا متباينا قبل كل شيء. لكن تجمعهم على الأقل احترام الديمقراطية وحقوق الإنسان ولو بشكل نسبي
مما يفرض علينا الامر بدورنا لتجاوز الأزمة الخانقة تكريس اليمقراطية الإجتماعية التي ستعزز مكانة الفردضمن محيطه الذي سيغير عليه بشكل خارق وسيحوله فيما بعد إلى مجال تنموي يستقطب المستثمرين والمنعشين في المجال ولا ان يهاجر من قوة القمع والتنكيل كما يفعل الآن.....فالتنمية ليست مرتبطة بالموارد المالية فقط بل بالبشرية والثقافية والهوياتية .......إنشئنا الإندماج احياء لااموات
ودون تفعيل مبادئ القيم الديمقراطية ونقصد دمقرطة الانظمة ودون منح للفرد حريته في جميع المجالات لا يمكننا الحديث عن أية تنمية حقيقية.
وهذه الحرية التي نناشدها هي التي سترقى بثقافتنا بأن تصير هي الأخرى عالمية عبر مزاحمة الفضائيات كما هو الشان لجارتنا اسبانيا
واما الانظمات التي ستحافظ على استبدادها فمصيرها الموت حتما. وليس الإنصياع فقط لان النظام العالمي الجديد لا تخدمه هذه الأخيرة. فيرى فيها تخلفا يجب سحقه والتمرد عليه كما هو الشأن بالعراق. وعدم تبنيه وهذا يتبين لنا وبجلاء كيف يسخطوتنتقد دول الصحراء التي أغرقت أوروبا بالمهاجرين. وكيف تحمل المسؤولية للدول العربية والمغاربية التي شارك رعاياها في الهجمات الإرهابية ....وكل هذه السلبيات المتطرفة افرزتها العولمة المتوحشة والإقتصاد الليبيرالي وديكتاتورية الانظمات المتعفنة
وفعلا يبدو لنا الإنسان اليوم متسكعا ومهانا ومستلبا من طرف العولمة الإقتصادية والثقافية. ولا يعيش سوى على نمطيتها ونحن لنا مايؤهلنا لتجاوز هذا المأزق لكن سيادة الإحتكار والهيمنة حال الامر دون ذالك
.فإن كان السائح الاجنبي ينبهر أمام الصناعة التقليدية مثلا وباقي المنتوجات التي هي خصوصية ثقافية وقيمة تاريخية قبل أن تكون سلعة. لما ذا لاندعم الصانع التقليدي بشتى الوسائل ونروج منتوجه على الصعيد العالمي
لماذا لانستغل جغرافيتنا ونرى الغجر ينفقون اموالا للإصطياف في الجبال والصحاري وتحت السهول والوديان بعد أن ملوا الحضارة والمعامل والصخب والضجيج....ووجدوا في ثقافتنا التواضع والإنسانية .... وهذه السيمات كانت أن تكون راسمال قوي يؤهلنا لتنمية عالمية وليست محلية وهي التي تنطلق من استثمار مؤهلاتنا ومجالاتنا مع استغلال تناقضات العولمة ذاتها
وحتى نوجه الانظمات المستبدة فالفرد لا يحتاج لقروض أولمقاولة صغرى بل للحرية أولا ولمفهوم الجهوية دون وصاية المركز الذي ينتعش من الهوامش أو المتطفلين الذين يهربون العملة ويستحودون عن الممتلكات و إلاسنمكث معا عرضة لهمجية العولمة التي تنخرنا فردا وثقافة ومجالا وهوية وتاريخا








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. لحظة سقوط صاروخ أطلق من جنوب لبنان في محيط مستوطنة بنيامين ق


.. إعلام سوري: هجوم عنيف بطائرات مسيرة انتحارية على قاعدة للقوا




.. أبرز قادة حزب الله اللبناني الذين اغتالتهم إسرائيل


.. ما موقف محور المقاومة الذي تقوده إيران من المشهد التصعيدي في




.. فيما لم ترد طهران على اغتيال هنية.. هل سترد إيران على مقتل ن