الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الأخطاء الفلسطينية القاتلة..الى متى؟

حسين ديبان

2006 / 5 / 29
القضية الفلسطينية


ماتشهده الأراضي الفلسطينية من اقتتال داخلي هذه الأيام ليس جديدا على الساحة الفلسطينية، فجولات الإقتتال الداخلي لم تتوقف يوما إلا لتعود من جديد بشكل أعنف ولفترة زمنية أطول، وفي كل تلك الجولات مارست الأطراف الفلسطينية العنف ضد بعضها وضد أبناء هذا الشعب أقسى بكثير مما مارسته القوات الإسرائيلية، كما وأن جولات الإقتتال تلك كانت في غالبيتها تشتعل استجابة لطلب من أطراف خارجية عربية واقليمية ارتضى هذا الطرف الفلسطيني أو ذاك بأن يكون أداة لتحقيق أهداف حتى لو أدى ذلك الى مئات الضحايا من أبناء شعبه، وبالإضافة طبعا لبعض حالات الإقتتال التي حدثت بدون أن يكون للعامل الخارجي أي دور فيها. حدثت فقط نتيجة رؤى مصلحية نفعية ضيقة مالية أو تنظيمية، كان من نتيجتها الحاق الأذى البالغ بقضية شعبنا على كل المستويات اضافة لما نتج عنها من خسائر كبيرة في الأرواح والممتلكات.

فقد اقتتل الفلسطينيون عقب الخروج من بيروت، وكان شمال لبنان ساحة لمعاركهم البينية التي اشتعلت بعد الانشقاق الذي حدث في حركة فتح ونتج عنه ولادة فصيل لا يتلقى اوامره الا من نظام الدكتاتور السوري الراحل حافظ الأسد، وكان للأسد الأب ما أراده من تصفية لحساباته الشخصية مع الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات من خلال معارك فلسطينية فلسطينية دامية زجَ خلالها النظام السوري بقوات جيش التحرير الفلسطيني المتواجد في سوريا الى جانب الفصيل المنشق فتح الإنتفاضة وجبهة أحمد جبريل ضد اخوانهم من بقية الفصائل الفلسطينية. لم يطل الوفاق الفلسطيني الداخلي طويلا بعد توقف ذلك الإقتتال حتى بدأت حرب داخلية أخرى بين الجبهتين الشعبية والديمقراطية راح ضحيتها مجموعة من الشباب اليافع، لتشتعل بعد ذلك عام ثمانية وثمانون وتسعمائة وألف حرب دامية أخرى بدأتها كما الأولى الفصائل الموالية لسوريا بدعم كامل وعلني من نظامها الديكتاتوري وكان أغلب ضحاياها من أبناء المخيمات الأبرياء الذين عانوا قبل ذلك من ويلات حروب متكررة شنتها عليهم حركة نبيه بري الرئيس الحالي لمجلس النواب اللبناني، وخلال سنوات الإنتفاضة الأولى شهد الشعب الفلسطيني في الداخل حرباً داخلية وتصفية حسابات غريبة جدا تحت مبررات التخوين والعمالة لاسرائيل راح ضحيتها المئات من الشباب الفلسطيني، لتعود حالة الإقتتال الفلسطيني الأن وبشكل أكثر دموية من ذي قبل في ظل وجود لاعب رئيسي في الساحة السياسية لا يرى الا نفسه، ولا يعتبر الآخرين الا خونة وعملاء وربما كفرة لا ينفع معهم الا لغة السلاح، بغض النظر عن التصريحات الكاذبة التي تؤكد على حرمة الدم الفلسطيني وعلى الوحدة الوطنية.

اذاً مع وصول حماس الى السلطة بفوز كبير لم تكن تتوقع نصف حجمه في أحسن الظروف، وفي ظل غياب كامل لأي برنامج واقعي لدى حماس للتعامل مع مشكلات الشعب الفلسطيني داخليا وخارجيا، كان لابد لهذه الحركة والقائمين عليها وداعميها من السوريين والايرانيين، أن يتجهوا الى خلط الأوراق في الساحة الإقليمية من خلال تفجير الأوضاع في الأراضي الفلسطينية، وهو ماسيؤدي الى وقف أي محاولات في سبيل العودة الى طاولة المفاوضات مع الجانب الاسرائيلي، ظنا منهم ان ذلك سيكون عاملا أساسيا لكسب الوقت في صراع النظامين السوري والايراني مع المجتمع الدولي كلٌ ضمن ملفه الخاص به، ترافق مع اشعال نار هذه الحرب اصرار من جانب حماس على تجاهل الاتفاقات السابقة التي وقعتها السلطة الفلسطينية وعدم اعترافها بها مما أدى الى وقف تعامل العالم مع الفلسطينيين وايقاف الدعم المالي لهم حتى تمتثل سلطتهم الجديدة للقرارات الدولية والاتفاقات الموقعة والاعتراف بدولة اسرائيل الذي لن يجدي عدم الاعتراف بها شيئا بعد ان اصبحت واقعا يبزُ في واقعيته الوجود العربي والفلسطيني ذاته، وكان لوقف المساعدات الدولية ماكان من آثار مدمرة على الشعب الفلسطيني حيث لم يتلقى أكثر من مائة وخمسون ألف موظف رواتبهم للشهر الثالث على التوالي مما أفقدهم وعوائلهم حتى القدرة على أكل الزعتر والزيتون، وهو الطلب الذي طلبه منهم رئيس الوزراء الحمساوي اسماعيل هنية للصمود في وجه "المؤامرات الأمريكية والصهيونية" على حد زعمه.

لم تتوقف الأخطاء الفلسطينية القاتلة يوما، سواء الأخطاء الفلسطينية داخل البيت الفلسطيني أو تلك الأخطاء التي ارتكبها الفلسطينيون تجاه الآخر العربي من خلال تدخلهم بأمور عربية داخلية لا تعنيهم أبدا، وكان من الطبيعي أن يكون من نتيجة تلك الأخطاء القاتلة حروبا فلسطينية داخلية كما أسلفت، وحملات ابادة وتهجير من قبل أطراف عربية نالها أذىً لا يمكن نكرانه أو تجاهله ( العراق والكويت والأردن ولبنان) نتيجة المواقف الخاطئة للفلسطينيين وقيادتهم، كما وان الأخطاء السياسية الفلسطينية الشعبية والرسمية تجاه الأحداث الدولية وخصوصا مظاهر الفرح وتوزيع الحلوى فرحا بأحداث الحادي عشر من سبتمبر الإرهابية كان لها دور كبير أيضا في ايصال الحال الفلسطيني الى ماهو عليه حاليا، عبر فقدان حالة الاحترام والتضامن الدولي مع القضية الفلسطينية.

يعود الأن الفلسطينيين الى ارتكاب ذات الأخطاء، من خلال اصرار حماس على خوض معركة ايرانية سورية على الارض الفلسطينية وبدماء الأبرياء من أبناء شعبنا الفلسطيني، وكذلك رفضها الالتزام بالاتفاقات الموقعة مع الجانب الاسرائيلي، كما وان عصابات أبو موسى واحمد جبريل عادت للتمادي على أبناء الشعب اللبناني الكريم وجيشه الوطني بدعم كامل من سوريا وبعض الاطراف اللبنانية التي قبلت على نفسها ان تكون أداة طيعة بيد النظام الديكتاتوري السوري يستعملها ضد أحرار لبنان ورجاله الشرفاء كلما دعت حاجته التدميرية لذلك، وعلى رأس هذه الأطراف حزب الله الذي يريد ان "يبيض" على الدنيا الى الابد بشعاراته المبتذلة حول المقاومة وتحرير الأراضي.

تواصل مسلسل الأخطاء الفلسطينية بحق الذات وحق الغير، لن يكون من نتيجته إلا استمرار المعاناة الفلسطينية وتراجع ماتبقى من تعاطف دولي مع قضيتنا وصولا الى انعدامه بالكامل، كما وان على الفلسطينيين وهم الذين انتخبوا حماس بكامل ارادتهم وبعيدا عن عوامل الفساد الفتحاوي التي دفعتهم لانتخاب حماس، عليهم ان يتحملوا مسؤولية اختيارهم الى النهاية، فلايمكن أن استجدي اموال اوروبية وامريكية واسرائيلية وعربية حتى ان توفرت وفي ذات الوقت أُقدم على انتخاب طرف لايعترف بهؤلاء جميعا، طرف لا يرى الحق الا في جعبته وهو ابعد مايكون عن الحق..طرف يُخون الآخرين بينما لا يُؤتمن هو حتى على نفسه..طرف يرى الديمقراطية من منظاره الديني الضيق الذي لا يسمح له برؤية أحد غيره..

الحوار الفلسطيني المنعقد الأن ماهو الا لذر الرماد في العيون، ورأينا كيف ان المتحاورين في الداخل يصدحون كذباً بعبارات الحرص على الوحدة الوطنية وحرمة الدم الفلسطيني، بينما الملثمون في الخارج يعيثون قتلا وتخريبا وارهابا للناس، والحل الوحيد الممكن يتمثل في العودة للشعب من جديد الذي يكفيه ثلاثة أشهر من مرارة العلقم التي ذاقها نتيجة اختياره الخاطئ، ولا بأس فإن عثرات الديمقراطية لا يمكن حلها الا بمزيد من الخطوات على ترسيخ الديمقراطية وصولا الا وعي جماهيري حقيقي يسمح لهذه الجماهير ان تنتخب الطرف الذي يستجيب لمصالحها ويسعى لتحقيق آمانيها في الحرية والإستقلال، وبغير ذلك لن يسود الا طريق الخراب والدمار الذي تحبذه حماس ومن خلفها المنظمة الإرهابية الأم الاخوان المسلمين، الذين لا يؤمنون إلا بالحل الإلهي العدمي لهذه القضية، حيث لا حل حسب رأيهم الا مع نهاية الكون وقيامة قيامتهم.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. -تشاسيف يار-.. مدينة أوكرانية تدفع فاتورة سياسة الأرض المحرو


.. ناشط كويتي يوثق آثار تدمير الاحتلال الإسرائيلي مستشفى ناصر ب




.. مرسل الجزيرة: فشل المفاوضات بين إدارة معهد ماساتشوستس للتقني


.. الرئيس الكولومبي يعلن قطع بلاده العلاقات الدبلوماسية مع إسرا




.. فيديو: صور جوية تظهر مدى الدمار المرعب في تشاسيف يار بأوكران