الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


استهداف الصين بالأقليات الدينية

ناجح شاهين

2019 / 12 / 28
مواضيع وابحاث سياسية


استهداف الصين بالأقليات الدينية والعرقية
أعربت الفنانة اللبنانية أليسا عن صدمتها من المطاردة التي يتعرض لها المسلمون الإيغور في الصين. وقالت إن الصين التي تتقدم في التكنولوجيا يجب أن تتقدم أيضاً في حقوق الإنسان. وعلى الرغم من أن أليسا مسيحية إلا أنها لم تستطع منع مشاعرها من التدفق حزناً على مسلمي الصين. كذلك خرج مسعود أوزيل لاعب كرة القدم الألماني عن طوره ووجه نداء عاطفياً حاراً للعالم الإسلامي من أجل أن يتدخل وينقذ المسلمين الإيغور الذين يقتل أئمتهم وتحرق مصاحفهم ومساجدهم. لعل من الملائم أن نذكر أن أليسا تتبنى موقفاً معادياً للرئيس عون وللمقاومة اللبنانية على السواء. وعلى الرغم من معاداة الفنانة لإسرائيل إلا أنهم يبثون أغانيها ويتبادلون معها الكلام دائماً وخصوصا أفيخي درعي المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي.
ليس موقف أليسا فريداً من نوعه. هناك أشخاص كثيرون مسلمون ومسيحيون يتضامنون مع مسلمي الصين. وبعيداً عن الأفراد، وعوداً إلى الدول والمؤسسات لا يمكن القول إن ما يحدث في الصين بدعة من أي نوع. فهذه طريقة الولايات المتحدة في الهجوم على الخواصر الضعيفة للأعداء: التجمعات الإثنية والطائفية والدينية. هذه أفضل من حصان طروادة ذاته في اختراق الجبهات المستعصية. وإن غاب هذا النوع من الفئات الاجتماعية، فإن مجموعات حقوق الإنسان وقوى "المجتمع المدني" قادرة على القيام بالواجب. لكن توافر الفئات الاجتماعية الجاهزة للحراك المعادي للدولة/الأمة يظل أساساً قوياً لنشاط مجموعات حقوق الإنسان المحلية والدولية إضافة إلى قوى المجتمع المدني ذات التوجه الديمقراطي الغربي الهوى والاتجاه. ليس من العسير أن نجد عشرات الأمثلة على استخدام هذه الطرق ضد من يحاول تحدي الإرادة الأمريكية أو الثورة ضدها أو الانشقاق عليها. والصين ليست استثناء. لكن الصين منذ عقد من الزمن على الاقل تشكل المنافس/العدو الأخطر للولايات المتحدة. إنها العدو الذي قد تضطر أمريكا إلى خوض حرب حقيقية ضده بالسبل كلها بما في ذلك العسكرية حفاظاً على موقعها بوصفها البلد المهيمن في العالم منذ الحرب الأوروبية الكبيرة المنتهية سنة 1945.
في سياق افتعال المشاكل والانشقاقات المزعجة للصين تم تأسيس الحزب التركستاني الإسلامي سنة 1988 بدعم ورعاية من وكالة المخابرات الأمريكية لإحداث الفوضى في أنحاء الصين خصوصا في منطقة تشنجيانغ في شمال غرب البلاد. يوجد حزب يحمل الاسم نفسه في باكستان، لكن هذا الحزب الناشط في الباكستان لا يحظى برضى المخابرات الأمريكية التي تصنفه حزباً إرهابياً خلافاً لشقيقه الإيغوري الذي يقع في خانة المقاتلين من أجل الحرية في الصين وخارجها على السواء. وسبب ذلك أنه على الرغم من تماثل الحزبين في كل شيء إلا أنهما يختلفان جوهرياً، لأن احدهما عدو للصين والآخر عدو لباكستان، مع الأخذ بالحسبان أن أنشطتهما تتقاطع في نطاق مشاركة الحزبين في الحرب "الجهادية" في سوريا.
نشط الإيغور وحزبهم هذا في أعمال إرهابية ضد الصين طوال عقد التسعينيات. وفي هذه الحقبة تلقوا رعاية واسعة من المخابرات الأمريكية والتركية. وقد ذهب القائد الصاعد في منتصف التسعينات رجب طيب إردوغان إلى حد الادعاء بأن أقاربه الأتراك في تشنجيانغ يستحقون الحرية والاستقلال. وفي حينه بينت الحكومة الصينية أن الأولى بالأتراك الالتفات إلى مطالب الأكراد والعرب الخاضعين للاحتلال التركي منذ عقود عديدة. عموما حاول الحزب التركستاني تقليد نمط الحرب الجهادية الأفغانية/العربية ضد السوفييت، لكن أحداث البرجين سنة 2001 خلطت الكثير من الأوراق، ووجد الإيغور أنفسهم منخرطين في حرب القاعدة وطالبان ضد الأمريكان.
يبرز اسم أنور يوسف توراني الذي يعيش في ولاية فيرجينيا منذ العام 1988 بوصفه قائداً بارزا من قادة الإيغور الجذريين. وقد أسس من موقعه في الولايات المتحدة حزباً ثورياً للحرب على الصين من أجل استقلال تشنجيانغ. وهناك قيادية إيغورية بارزة أخرى هي رابعة قدير التي تعيش أيضاً في فيرجينيا وتتلقى المساعدات من الصندق القومي لنشر الديمقراطية، وتقود حزبا يطالب باستقلال الإيغور عن الصين. وقد تأسس حزبها المسمى المؤتمر الدولي للإيغور بإشراف وكالة المخابرات المركزية التي ساعدت زوجها أيضاً في إدارة نشاطه المتصل بالعمل في إذاعة صوت آسيا الحرة التابع للحكومة الأمريكية. استعانت السيدة قدير بصديقتها كوندا ليزا رايس من أجل مساعدتها في البحث عن حقوق الإيغور، كما طلبت المساعدة من اليابان وتركيا ودول "صديقة" أخرى. وقد قام أعضاء المؤتمر الأويغوري العالمي المنعقد في عام 2006 في ميونخ بألمانيا بانتخابها بالإجماع رئيساً للمؤتمر.
وعندما عقد المؤتمرالأيغوري العالمي اجتماعه الثالث في واشنطن عام 2009 بحضور أعضاء الوفود والمراقبين من دول عديدة من بينها استراليا، بلجيكا، كندا، الدنمارك، فرنسا، ألمانيا، هولندا، اليابان، كازاخستان، قيرغيزستان، نرويج ، السويد، تركيا، والولايات المتحدة الأمريكية، أعاد انتخابه السيدة رابعة قدير بالإجماع مرة أخرى رئيساً لمؤتمر الأويغور العالمي.
من الواضح أن اهتمام الولايات المتحدة وحلفائها بحقوق الإيغور (الشعب/الأمة؟) منذ بداية الإقلاع الصيني أواخر الثمانيينات. ولا بد أن هذا الاهتمام قد تصاعد وتسارع في العقدين الأخيرين متلازماً مع مع اهتمام الولايات المتحدة المتزايد أيضاً بحقوق التبت تحت قيادة الداي لالاما، والحريات في هونغ كونغ التي يقدم الصندوق القومي لنشر الديمقراطية عشرات الملايين من الدولارات لتنشيط المظاهرات فيها. . لكن منطقة الإيغور تمتاز بأمور أخرى تحتاج إلى بعض الإيضاح.
تحتوي منطقة تشنجيانغ على 12 مليار طن من النفط، وعلى 40 في المائة من احتياط الصين من الفحم. وهذا بالطبع مفتاح أساس لفهم الاهتمام الذي يوليه البيت الأبيض للمنطقة، مع أن خلق الاضطرابات في الصين يشكل في ذاته سبباً كافياً للاهتمام الأمريكي. وهناك بالطبع الطريق الكوني حزام الحرير الذي يمكن لأمريكا أن تقوضه باستخدام المجاهدين الإيغور الذيين يعودون من سوريا بعد أن استفادوا خبرات واسعة تمكنهم من اطلاق الجهاد في منطقة تشنجيانغ لتخريب المشروع الصيني الكبير الرامي إلى ربط البشر عبر مئات الآلاف من الكيلومترات مما يطلق لأول مرة كونا لا مركزية غربية فيه.
في منتصف أيلول الماضي بدأت الحملة الأمريكية الواسعة لسن التشريعات ضد الصين بسبب "ممارساتها" ضد الإيغور. لكن كل من يتعامل مع أمريكا يعرف الحكاية: إما أن تسمح الصين للعصابات بتخريب البلد كما تهوى، وإما أن ُتتهم بانتهاك حقوق الناس . هذه استراتيجية ليست جديدة . بالطبع لا فائدة من الصراخ بأن ستين مدنياً أعزلاً قد قصفتهم طائرة فانتوم في البيت الذي اعتصموا فيه في مدينة فيلادلفيا لأنهم "شقوا" عصا الطاعة على الدولة والقانون ...الخ. ماتوا جميعا اطفالا ونساء ورجالا. كانت تلك مأساة حركة "موف" التي لا ُيعرف عنها الكثير حتى في داخل الولايات المتحدة . تعرفون القضايا الذائعة واسعة الانتشار هي التي ينشرها الإعلام الأمريكي ومن يدور في فلكه. وتأتي معظم المعلومات بالطبع عن منطقة تشنغيانغ وغيرها من مصادر أمريكية. وحتى الأمم المتحدة لم تقر بأن هناك أي حصار يتعرض له مسلمو الإيغور، هذا على افتراض أن أمريكا قلقة بشأن المسلمين في أي مكان.
أخيراً يجدر بنا أن نشير إلى وجود مرتزقة إرهابيين حول العالم ينتمون إلى الإيغور ويخدمون الأجندات الأمريكية والتركية خاصة. ويبدو أن هناك 18 ألف من الإيغور في سوريا منهم 5000 مقاتل على الأقل . وتشير التقارير إلى أن الإيغور قد شرعوا في الوصول إلى ليبيا بإشارة من المخابرات التركية.
بالطبع هؤلاء إرهابيون فيما نحسب، ولكن منظمات حقوق الإنسان المختصة بالصين والتي تتعاون مع الصندوق الداعم للديمقراطية تراهم مقاتلين من أجل الحرية، وترى أن الصين تتجنى على حقوقهم الإيغور الأساسية. لكن هؤلاء الإيغور "الأبرياء" سيصبحون كنزا ثمينا عند عودتهم، أو من يتبقى منهم، إلى تشنجيانغ أو حتى إلى أفغانستان خصوصاً بعد أن تدربوا على تفجير الكنائس في شمال سوريا في منطقة جسر الشغور وغيرها، إضافة إلى التدريب الثمين الذي سيكتسبونه في ميادين الحرب المختلفة في سياق الصراع التركي في ليبيا.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. عقوبات أميركية على مستوطنين متطرفين في الضفة الغربية


.. إسرائيلي يستفز أنصار فلسطين لتسهيل اعتقالهم في أمريكا




.. الشرطة الأمريكية تواصل التحقيق بعد إضرام رجل النار بنفسه أما


.. الرد الإيراني يتصدر اهتمام وسائل الإعلام الإسرائيلية




.. الضربات بين إيران وإسرائيل أعادت الود المفقود بين بايدن ونتن