الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ملاحظات اوليه على كتاب يزيد صايغ الجديد: أولياء الجمهورية: تشريح الإقتصاد العسكري المصري.

سعيد علام
اعلامى مصرى وكاتب مستقل.

(Saeid Allam)

2019 / 12 / 28
مواضيع وابحاث سياسية


"تحتّل المؤسسة العسكرية في مصر شطراً من الاقتصاد الوطني أقل بكثير مما يُعتقد عموماً. بيد أن استيلاءها على مقاليد السلطة في العام 2013 وما تلاه من صعود نجم الرئيس عبد الفتاح السيسي، غيّرا دوره على صعيدَي النطاق والحجم، وحوّله إلى طرف اقتصادي فاعل يحظى باستقلالية تمكّنه من إعادة تشكيل الأسواق والتأثير على سياسات الحكومة واستراتيجيات الاستثمار".
يزيد صايغ.






فى الدراسه القيمه "أولياء الجمهورية: تشريح الإقتصاد العسكري المصري."(1) للباحث المرموق يزيد صايغ يخلص الى استنتاج هام رئيسى ".. أن أي حكومة مصرية لن تستطيع ممارسة الإدارة الاقتصادية الفعّالة، إلى أن يتم وضع حد لشبكات الضباط غير الرسمية في كلٍ من الجهاز البيروقراطي المدني، وشركات القطاع العام، ودوائر الحكم المحلي.".

الا ان هذا الاستنتاج الهام الرئيسى، لم يكن موفق تماماً، ففى سياق الدراسه، اورد الصايغ ثلاث نقاط متصله غير دقيقه، ادت الى هذا الخلل فى الاستنتاج الرئيسى .. حيث رأى الصايغ ان المسؤولين المصرين والغربين، يغضوا الطرف عن مشاكل الاقتصاد المصرى ويصدرون التقديرات الوردية حول المؤشرات الاقتصادية الكبرى في مصر، ذلك لانهم يأملون بأنه سيكون بمستطاع السيسي، بطريقة ما، بناء دكتاتورية تنموية ناجحة وهو ما قد يفسّر، وفقاً لصايغ، أسباب قفزهم فوق القمع العنيف للحريات السياسية والاجتماعية، ولخروقاتها الفادحة لحقوق الإنسان. كما يرى الصايغ، أن الاتجاهات الراهنة تشي بأن السيسي سيبقى أسير شركائه الأساسيين في الائتلاف الحاكم، ورهينة الاندفاع العسكري إلى زيادة وتيرة الانخراط في الاقتصاد.

اولاً، بالنسبه للنقطة الاولى، عندما يكون التجاهل "غض الطرف" عن مشاكل الاقتصاد المصرى، واطلاق "التقديرات الوردية حول المؤشرات الاقتصادية الكبرى في مصر"، عندما يكون هذا التغاضى عن مشاكل الاقتصاد المصرى، مقصوداً، يصبح سياسه ممنهجه، وليس مجرد انتظار بغض الطرف!. ذلك لانه عندما يكون ما يتم من سياسات اقتصاديه فى مصر، هو بالضبط السياسات المطلوبه عالمياً من حكام عالم اليوم، الشركات العملاقه والمؤسسات الماليه الدوليه، العابرتان للقوميات، المجسده للنيوليبراليه الاقتصاديه، لذا فلا يكون هناك مجال لافتراض انه مجرد تجاهل "غض الطرف"، بل الصحيح هو انه ترويج متعمد من الاقتصاديين البرجوازيين الليبراليين، واحيانا اليساريين، خدم الرأسماليه الدائمين، انه "تضليل"، دعائى لهذه السياسات الاقتصاديه النيوليبراليه المتحيزة لقله ثريه، بنتائج ورديه "مضلله".

ثانياً، بالنسبه للنقطه الثانيه، "يأمل هؤلاء المسؤولون بأنه سيكون بمستطاع السيسي، بطريقة ما، بناء دكتاتورية تنموية ناجحة"، ليس هناك تأمل "يأمل"، انما هناك، رؤيه واضحة للانجازات التى تتم فى مصر، لصالح حكام عالم اليوم، ووكلائهم المحليين، وهو فى نفس الوقت ما يفسر قفزهم على، "يتغاضون" عن، القمع العنيف للحريات السياسية والاجتماعية، ولخروقاتها الفادحة لحقوق الإنسان. اى انه ليس الامل فى "أنه سيكون بمستطاع السيسي، بطريقة ما، بناء دكتاتورية تنموية ناجحة"، هو الذى يجعلهم يقفزون "يتغاضون" عن هذه التجاوزات، انما كونهم يروا بأم اعينهم مصالحهم وهى تتحقق، هذا هو الذى يجعلهم يقفزون على، "يتغاضون" عن، القمع العنيف للحريات السياسية والاجتماعية، ولخروقاتها الفادحة لحقوق الإنسان.

ثالثاً، بالنسبه للنقطة الثالثة، بـ"أن السيسي سيبقى أسير شركائه الأساسيين في الائتلاف الحاكم، ورهينة الاندفاع العسكري إلى زيادة وتيرة الانخراط في الاقتصاد."، لن يظل السيسى رهينه للجيش بسبب ازدياد وتيرة الانخراط فى الاقتصاد، ببساطه لان حكام عالم اليوم، الرأسماليه العالميه، لن يسمحوا بان يظل الجيش يستحوذ على الاقتصاد، وهذا ما كتبت عنه حتى قبل ان يعلن السيسى عن طرح شركات الجيش فى البورصه فى مقال "أخيراً، بدء خصخصة اقتصاد الجيش، كيف؟! حقاً، لقد بدأت مرحلة الجهاد الاعظم."(2).


وبالتالى، ووفقاً للنقاط الثلاث السابقة، فان الاستنتاج الرئيسى "وضع حد لشبكات الضباط غير الرسمية في كلٍ من الجهاز البيروقراطي المدني، وشركات القطاع العام، ودوائر الحكم المحلي."، لن يتم لكى تستطيع "أي حكومة مصرية لن تستطيع ممارسة الإدارة الاقتصادية الفعّالة"، وانما سيتم لان حكام عالم اليوم يريدون ان يسيطروا بأنفسهم على السوق المصرى، استهلاكاً وتملكاً، مدنياً وعسكرياً، سواء بأنفسهم او عن طريق وكلاء محليين، وهم فى سبيل ذلك، وهو الاهم، لا يريدون دوله قويه، "حكومة مصرية .. تستطيع ممارسة الإدارة الاقتصادية الفعّالة"، بل يريدون دوله فى حدها الادنى، دورها الاساسى الاول، جباية الضرائب، الذى سيسخر جزء كبير منها للبنيه التحتيه، اللازمه لاستثمار المستثمرين، وعلى ان يكون الدور الاساسى الثانى للدوله، هو حفظ الامن، لضمان قدر الاستقرار، الشرط اللازم للاستثمار، وبالطبع ميزانية الامن ستقطتع من حصيلة الضرائب التى تشكل نسبة مساهمة المواطن (غير المستثمر) فيها نسبه لا تقل عن 80% منها، كل ذلك من ناحية، ومن الناحية الاخرى، امام هذه الدوله الضعيفه تواجهها شركات عملاقه متوحشه، اما فروع للشركات العملاقه العابره للقوميات، او شركات محليه مدمجه عضوياً فى دولاب الشركات العملاقه الام، وهو ما يتناقض مع استنتاج الصايغ الرئيسى من وصفة الطريق الى "حكومة مصرية .. تستطيع ممارسة الإدارة الاقتصادية الفعّالة".



المصادر:
(1) "أولياء الجمهورية: تشريح الإقتصاد العسكري المصري."، مركز كارنيجى للشرق الاوسط، يزيد صايغ.
https://carnegie-mec.org/2019/12/04/ar-pub-80489
(2) "أخيراً، بدء خصخصة اقتصاد الجيش، كيف؟! حقاً، لقد بدأت مرحلة الجهاد الاعظم."
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=655458








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. روسيا تعلن استهداف خطوط توصيل الأسلحة الغربية إلى أوكرانيا |


.. أنصار الله: دفاعاتنا الجوية أسقطت طائرة مسيرة أمريكية بأجواء




.. ??تعرف على خريطة الاحتجاجات الطلابية في الجامعات الأمريكية


.. حزب الله يعلن تنفيذه 4 هجمات ضد مواقع إسرائيلية قبالة الحدود




.. وزير الدفاع الأميركي يقول إن على إيران أن تشكك بفعالية أنظمة