الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قراءة في كتاب - النخبة العربية و الإسلامية قضايا الديموقراطية – المثقف- السلطة - للمؤلف الدكتور حسن مسكين .

شعيب دواح الزيراوي

2019 / 12 / 29
الادب والفن


قراءة في كتاب " النخبة العربية و الإسلامية قضايا الديموقراطية – المثقف- السلطة " للمؤلف الدكتور حسن مسكين .
1- مؤلف الكتاب : د. حسن مسكين ، أستاذ جامعي بكلية الآداب و العلوم الإنسانية ، جامعة شعيب الدكالي ، مدينة الجديدة ، المغرب .
من إصدراته : - " مناهج الدراسات الأدبية الحديثة من التاريخ إلى الحجاج " ، صدرت عن دار الرحاب الحديثة ، 2010.
- " أزمة النخب العربية : الثقافة و التنمية " ، صدرت عن دار الرحاب الحديثة ، 2012
- " اللغة و الفكر : دراسة نقدية "، صدرت عن دار الرحاب الحديثة ، 2014.
- " الحياة السياسية في المغرب المعاصر ، الحكومة و المعارضة نموذجا ، دراسة في الخطاب و الممارسة " ، صدر عن دار الرحاب الحديثة ، سنة 2016
2- وصف الكتاب وتوثيقه :
الكتاب هو من الحجم المتوسط . عدد صفحاته 125 صفحة . الطبعة الأولى ، سنة 2017، عن دار الرحاب الحديثة للطباعة و النشر و التوزيع ، بيروت ، لبنان .
3- الخطة المنهجية و التصميم العام :
الكتاب جاء في فصلين .
الفصل الأول يتحدث عن النخب العربية و الإسلامية ، أسئلة الحرية و ما سمي بالديموقراطية .
الفصل الثاني أخذ كعنوان له ، المثقف و السلطة : إدوارد سعيد ناظرا و منظورا .
في الفصل الأول :
دعا المؤلف إلى بناء أنظمة سياسية حقيقية و غير مشوهة مُعبرة عن إرادة شعوبها، بعيدا كل البعد عن الاستبداد و تتحقق فيها الكرامة و العدالة الاجتماعية و دعوة صريحة إلى اتحاد إرادة الحكام و الشعوب العربية و الإسلامية .كما دعا المؤلف إلى توحيد الرؤيا من طرف نخب جديدة قادرة على فضح مخططات الكيان الصهيوني .كما فضح بيع النخب لنفسها مقابل امتيازات و دواعي مادية ، كما وضح أن هناك أنظمة عربية مشبوهة أمست ضد القضية الفلسطينية ومتعاونة مع الكيان الصهيوني الغاشم .
ما سمي بالديموقراطية أمست لدى البعض مجرد واجهة لحماية الرأسمال و التقنية و وسيلة لتبرير الأوتوقرطية و التقليد .كما أن هناك صعوبة في الفصل بين هذه الديمقراطية و أمراضها ، سواء كانت ديمقراطية شعبية أو اشتراكية أو راديكالية أو اسلامية رغم أنها تعتبر من آخر ما توصلت إليه أنظمة الدول المتقدمة .الفصل ناقش أيضا التناقض في فهم الديمقراطية بين الإسلاميين و الحداثيين ، حيث رأى الإسلاميين أن الديمقراطية يمثل تطبيق مقاصد الشورى الإسلامية التي تعد أساس الحكم العادل و الرشيد ، حكم يقيد الحاكمين و المحكومين و ذلك بمنعهم من الانسياق للأهواء و السُّلط المطلقة و الاستبداد و الخضوع للشهوات .
الفصل الأول أيضا تطرّق لمفهوم مهم و هو مفهوم الحُرية و التي يعتبرها المؤلف أبرز المداخل الأساسية لقيام ما سمي بالديمقراطية و تأسيس الدولة الحديثة و تباين المفهوم لدى الاتجاه الإسلامي المعتدل و المتشدد و الاتجاه الحداثي اليساري و الليبرالي و صراعهما من أجل إخضاع واحد منهما الآخر بعيدا عن التوافق في تدبير الاختلاف و بعيدا عن التسلط و الإستقواء باسم الشرعية أو الشريعة .
في محور الدولة الدينية و الدولة المدنية ركز المؤلف على مفهوم المواطنة في تأسيس أي دولة حديثة و دور باقي الشعوب و الحضارات الأخرى في بناء مفهوم حديث للدولة و الدولة العادلة حسب المفكر في علم الاجتماع ابن خلدون من مميزات سقوط الدولة نجد، الفساد و الاستبداد و إهمال مصالح الناس .
لامس المؤلف سبب تخلف الدول العربية هو سيادة مظاهر الاستبداد و غياب الحريات و هزالة البحث العلمي و دور الجامعة و تدهور الفكر النقدي و آفة الاستبداد خنقت ملكة الفكر و الإبداع و الابتكار و فساد بيئة سليمة لمواطن و لأجيال بكاملها حيث التعليم هو قاطرة و رافعة مهمة نحو التقدم و تشكيل وعي و تطوير حاجيات و تأطير مواطن يعرف ما له من حقوق و ما عليه من واجبات و من احترام كرامة وشرف الآخر .يرى المؤلف أن ضرورة بناء أنظمة ديموقراطية تبقى كفيلة بالخروج من شرنقة التخلف و من عنق زجاجة واقع مزري تتجسد فيه كل الأفكار البئيسة و العنيفة و ذلك لمواجهة مخطط تقسيمي ، صهيوني .فساد الأحزاب و هوانها كبيوت العنكبوت أدت إلى تحيزها إلى صف الحاكم المستبد و خوفها نتيجة توريطها و أكلها لطعم الإذلال و الخنوع و من تم تأطير شباب بثقافة سياسية مهينة تسود فيها ثقافة الخنوع و التسلط و الذوبان و عدم تجاوز و الخروج عن نخبة الحزب التي باعت شرفها وصوتها مقابل ضياع زمن أجيال و من تم الحصول على ورقة الانهيار و الانحلال و السقوط الحر نحو المجهول.
الفصل الثاني : المثقف و السلطة ( إدوارد سعيد ناظرا و منظورا).
إدوارد سعيد ( 1نونبر 1935-25 شتنبر 2003) ولد في القدس المحتلة و توفي في نيويورك، منظر أدبي فلسطيني – أمريكي ، كان أستاذا للغة الانجليزية و الأدب المقارن في جامعة كولومبيا في الولايات المتحدة ، كما كان مدافعا عن حقوق الإنسان للشعب الفلسطيني ، كما كان إدوارد سعيد من الشخصيات المؤثرة في النقد الحضاري و الأدب ، كما نال شهرة واسعة خصوصا في كتابه " الإستشراق" المنشور سنة 1978.
حيث رأى المؤلف بأن علاقة المثقف بالسلطة هي علاقة معقدة و متشعبة المستويات متعددة الدلالات ، حيث ، المثقف يقدم نفسه أنه ضمير الأمة و السلطة تتدخل كضامن للنظام و الاستقرار ضد الفوضى و التفرقة و سعيها ( السلطة) إلى الحفاظ على دورها في ضبط المجتمع و تكريس الهيمنة والوجود الدائم لكن دون غلو و شطط إلى درجة إنهاء وجود الآخر .
تطرق المؤلف إلى تعريف المثقف بدوره ، ذاك الشخص الذي يتكلف بتوعية المجتمع من أجل تنميته.و المثقف هو الذي يسعى إلى التأثير و التغيير بما ينعكس إيجابا على المجتمع كله .من مجالات عمل المثقف نجد ،مجال الفكر و الأدب و الفن و العلم أي المجال الثقافي بصفة عامة ، نظرا لامتلاكه ثقافة واسعة و معرفة بأحوال المجتمع في شتى مناحيه و مجالاته ، وما لديهم من خبرة و ثقافة و قدرة على الفهم و النقد و الاستيعاب و الاستشراف و التصدي و فضح مخططات الهيمنة و الاستغلال و الرامية إلى تكريس التخلف و تثبيت دعائم السلطة المستبدة .
ناقش المؤلف العلاقة بين المثقف و السلطة من حيث المرجع و الوظيفة ، حيث أن هذه العلاقة قديمة و مرتبطة بتنظيم الإنسان و مسألة توظيف المثقفين من أجل فرض المخططات و تركيع الشعوب و من تم كبح الأصوات الحرة ، المنادية بالعدل و الحرية و الديمقراطية ، و نتيجة هذا التواطؤ يمسي الفساد قانونا و القتل مبررا و الظلم حقا و تنحدر الدولة نحو التخلف و أدنى المراتب .كما تبقى العلاقة بين المثقف و السلطة علاقة تشنج و حرمان من الرأي و تهميشه إعلاميا ( المفكر المغربي المهدي المنجرة نموذجا ) و حينما يغيب المثقف تغيب البدائل التنموية و يغيب التوجيه و الاستشراف و التخطيط الصحيح و الناجع و الناجح.
المثقف يبقى ذو فكر عالمي و إنساني دون أن يسقط نتيجة انحراف في الفكر، و يصبح يخدم مخططات السلطة و تبرير البطش الاستعماري و المتاجرة في دم الأبرياء و الشعوب والمواطنين حيث أن المثقف يصبح أشد خطورة حينما يناصر الظلم و العدوان الإسرائيلي ، الصهيوني على الفلسطينيين . طمع المثقف و راء الحصول على مناصب و جوائز كبرى ، عادات فكرية سلبية ، مصدرها الفساد لدى المثقف.أمام هذه المعطيات الخانقة ينأى المثقف بنفسه إلى الهامش حيث تتناقص مظاهر التوتر و يعبر عن طريق الكتابة الصحفية ( مقالات و استجوابات) و تأليف الكتب و قد يختار المنفى أيضا أو السفر خارج وطنه .
المثقف حامل لمشروع فئة اجتماعية ـ تسعى إلى تحديد أهداف و تحقيق مصالح مادية و معنوية أو الحفاظ على هوية و ثقافة و تحقيق تطور و نماء مادي و معنوي و المثقف ملتصق بهموم المواطنين و يدافع عن كل ما هو تاريخي و جغرافي و اجتماعي و سياسي ، كما أن المثقف مناضل مرتبط بطبقة تناضل من أجل حقوقها كاملة غير منقوصة ، كما يساهم المثقف في قول الحقيقة و الكشف عنها بشكل موضوعي حتى لو كلفه ذلك المنفى . التضييق على المثقفين الأحرار عامل من العوامل التي تجعل المثقف مبعد نحو أمكنة و فضاءات بعيدة و مجهولة نتيجة أفكاره و رأيه و مواقفه و سلوكه تجاه قضايا محورية و فاصلة و هامة للدولة و للأمة ككل. في المنفى يبقى المثقف بعيدا عن الانصهار و الذوبان حيث يبقى نابضا بقضيته و همه الذي كان سببا في منفاه و يتجه إلى الكتابة في منفاه كتعبير عن الرفض و على القتل النفسي و الاغتيال المعنوي له من طرف السلطة الغاشمة و الظالمة و العائمة وسط بحر الشطط و الاستبداد، و الكتابة تبقى سر وجوده و رافعة و دعامة لبلوغ صوته كل مطلع أخبار و كل مُخبر و تبقى الكتابة سببا في استمراره حيا ، فاعلا ، مؤثرا سواء كان هذا المنفى منفى واقعيا أو افتراضيا .
الجديد الذي يحمله الكتاب هو تشريح لأسباب التخلف و الانحطاط و الهوة الكبيرة بين الدول المتخلفة و الدول المتقدمة و طغيان الاستبداد و خيانة نخبة الدول المتخلفة و فراغ أحزاب و سيادة كل مظاهر الفساد و الهوان أمام الكيان الصهيوني . الكتاب أيضا سلط الضوء على المثقف العضوي المعاصر و أخذ كمثال له الفلسطيني – الأمريكي إدوارد سعيد الذي ناضل في المنفى من أجل القضية الفلسطينية والعلاقة بين المثقف و السلطة ، هذه العلاقة المتشنجة و التي قد تصل إلى نفي المثقف وربما اغتياله بشكل نهائي و بالتالي سيادة عوامل القهر و الظلم و الاستعمار الثقافي و الإستيلاب الهوياتي و الثقافي و تغلغل الكيان الصهيوني ليس في فلسطين ، بل في باقي الدول العربية التي باعت نخبتها شرفها و عملها.كما حمل الكتاب فكرة ضرورة تطوير ما سمي بالديمقراطية و اتحاد الحاكم و المحكوم و سيادة التشاور و سيادة مبدأ الحرية ، هذه الأخيرة التي كانت سببا في غياب الإبداع و الابتكار و التقدم .و يمكن القول أن المؤلف يبقى ثمرة مجهود كبير و يمكن أن يساعد الباحث الأكاديمي و القارئ العادي في فهم و معالجة القضايا الراهنة للمجتمع و الواقع.
من إعداد شعيب دواح الزيراوي/ طالب جامعي أدب أنجليزي/جامعة شعيب الدكالي .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. طنجة المغربية تحتضن اليوم العالمي لموسيقى الجاز


.. فرح يوسف مهرجان الإسكندرية للفيلم القصير خرج بشكل عالمى وقدم




.. أول حكم ضد ترمب بقضية الممثلة الإباحية بالمحكمة الجنائية في


.. الممثل الباكستاني إحسان خان يدعم فلسطين بفعالية للأزياء




.. كلمة أخيرة - سامي مغاوري يروي ذكرياته وبداياته الفنية | اللق