الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حسناء ورحلة البحث عن الماء بفرس دهماء .

علي أحماد

2019 / 12 / 28
سيرة ذاتية


منذ أن سكنت القرية بدكالة مدرسا / فقيها اضطررت أن أطلب حاجتي من ماء الشرب من الجيران . أغلب الناس يملكون عربات مجهزة ببراميل تجرها البغال أو الأحصنة ويقطعون مسافات طويلة للوصول الى البئر . يجتمع حولها خلق غفير من النساء و الصبايا ، الرجال والشباب طلبا للماء العذب من دواوير عدة ، فلا عين ولا نهر هنا وبعض الناس يعجبون من جريان الماء فوق وجه الأرض .
يطول الإنتظار في طابور لا ينتهي . مع الوقت وكثرة السقاة يجف قعر البئر فيتلمسون ظل عرباتهم الوارف وقتا غير محدد حتى تمتلأ حقينة البئر من جديد . يستغرق منهم هذا العمل سحابة النهار . عانيت من تكرار الطلب وأصبحت أخجل من ذلك رغم أن لا أحد ردني أو صدني ...وهذه الأرض الخصبة المعطاء الجواد أهلها لا يعيبها سوى نذرة الماء مما يشكل عبئا يثقل الكاهل . رحلة البحث عن الماء مضنية تتطلب العدة و الجهد .
حسناء صبية اجتمعت فيها أوصاف غادة جميلة لون البشرة قمحي ، طول القامة ، سواد الطرف والشعر وبياض الأسنان . نذرت نفسها لخدمة بيت جدتها مادامت خلفة أمها من البنات . أضحت تربطنا علاقة صداقة متينة مع خالها منذ أن حلت بالقرية خالة لها مطلقة قادمة من مدينة الرباط وتدخلت لها لتتكفل وتتكلف بالمطعم المدرسي . حفظ لي أهلها هذا الجميل . ووجدت الزوجة دفء الملجأ وأنيس الوحدة والغربة وكرم الضيافة كلما غبت لأقضي مصلحة بالأسواق المجاورة ( سبت سايس...خميس الزمامرة أو ثلاثاء سيدي بنور )..
قبلت حسناء أن تملأ لنا برميلا من البلاستيك اشتريته لهذا المراد ماء عذبا . ظلت الزوجة تشتكي من نزق هذه الصبية فقد فطنت بحس الأنوثة أنها تحبني وتخدمنا لتبقى قريبة مني . إنها الغيرة عندما تتأجج نارها في القلب يمكن أن تجنح الى الأسوإ . لم تفلح حسناء في اخفاء مشاعرها الجياشة نحوي ولم أجاريها فيما تطلب من مبادلتها نفس الشعور . أقنعتها بحاجتنا الملحة الى خدمة حسناء ولولاها لمتنا عطشا أو فقدنا ماء الوجه تسولا . أعلم وتعلم الزوجة أننا نستغل عاطفة نبيلة لنقضي مصلحة دنيوية دنيئة . مسرحية سمجة كنت فيها ممثلا سخيفا ، لكن الضرورات تبيح المحظورات .
دأبت حسناء على تزويدنا بالماء الزلال طول مقامنا بدكالة دون كلل أو ملل .سنظل نذكر لها هذا الجميل وندعو لها بخير الجزاء وإن ابعدت بيننا المسافات في الزمان والمكان وطال الفراق ....








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. البرازيل.. سنوات الرصاص • فرانس 24 / FRANCE 24


.. قصف إسرائيلي عنيف على -تل السلطان- و-تل الزهور- في رفح




.. هل يتحول غرب أفريقيا إلى ساحة صراع بين روسيا والغرب؟.. أندري


.. رفح تستعد لاجتياح إسرائيلي.. -الورقة الأخيرة- ومفترق طرق حرب




.. الجيش الإسرائيلي: طائراتنا قصفت مباني عسكرية لحزب الله في عي