الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


نهاية عقد ..بداية عهد!

ناجح العبيدي
اقتصادي وإعلامي مقيم في برلين

(Nagih Al-obaid)

2020 / 1 / 1
مواضيع وابحاث سياسية


احتفل فالح الفياض مستشار الأمن الوطني العراقي وهادي العامري رئيس كتلة "البناء" وقادة ميليشيات شيعية أخرى بطريقتهم الخاصة بنهاية عام 2019 وبداية العقد الثاني من الألفية الثالثة. لم يرفعوا نخب العام الجديد 2020، وإنما كانت علائم "النصر" بادية عليهم وهم يحتلفون بإحراق الحواجز المقامة أمام السفارة الأمريكية وسط المنطقة الخضراء في العاصمة العراقية بغداد. لكن من خلال السماح لأتباع الحشد الشعبي وأنصار كتائب حزب الله العراقي بدخول المنطقة شديدة التحصين ومحاولة اقتحام السفارة قرع قادة "البيت" الشيعي الأجراس لإنهاء مرحلة ما بعد 2003 وبدء عهد جديد في العراق.
لم يقتصر دعم الولايات المتحدة الأمريكية للزعماء الشيعة على الإطاحة بحكم الطاغية صدام حسين في ربيع 2003 وإنهاء قمع غير مسبوق تعرضت له الأكثرية الشيعية إلى جانب الكورد فحسب. واشنطن ساعدت أيضا في تنظيم أول انتخابات ديمقراطية في تاريخ العراق، ومهدت بالتالي لمجيء حكم جديد ذي غالبية شيعية. في الوقت نفسه توصلت الإدارة الأمريكية في ظل بوش الإبن وأوباما إلى اتفاق ضمني مع إيران على تقاسم النفوذ في بلاد الرافدين.
غير أن الهجوم على مجمع السفارة الأمريكية في آخر يوم من العام الماضي يعني عمليا تفكك عرى التحالف الشيعي-الأمريكي في العراق الذي دام بهذا الشكل أو ذاك طيلة 16 عاما، وكذلك تغيير قواعد اللعبة تماما مع طهران فيما يخص الساحة العراقية. صحيح أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بدأ فور وصوله البيت الأبيض بسياسة ممارسة أقصى ضغط على نظام ولاية الفقيه في إيران وأذرعه السياسية والعسكرية في المنطقة، إلّا أن الطرفين حافظا على تفاهماتهما بهذا القدر أو ذاك في العراق خلال محاربة إرهاب تنظيم الدولة الإسلامية/ داعش. كما حافظت واشنطن على شعرة معاوية في علاقتها بالإسلام السياسي الشيعي العراقي وواصلت دعمها المالي والعسكري القوي للحكومة العراقية والذي تكثف أكثر أثناء رئاسة حيدر العبادي بعد 2014. لكن الآن تغيّرت قواعد المعادلة.
بعد استهداف قواعد كتائب حزب الله العراقي والرد "الشيعي" عليها أصبح من المؤكد أن إدارة ترامب ستراجع سياسيتها إزاء العراق. صحيح أن الضربة الأمريكية تبدو غير مدروسة تماما ووفرت فرصة لإيران وحلفائها لتسجيل نصر سياسي ومعنوي، لكن التقييم النهائي للأحداث يتطلب انتظار الأيام والأسابيع القادمة، سيما وأن محاصرة السفارة في بغداد ذكّر الرأي العام الأمريكي باقتحام مقر البعثة الدبلوماسية الأمريكية في ظهران واختطاف طاقمها قبل 4 عقود من قبل أنصار راديكاليين للخيميني، وما عناه ذلك من إذلال للقوة العظمي. وكل ذلك يأتي مع بدء العد التنازلي للانتخابات الرئاسية الأمريكية التي ستجرى خلال أقل من عام وطموحات ترامب بالفوز مجددا. ومن دون شك أن الرئيس الأمريكي يجد نفسه مضطرا لإعادة حساباته وضبط بوصلة مواقفه تجاه الصراعات المحتدمة في العراق.
من المؤكد أن قيادات الأحزاب الكردية العراقية سترى في تفاقم التوتر الأمريكي-الشيعي العراقي فرصة سانحة لإظهار "ولائها" التقليدي لحليفها الأمريكي ولتعزيز استقلالية أربيل عن بغداد. من جهة أخرى توفر هذه التطورات للأحزاب والقوى السنية العراقية بمختلف توجهاتها أرضية مناسبة لترميم وتحسين علاقتها مع إدارة ترامب.
غير أنه يصعب القول أيضا بإن "البيت" الشيعي العراقي سيتخذ موقفا موحدا. فقد أثبت وصول أتباع الحشد الشعبي إلى محيط السفارة الأمريكية بسهولة والموقف الضعيف والمتخاذل للقوات الأمنية، بل وحتى ترحيبها بـ"المحتجين" مدى هيمنة ميليشيات الحشد الشعبي على مقاليد السلطة في الدولة العراقية. من المرجح أن هذا الوضع سيؤدي إلى إصطفاف جديد داخل "البيت" الشيعي الهش أصلا. فمن الواضح أن مقتدي الصدر وحيدر العبادي ، زعيمي الكتلة الأولى والثالثة في البرلمان العراقي سيشعران بالقلق من تغير موازين القوى لصالح قوى معروفة بأنها تملك علاقة أقوى بإيران وتحظى بدعمها.
أما السؤال الأكبر فيتعلق بتأثيرات الغارات الجوية ضد ميليشيات حزب الله العراقي ومحاولة اقتحام السفارة الأمريكية على موجة الاحتجاجات المستمرة من 3 أشهر وعلى موقف إدارة ترامب منها. فهل تنجح القوى الموالية لطهران في سحب البساط من تحت الحراك الشعبي المطالب برحيل الطبقة السياسية وتحجيم النفوذ الإيراني في العراق، أم أن التطورات الأخيرة ستساهم في فرز المواقف في الشارع العراقي وتعزيز الأمل برسم ملامح عهد جديد في عشرينيات القرن الواحد والعشرين.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. دعوات دولية لحماس لإطلاق سراح الرهائن والحركة تشترط وقف الحر


.. بيان مشترك يدعو إلى الإفراج الفوري عن المحتجزين في قطاع غزة.




.. غزيون يبحثون عن الأمان والراحة على شاطئ دير البلح وسط الحرب


.. صحيفة إسرائيلية: اقتراح وقف إطلاق النار يستجيب لمطالب حماس ب




.. البنتاغون: بدأنا بناء رصيف بحري في غزة لتوفير المساعدات