الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


نحو حوارً متمدن

ميثم سلمان
كاتب

(Maitham Salman)

2006 / 5 / 29
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


مثلما تتناسل الصراعات السياسية على ارض العراق , تتناسل بذات الوتيرة المدونات السياسية على الورق . ورغم تنوع تلك المدونات إلا إنه يمكن تبويبها في بابين رئيسيين هما:باب يروج للمقاومة المسلحة وآخر للعملية السياسية. كلاهما يدعي أن بابه هو المدخل الأوحد لوطن واحد مستقر وحر ووو. كلاهما يدجج بابه بآخر تقليعات الشتيمة والسب والتخوين والاتهام للآخر. كلاهما يشحذ مقاصله لاستئصال صوت الآخر ويعطل آذانه وقلبه قبل الشروع بمحاورة الآخر. و رغم تقارب شعاراتهم وهتافاتهم ظاهرياً ( الاستقلال, التحرر, المواطنة, العدل, الديمقراطية,قبول الآخر,,) إلا إنهما لم يشتبكا قط في حوارٍ ناضج وَبنّاء كما يفترض بالمثقف الداعي للتغيير بعيدا عن المهاترات والاتهامات والمناكفات . كلاهما أوغل في تحصين وتدعيم بابه بالحواجز الكونكريتة فعاد عصياً دمجهما في بوابة واحدة تفضي حقا لوطن واحد.
باب المدافعين عن المقاومة المسلحة يُفصّلون العالم وفق معادلات نظرية فقط تعلو على ارض الواقع كثيراً, ومثال هذه المعادلات(طالما أن هناك احتلال توجد مقاومة مسلحة وعليه منطقيا تكون تلك المقاومة شريفة ووطنية) و يرون أن من الوقاحة مسائلة جماعات المقاومة المسلحة عن تاريخها السياسي ومصدر تمويلها, و مناقشة برنامجها السياسي والفكري وما جدية تحقيقها للديمقراطية بعد تحرير البلد من المحتل, ومن يناقش ويفضح تورط هذه المقاومة بأعمال إرهابية وارتباط بعضها بالنظام الساقط المنحط هو عميل وكاتب مدفوع الثمن .
برأي كُتّاب هذا الباب أن مجرد رفع السلاح ضد القوات الأجنبية وأحيانا الحكومية كفيل بغسل الذنوب ويُشرّع التفخيخ العشوائي أما الذبح الطائفي والخطف و تخريب البنية التحتية فهي من أعمال الاحتلال حتى وان اعترفت بها ذات الجماعات التي تقاتل المحتل , ومن يعمل في الحكومة فهو كلب وخائن وإمعة حتى لو جاء نتيجة انتخابات, كذلك من يعمل في الدولة بشتى مفاصلها هو غير وطني وذنب للمحتل ,أما قوات الجيش والشرطة فهي أدوات فقط بيد المحتل لضرب المقاومة .
الإعلام العراقي في نظرهم هو صنيعة الاحتلال حتى وان وجدت صحف وقنوات إذاعية وتلفزيونية تروج للمقاومة وتنتقد ممارسات الاحتلال وتعارض الحكومة . نظرية المؤامرة لدى كتاب هذا الباب هي القاعدة الأوحد لاستقراء حقيقة ما يدور في الكون, إيغالنا في التخلف والقبلية : مؤامرة أمريكية ؛ كتابة دستورا دائما للبلاد: مؤامرة أمريكية حتى لو شاركت في كتابته مختلف تشكيلات الطيف العراقي ؛الانتخابات مؤامرة أمريكية كبرى حتى وان زحف ملايين الناس بمحض أرادتهم للتصويت متحدين كل تهديدات البهائم المفخخة .
الأمثلة التاريخية التي تقدمها هذه الكتابات عن نجاح الكفاح المسلح بطرد الاحتلال الأمريكي هو فيتنام متناسين أن الشعب الفيتنامي ضحى بأكثر من خمسة عشر مليوناً قبل أن تضطر أمريكا للانسحاب مستجيبة لضغط الشارع الأمريكي وما تزال فيتنام تفتقد إلى الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان فضلا على الفقر والتخلف الاقتصادي رغم تحريرها من الاستعمار الأمريكي قبل عشرات السنين. الضحية في هذه الكتابات هو من تضربه قوات الاحتلال أو المليشيات المرتبطة بالحكومة ولا وجود لذكر ضحايا الإرهاب إلا من باب شتم الوضع الأمني العام الناتج عن الاحتلال .
السوداوية والتشاؤم واليأس والسلبية هي السمة الغالبة على مدونات هذا الباب دون تقديم حلول واقعية للازمة العراقية فهم يحملقون فقط في الجزء الفارغ من الكأس.
أما باب المدافعين عن العملية السياسية فهم واقعيون إلى درجة الوقوع في حتمية وقدرية تواجد قوات الاحتلال ووجود ذات الوجوه في السلطة بحجة أن الاحتلال قوة عظمى تقدر على دحر الإرهاب وان السياسيين الحاليين هم خيار الشعب ؛حتى لو ثبت فشل الاحتلال بكل عدته من القضاء على الإرهاب وثبت تلكأ وطائفية وفساد معظم هؤلاء السياسيين. مدونات هؤلاء تمجد كل من يدخل في العملية السياسية وتغفر له ذنوبه وفساده الإداري وطائفيته وتحز بيته وتتهم كل من ينتقد سوء أدارته با لبعثية والقومجية والترويج للإرهاب والانغلاق حتى لو كان هذا ا لناقد نفسه ضحية الحكم ألبعثي الجائر والإرهاب الأعمى.
المؤسسات الإعلامية في العراق الجديد بنظرهم حرة ومستقلة حتى لو أدارتها عمائم اليمين واليسار ومول بعضها البنتاغون ونشر مقالات مدفوعة الثمن في ثنايا بعض الصحف تبيض وجه الاحتلال. الفساد الإداري وتهريب النفط ومصائب العراق كلها عند أصحاب هذا الباب, هي فقط من مخلفات العهد البائد وكأنه لم يمر أكثر من ثلاث سنين على انهياره, وثبوت تورط رؤوس كبيرة بالتهريب و(اللغف) واستشراء الفساد حتى في أروقة القضاء .
مثالهم التاريخي الساند لفكرة التحرير من الأمريكان دون مقاومة مسلحة هو التجربة اليابانية والألمانية متناسين أن القوات الأمريكية مازالت موجودة في هذه الدول بعد أكثر من خمسين سنة من احتلالها. التفاؤل المجاني أحيانا وتزويق المصائب هي السمة الغالبة على مدونات هذا الباب فهم يحملقون فقط في الجزء الملئان من الكأس.

فمتى يرى كتاب هذان البابان كامل الكأس بجزأيه الفارغ والملئان ؟
متى يستنكروا الجريمة بغض النظر عن الفاعل والمفعول به ويكرسوا المبدأ الإنساني: لا تنصر الظالم حتى وان كان أخوك؟
متى يروا المشهد بما هو لا كما يريدوه أن يكون؟
ومتى تفتح أبواب العراق وقلوبه على بعضها البعض ؟ . هي مجرد دعوة لحوارٍ متمدن ناضج








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الجيش الإسرائيلي يواصل عملياته في جباليا ورفح بينما ينسحب من


.. نتنياهو: القضاء على حماس ضروري لصعود حكم فلسطيني بديل




.. الفلسطينيون يحيون ذكرى النكبة بمسيرات حاشدة في المدن الفلسطي


.. شبكات | بالفيديو.. تكتيكات القسام الجديدة في العمليات المركب




.. شبكات | جزائري يحتجز جاره لـ 28 عاما في زريبة أغنام ويثير صد