الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


- مهيدو - أو رحلة البحث عن الماء ب - البيدو -

علي أحماد

2019 / 12 / 28
الادب والفن


في حديث عابر عن الماء الذي يجري جانب القرية ( أولاد حضرية / جماعة سانية بالركيك / قيادة الغنادرة ) عبر ساقية / قناة واسعة تخترق قرى عدة من دكالة لتصل الى محطة الضخ التي توزعه على حقول الشمندر السكري المترامية . قالت
( خرجت النسوة يزغردن فرحات عند تدشين المجرى المائي فقاطعهن رجل حكيم لا تفرحن كثيرا فقد يأتي عليكن يوم تتحول زغاريدكن الملعلعة الى ولولات حزينة ) وفي حديث آخر مع معلم من أهل البلد أكد لي أن ( معلما أرسل تلميذين أخوين ليمتحا الماء من الساقية وفي محاولة سيزيفية لملإ الدلوين جرفهما التيار وفارقا الحياة . رمى المعلم محفظتيهما وسط حقول القمح وسجلاهما غائبين كأنهما لم يأتيا المدرسة قط بنية التستر على الجرم المصيبة . لكن الأب كان أكثر صبرا وإيمانا بالقضاء والقدر وجاءه وهو يبكي وخاطبه بالقول :
( أعلم أنك ارسلتهما الى الساقية ولم تكن تظن أنهما سيقضيان غرقا ..كنت أطمع أن تعزيني في فقدان فلذتي كبدي .. عزائي وعزاؤك واحد )
سامحه الرجل عن فعل مقدر وغير مقصود كان سيقضي على مستقبله . هكذا بدأت علاقتي بالماء بدكالة وبقي البحث عنه وشما محفورا في الذاكرة بنصل خنجر حام وهاجسا يقض مضجعي في ثنائية الحياة والموت ...الزغاريد والبكاء ...الفرح و الفاجعة .
الماء ضرورة ملحة وكل شيء حي من الماء . كلفت بعض التلاميذ الكبار بإحضار الماء من الساقية بعد انتهاء زمن الدرس وتكلفت بإعداد الشاي لهم الى أن قدر لأحدهم أن يجرح في رجله بشظية من زجاج قنينة رماها أحدهم الى الماء . حضرت أمه الى منزلي وهي ترغي وتزبد كالجمل الهائج . اعتذرت لها عن مصاب ولدها وتحملت غضبها وعدم تأدبها في حضرة معلم لأنها أم أفجعها حال الولد وتألمت لألمها . بعد كأس شاي وقد عاد اليها هدوؤها قبلت اعتذاري وأعذاري ودلتني على يافع يقوم بالمهمة مقابل أجر زهيد .
مهيدو يافع قميء معقوف أصابع كلتا يديه . يتيم يعيش في حطة / عشة من قصب وطين مع أبيه وأخته . مهدي إسمه الحقيقي . ثرثار وفضولي لكن نفعه يرغمني على تحمله فمن يقبل خدمتي سواه . داوم مهيدو على إحضار الماء من القناة على نقالة ( برويطة ) يضع عليها دلوا أسود كبير من مطاط تكفينا حمولته يومين أو اكثر . كل أسبوع أنفحه مبلغا من المال دون محاسبة وأجزل له العطاء في المناسبات ...
كم عانيت عند وفرة التساقطات وحبس الماء عن الساقية حيث يصبح غورا صعب المنال ....
بعد أيام من الحادث دعتنا أم الولد المصاب الى بيتها لتناول وجبة الغذاء ورحبت بنا ترحيبا يلامس شغاف القلب . واكتشفت طيبة الأهالي بدكالة . ومن حينها نشأت صداقة بينا وبين أهل الدار .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فيلم كارتون لأطفال غزة معجزة صنعت تحت القصف??


.. فنانة تشكيلية فلسطينية قصفولها المرسم??




.. فيلم -لا غزة تعيش بالأمل- رشيد مشهراوي مع منى الشاذلي


.. لحظة إغماء بنت ونيس فى عزاء والدتها.. الفنانة ريم أحمد تسقط




.. بالدموع .. بنت ونيس الفنانة ريم أحمد تستقبل عزاء والدتها وأش