الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الشاعر الفلسطيني عبدالله عيسى يكتب : خطبة خضر الظفيري في حضرة الشهداء

عبدالله عيسى

2020 / 1 / 2
الادب والفن


خطبةُ خضر الظفيري في حضرةِ الشهداءِ



لا يُدفَنُونَ
وليسوا يُبعَثونَ
بنا
أحياءُ
يَبقُونَ في الأصلابِ أنفاسَ السُلالة ِ،
أو أوصافَ أحفادِنا.
فيما لقاتِلهمْ أن يشتكي للرصاص ِمن براءتِهم ،
وأن يُرقّصَ ما يشاءُ تحت َعماماتِ الشُيوخِ
وحِنكةِ الرُواةِ أفاعِيهِ الغريبةَ والعصا.

سلاما ً أيها الشُهداء ُ
العائدونَ إلى أيامِنا قبلَنا
المُستبشِرونَ بزهرِ التينِ ينمو على قمصانِنا
مثلَنا .

تمضي جنازاتُكم بنا
إلى يومِنا الماضي إلى يومِه الآتي
برائحةِ البارودِ تعلو بسبّاباتِ أُخوتِنا .

جئنا مظاهرةً أُخرى بأنسابِنا الأولى
لنُقرِئَهمْ سلامَنا،.
فتًوَلَّوا مُعتَدينَ على أنفاِسنا بالبساطيرِ الثقيلةِ ،
و الموت ِ الذي يُفزعُ الأموات ِ.

تلكَ يدي مبسوطةٌ لعناق ٍ يا أخي ،
فاتّخِذْها إن تشاء ُ عصى ً تسعى
ليَرتفع َ القتلى هنا درجات ٍ بين أشباهِهم ْ
فلا تمُدّ يداً أُخرى لقتلي
ودع ْ إذن غدَنا يلهو
بدفترِ رسمٍ كان يغفو على صدورِ أولادِنا .


أَعْذُرُ الغبارَ إذ شاخ َ
، مبخوعا ً على نفسِه ، على سلاحك َ
فيما كان أعداؤنا يأتون جَمْعَا ً
بمِحراثِ الذُكورةِ ذاتِه إلى خُدورِ نِسائِنا ،
وأشكوك َ لي
أن ِ اتّخذت َ دمي المكلومَ من دُبُر ٍ على قميصي نبيذا ً
لاستراحتِهم على أَسِرَّتِنا .

كأنّ أعداءَنا يَحمُونَ ظَهرك َمن خوفي عليك َ
بِذئبِهم
لتغرُزنِي في غيهبِ الجُب ِّ أرعى وِحشتي
بصدى أشباحِ قتلايَ.
لا أرى أظافرَهم إلا بوجهك َ
يرغو في مراياك َ غامقا ً بصرْخاتِهمْ .

لا شيءَ يُوحي بهم هنا سوى دمِهم
وقد تَخثَّرَ في عينيكَ .


أنّى حَللْتَ سوف يَتبَعُك َ القتلى بلعناتِهمْ
ويأسِنا
من دبيبِ خبطِ أنفاسِكَ العمياءِ تصدأُ في رنينِ أصفادِنا .



وسوف أحرس ُ منكَ نومَهُم
بصُعودي مثلَهمْ جُمعةَ الصُلبانِ أعزلَ بي .

أرى ، فتُنْصت ُ :
كنّا لا نخافُ سوى آثارِ أنفِك َفي الأرجاءِ
يلهثُ خلفَنا،
ويخنُقُ في رئاتِنا ما تبقّى من هواءٍ طازجٍ بعده ،
لكنّنا نحتمي بالورد ِ
، يرميه قتلانا على الشرُفات ، ِمن رصاصِكَ .

عُدنا
مثل بَسملة ٍعلى شواهدِهمْ
لنصطفي آيةَ الكُرسي ِّ جارتَهُم على الحيطان ِ
في صُورٍ تُبشّرُ الحَي ّ بالصراطِ يُؤتى به ،
فلا نُكذّبُ رؤيانا
ونقوى بفتنةِ الصبرِ في أجسادِنا .

وسوف َ أترك ُ صرختي تئنُّ على سورِ المدينة ِ
مثلي
بِفِتنتي بخبط ِ دمي ألومُك َ :
يا أخي !
لماذا قتلتنَي ،
وعدت َ بخيبتي إلى غرف ِ الموتى


لتغفو على الزنادِ سبّابتاك َ فتنة ً-
لعنة ً أيقظتَها إذْ نُوديت ُ
لأعبر َ حلمي دون أن تتعثّرَ الجنازيرُ بي
فيما اطمأنتْ يدا عدوّنا لصدى نومِك َ .

يا حارسَ الظلامِ في السجنِ والمرعى !
ومُختلس َ المعنى القديم َ
وفِطنة َ الملح ِ في خبزِ اليتامى وأبناءِ السبيل ِ !
مُقايض َ الموت ِبالكرسي ِّ والحرسِ الأعمى عليَّ!
وقاهر َ النهرِ والدُفلى !

تَنوء ُبعينيك َالممرّات ُ
والصبّار ُ في باطن ِ الوادي
تنوءُ الزغاريد ُ التي ترفع ُ المشيّعين َ على الأوصاف ِ
أعلى كثيراً من جنازير ِ دبّاباتك َالتائهات ِ بين أجسادِنا ،
والنسوةُ الذاهبات ُ في الصباح إلى فحوى غِواياتهن َّ
في المرايا ،
وما رأت ْ مخيِّلة ُ الغريب ِ من خافيات ٍ في ظلالِ الصبايا .

تنوءُ قبلة ُ العاشقَين ِ
تخطف ُ الرَعَشات ِ خلسة ً عن يديك َ الضّالتين ِ ،
وسَجدةُ المصلّي تَرِق ُّ بالدموع الطيّبات ِ .
ينوء ُ الوعل ُ والحورُ في الغابات ِ ،
والبئرُفي البيت ِ القديمِ .
ينوء ُ القوس ُ باسمكَ
والتمثال ُ
والضوء ُ يتّقيكَ حين ُتمرُّ على رصيفِ أعيادِنا .

فَخُذ ْ حصارَكَ بي ،
وعُدْ
، كمن يتذكَّر ُ الحياة َ ،
إلى خزائن ِ الميِّتين َ
الطيرُ تدفن ُ في الشوارع ِ الشهداءَ
الصاعدين َ على صُلبانهمْ
بوصايا الأمهات ِ .
وكُن ْ ما شئت َ
لكنّنا نظل ُّ مبتسمين َ في هذه العَتماتِ
حتى نُصدّق َ أن الموت َ
موتَك َ هذا
لم يعُد ْ يتنفّسُ المقابرَ في وجوه ِ أولادِنا.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أون سيت - هل يوجد جزء ثالث لـ مسلسل وبينا ميعاد؟..الفنان صبر


.. حكاية بكاء أحمد السبكي بعد نجاح ابنه كريم السبكي في فيلم #شق




.. خناقة الدخان.. مشهد حصري من فيلم #شقو ??


.. وفاة والدة الفنانة يسرا اللوزي وتشييع جثمانها من مسجد عمر مك




.. يا ترى فيلم #شقو هيتعمل منه جزء تاني؟ ??