الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أكذوبة -نظرية المؤامرة- غيّبت الشعوب العربية عن الصراع العالمي

كرم خليل

2019 / 12 / 30
مواضيع وابحاث سياسية


يعدّ مصطلح "نظرية المؤامرة" الأكثر شيوعاً والتي سيطرت على معظم عقول الشباب العربي لا سيما خلال ما يسمّى "بالربيع العربي" فقد استخدمت الأنظمة العربية هذا المصطلح بكثافة عبر وسائل الإعلام الرسمية لتغيير مسار الشعوب المطالبة بحقوق المواطنة والتي من أبرزها انتخاب حاكم لبلدهم بشكل ديموقراطي، في حين أن الأنظمة الديكتاتورية لا تسمح بذلك.
"نظرية المؤامرة"
تعرف بأن المؤامرة لها طرفان رئيسيان، هما المتآمر (وهم الحكومات عادةً) والمُتآمر عليه (وهو الشعب عادةً) لإخفاء الحقيقة، وهي (مثلما هو واضح من التسمية) مقتبسة من الفعل تآمر والذي يعني صياغة أكاذيب بشكل منظم.
حيث أنني لا أؤمن بنظرية المؤامرة على الإسلام أو المسلمين التي سيطرت على عقولنا لعقود ؛ ولكننا في الحقيقة خارج حركة التاريخ ولا نتغير أو نريد أن ندرك بأن طبيعة الصراعات والسياسات في العالم تتغير. و أكثرنا لا يعرف ماهي الظروف التي نشأت بسببها الإيديولوجيات والنظم السياسية والاقتصادية بسياقها التاريخي، وكيف غيرت هذه النظم طبيعة الصراع القائم قبل نشأتها.
حيث أن الصراع كان مثلاً بين الدولة الاسلامية والبيزنطية صراع ايديولوجي ديني، ولكن بعد نشوء العلمانية لتخليص الشعوب من سيطرة الكنيسة، هنا لم يعد الصراع ديني مع الأمم الأخرى بل أصبح بعد الثورة الصناعية استعمارياً للحصول على المواد الأولية من الدول الفقيرة.
"المؤامرة الكونية" في سوريا ودور الإعلام السلبي في ترسيخها :
هذه النظرية التي لطالما تداولتها وسائل الإعلام الرسمية التابعة للنظام السوري، ومنذ الوهلة الأولى لبداية الثورة السورية ضد بشار الأسد في سوريا، استطاع الإعلام السلبي ترسيخ ما يسمى بـ "المؤامرة الكونية على سوريا"، في عقول الشعب السوري على مدى السنوات الماضية، لا سيما أن "بشار الأسد" نفسه قد ذكر في أول خطاب له بعد خروج الشعب السوري إلى الشارع "أن سوريا تتعرض لمؤامرة كبيرة تمتد خيوطها إلى الخارج" ويعود ليناقض نفسه بعد أن تبنى نظرية المؤامرة التي يتم تداولها في الإعلام الرسمي بقوله "لايوجد نظرية مؤامرة، بل يوجد مؤامرة في العالم والمؤامرة هي جزء من الطبيعة الإنسانية" على حد تعبيره.
فقد لعب الإعلام الرسمي في سوريا دورا سلبيا بارزا في ترسيخ النظريات التي يعتمدها رأس النظام السوري، وهذا دليل كاف لوصف النظام بالديكتاتوري.
الثورة السورية تجردت من ثوابتها بهشاشة المجتمع:
فالثورة السورية هي ثورة شعبية بكل ما تعنيه الكلمة من معنى، وكانت لها خصائص وأسس واضحة، حيث أن من يستقرئ التاريخ السياسي العالمي سيجد أن قدرة الشعوب على التغيير السياسي وإسقاط أنظمة الاستبداد المتقادمة ترتبط بعاملين اثنين:
العامل الموضوعي / المتعين بوصول الاجتماع السياسي في البلد حد الانسداد التام وانقطاع التواصل ، والجدل النازل أو الصاعد بين النظام السياسي والقاعدة الشعبية.
العامل الذاتي / المتمثل بإدراك وشعور أفراد الشعب أنهم مصدر القوة والتأثير ، من حيث قدرتهم على إبقاء النظام السياسي أو إسقاطه مجسداً بشعار (الشعب يريد .... الشعب قرر ....).
ومن هنا كان الانسداد السياسي للحالة الوطنية هو ما دفع الشعب للثورة والعمل على كسر المسار السياسي برمته ، وضرورة إيجاد مسار سياسي جديد يحقق الانفراج في الحالة الوطنية ، ويفتح طريق المستقبل أمام تقدم الأوطان ، من خلال إسقاط النظام الاستبدادي ، وبناء نظام سياسي ديمقراطي تعددي ، تمهيداً لبناء الدولة الوطنية الديمقراطية المدنية ( لا دينية ولا عسكرية ولا بروليتارية).
ومن الطبيعي أن يكون لكل ثورة شعبية خصائصها المميزة ، ممثلة بفئاتها وأدواتها وعمق تغييرها وغاياتها وتوقيتها وطول فترتها الزمنية ، والتي تختلف من تجربة ثورية لأخرى ، ومن مرحلة لأخرى.
إلا أن هشاشة المجتمع جعلت منه أداة سهلة لإدخاله في الصراعات العالمية الجارية، وبذلك قد نجحت القوى العالمية في تغيير مسار ثورة الشعب لكي يكون أداة تحارب به لأجل مصالحها في المنطقة.
الصراعات العالمية في الشرق الأوسط :

قال رئيس مجموعة الأزمات الدولية بواشنطن روبرت مالي- أنه لا يوجد أي طرف داخل المنطقة أو خارجها يريد خوض حرب، ومع ذلك من الصعب تفادي حدوثها بالنظر إلى التطورات الإقليمية، حيث أن استراتيجية الرئيس اوباما كانت تقوم على أن الصراعات في منطقة الشرق الأوسط يتم إيكالها إلى الأدوات، أي أن أمريكا لن تتدخل بشكل مباشر في الجانب العسكري، وبالتالي جاء العدوان على اليمن عبر الأدوات " الإمارات وإيران والسعودية".
وعن التدخل الخارجي قال عندما تتعايش الدول الضعيفة مع لاعبين غير حكوميين أقوياء تنشأ بيئة مثالية للتدخل الخارجي، وينشأ طريق ذو اتجاهين بين الداخل والخارج.
و أن هناك سلسلة من التحولات العالمية والإقليمية والمحلية جعلت التطورات الفاعلة بالمنطقة أكثر غموضاً، وتشمل هذه التحولات العالمية حضور الصين الحالي على المسرح العالمي، وانبعاث روسيا من جديد، والانحسار النسبي للولايات المتحدة.
وفي الشرق الأوسط توجد قوتين متصارعتين، القوى الغربية وتضم أوروبا و الولايات المتحدة الأمريكية، و القوى الشرقية: الصين وروسيا.
ويأتي الدور الأوروبي متماهي مع الدور الإمريكي، من خلال إدارة الصراع في الشرق الأوسط، ولديهم أجندة واحدة فيما يتعلق بمصادر الطاقة، وفيما يتعلق أيضا بالتعامل مع الأنظمة العربية من الأنظمة المتمردة على النظام العالمي الجديد.
أما عن القوى الشرقية، من المتوقع أن يتمدد النفوذ الصيني أكثر من النفوذ الروسي، من خلال الاحتياج الصيني للمنطقة من أجل مصادر الطاقة، وروسيا دولة منتجة للنفط، كما أن لروسيا حضور من خلال تمسكها بسوريا، وعلاقاتها مع دول الخليج والتي لها تأثير في مستوى معين ولكن التأثير الأكبر للولايات المتحدة الأمريكية.
كما أن النفوذ الصيني يمكن معرفته من خلال طريق "الحزام والحرير"، الصين الآن تعمل على أن تصل بضائعها إلى جميع أرجاء العالم،والتدخل الخارجي في اليمن جعل الصين تفكر في تحالفات مع دول غربي البحر الأحمر مثل "جيبوتي"، حيث أن الهيمنة الإماراتية على ميناء عدن يعيق وجود أي مشروع يمني صيني يجعل اليمن محطة من محطات هذا الطريق الذي تخطط له الصين لما له من عائد اقتصادي كبير جداً لليمن، وبالتالي ستتأثر الإمارات والذي يستوجب تمسكها بميناء عدن في اليمن، وأن تظل السواحل الغربية والجنوبية تحت السيطرة الإماراتية منعاً لأي مشروع صيني يمني يسهل دخول اليمن في الخط التجاري الذي تخطط له الصين.
وقد لجأت الصين الآن إلى ميناء جوادر في باكستان الذي سيرتبط مباشرة في ميناء بمنطقة جيبوتي، حيث أن هناك صراع تركي قطري صيني أمريكي على هذه الموانئ أيضاً، إلا أن الولايات المتحدة لا تريد لهذا المشروع أن ينجح رغم أن الصين قطعت أشواطاً كبيرة فيه.
فيما تنظر روسيا إلى الشرق الأوسط من خلال سوريا وتدخّلها في سوريا قائم على الواقع الجغرافي، وهناك مقولة لملكة روسية قديمة تعبر عن الوجود الروسي في سوريا: " باب روسيا القرم ومفتاحها سوريا".
الخلاصة:
لا بد أن نتفهّم أن "نظرية المؤامرة" هي أكذوبة من صنع الأنظمة الديكتاتورية، اقتحمت عقول الشباب العربي لتغييبه عن الواقع السياسي الجديد، لذا فإن الصراع العالمي الجديد يشكّل خطراً على الشعوب العربية الهشة، لذلك فإن وحدة الشعوب وتفادي الشروخ فيما بينها أمر يستوجب علينا العمل عليه لتفادي الدخول في الصراع العالمي الحديث الذي يسعى لتحقيق مصالحه والضحية دائما ما تكون شعوب في المنطقة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. شبح -الحي الميت- السنوار يخيم على قراءة الإعلام الإسرائيلي ل


.. الحركة الطلابية في الجامعات : هل توجد أطراف توظف الاحتجاجات




.. جنود ماكرون أو طائرات ال F16 .. من يصل أولاً إلى أوكرانيا؟؟


.. القناة 12الإسرائيلية: إسرائيل استخدمت قطر لتعمّق الانقسام ال




.. التنين الصيني يفرد جناحيه بوجه أميركا.. وأوروبا تائهة! | #ال