الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الخِلافُ فقط على السِعر

امين يونس

2020 / 1 / 1
كتابات ساخرة


" .. الكاتب الإيرلندي الساخر الشهير ، برناردشو ، كانَ مَدعواً في حفلةٍ بلندن .. وشاءت المُصادَفة أن تجلس بجانبهِ مُمثِلة جميلة .. فإقترَبَ منها وهمسَ في أُذنِها : هل تنامينَ معي ليلةً مُقابِل مليون جنيه ؟ رَدَتْ الممثلة على الفور : نعم بالتأكيد . وبعد قليل سألها برناردشو : هل نستطيع تخفيض المبلغ إلى عشرين جُنيهاً ؟ فنظرَتْ إليهِ غاضبَةً : كلا أيها السيِد .. مَنْ تظنني أكون ؟ أجابها شو بِثِقة : عرفنا مَنْ تكونين .. الخلاف الآن حول السعر !! " .
رموز العملية السياسية منذ 2003 ، ولا سيما من المُتاجرين بالدين والمذهب والقومية ، لا فَرْقَ بينهم وبين المُمثلةِ أعلاه التي مقعدها بِجوار برناردشو .. حيث إكتشف شو ، بذكاءه ودهاءه وبسؤالٍ واحِد ، ان هذهِ السيدة ليستْ صاحبة مبدأ ، ولا تعدو ان تكون " سلعة " ، إذا عرضتَ عليها مَبلغاً كبيراً ، فأنها مُستعدة أن تقوم بأي شئ .. لكنك إذا عرضتَ عليها مبلغاً بسيطاً ، فأنها تتظاهَر بالشَرَف ! .
أصحاب " السماحة " و " العمائم " السوداء والبيضاء .. أصحاب الفخامة رافعي شعارات " القومية " و " الوطنية " .. لقد مَثّلتُم علينا أدواراً عديدة خلال السنوات الماضية كُلها : دَور الضحايا والمظلومين ، دَور بُناة العراق الجديد ، دَور المُنتَخَبين من خلال فعلٍ ديمقراطي ، دَور المُدافعين عن السيادة والأخلاق والوطنية . وعلى الرغم أن تمثيلكم كانَ في مُنتهى السوء وساذجاً ومُفتعلاً ، وجميع أدواركم كانتْ مُخادِعة وفاسدة ... إلأّ أننا نحنُ المتفرجون طيلة سنوات ، لم نكتشف ذلك بصورةٍ جلية وواضحة ..صحيح ان قِلّة مِنّا ، كان يقول منذ البداية ، ان " النَص " سخيف وغير معقول وأن الإنتاج مشبوهٌ وأن المُخرج مجرم ذو سوابق كثيرة .. لكن صوت هذه القلّة ضاعَ وسط الهرج والمرج ! .
وأخيراً ومع بداية تشرين / إكتوبر 2019 ، تغيرتْ المُعادَلة ، وإرتفع صوتٌ لا يُقهَر : صوت الشباب الواعي : كفى لكل هذا الفساد ، كفى لكل هذه الطبقة الطفيلية المجرمة ، كفى للمُتاجرة بالدين والمذهب والقومية ... نعم ، مُتظاهري ومعتصمي وثُوار بغداد والمحافظات ، السلميين ، الذين قدموا مئات الشهداء وعشرات آلاف الجرحى .. أحيوا الأمل في قلوبنا جميعاً ، رغم كُل المحاربة الشَرِسة والأساليب الحقيرة التي تستخدمها السُلطات والميليشيات المنفلِتة ، ضدهم . وآخر هذه الأفعال الخبيثة الهادفة إلى إجهاض الحراك الشعبي : الفصل الدراماتيكي الذي بدأ بِمَشهَد قصف معسكر قُرب كركوك ، مِنْ قِبَل ميليشيات وقتل مُقاول أمريكي ، أعقَبهُ مَشهَد قصف أمريكي على معسكر للميليشيات في القائم وقتل وجرح العشرات ، ثٌم تصاعدتْ الدراما لتصل إلى مَشهَد محاصرة السفارة الأمريكية وإشعال النار في بعض البوابات الثانوية من السفارة ، مِنْ قِبَل مؤيدي الميليشيات يتوسطهم قادة هذه الميليشيات ويتقدمهم رئيس جهاز الأمن الوطني شخصياً ! .
[ منذ يومَين ، كل الإعلام المحلي والأقليمي والدولي ، يُرّكِز على ماجرى قُرب السفارة الأمريكية ، ولا يذكر شيئاً عن مايجري في ساحة التحرير وساحة الحبوبي والبصرة والنجف وكربلاء ... إلخ . وهذا هو المطلوب تماماً ، مِنْ قِبَل الحكومة العراقية وإيران وأمريكا . فلا أحد من هؤلاء يريد إنتصار إرادة الشباب الثائِر ، بل غايتهم تهميش الثورة ووأدها ] .
...............
المُتاجرين بالدين والمذهب والقومية ، يغضبون ويتصنعونَ الوطنية والشرَف ، إذا عرضتَ عليهم عشرينَ دولاراً ... لكنهم يفعلون أي شئ إذا رفعتَ المبلغ إلى مليون دولار .
لقد عَرَفنا أخيراً [ ما هيتهم ] .. الخلاف فقط على السعر !! .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. عادل إمام: أحب التمثيل جدا وعمرى ما اشتغلت بدراستى فى الهندس


.. حلقة TheStage عن -مختار المخاتير- الممثل ايلي صنيفر الجمعة 8




.. الزعيم عادل إمام: لا يجب أن ينفصل الممثل عن مشاكل المجتمع و


.. الوحيد اللى مثل مع أم كلثوم وليلى مراد وأسمهان.. مفاجآت في ح




.. لقاء مع الناقد السينمائي الكويتي عبد الستار ناجي حول الدورة