الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الحشد الشعبي بين القداسة و الجريمة

عامل الخوري

2020 / 1 / 2
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


اؤكد اولاً ان لا مقدسات عندي مهما كانت ، للكثيرين موضع احترام و تقدير بدون ادنى شك .
السلطة الدينية ، مثال السلطة في ايران و العراق ، تعرف جيداً انها ستتعرى امام شعوبها لعدم تمكنهم استمرار لبس ثوب العفة والخشوع و هم يمارسون النهب من جهة ، والقتل و الاستعباد و الخنوع ، وفي مثال العراق تأتي العمالة بأبشع صورها ، لذلك تلجأ تلك السلطات لتكوين ( الدولة العميقة) و قوة عسكرية تكون في بداياتها موازية للقوة العسكرية الرسمية ( الجيش و الشرطة بل وحتى قوى الامن) ثم تغذي هذه القوة و تنمّيها ، وفي ذات الوقت تضعف القوات العسكرية و تجردها من سلطاتها تدريجياً ، لماذا؟؟ لأنها ببساطة لا تثق بها و تخاف ان تنقلب عليها عندم ترى تلك القوة ان السلطات تمادت بسياساتها المعادية للشعب ، خاصة اذا بدأت الجماهير تتململ ثم تتحرك للدفاع عن حقوقها ومصالحها .
ما حدث في ايران ، هو الحرب التي شنّها دكتاتور العراق آنذاك ، صدام حسين ، فقامت السلطات هناك بتأسيس قوة الپاسيج المرادفة للجيش الرسمي ، ثم اسست قوة اكبر و بأكثر صلاحية بأسم فيلق القدس ، الذي اساس مهامه التدخل الخارجي و تنفيذ نهج الخميني بتصدير ثورته الاسلامية في بلدان الجوار ، بل الابعد ايضاً .
في العراق ، لم تتوفر هذه الفرصة الذهبية ( خلق المبرر) ، فدفعت بذيولها لتسليم حوالي ثلث العراق الى منظمة داعش الارهابية و معروف لدى العراقيين والعالم ، ان نوري المالكي ،زعيم حزب الدعوة ، وحكومته هو المسؤول الاول عن هذه الجريمة ، و بأقتناص النتائج الكارثية بقرار قوة الاحتلال الامريكي للوطن بحل القوات العسكرية العراقية ، جيش و شرطة و البدء بتأسيس جيش جديد بنواة طائفية مفضوحة و قذرة ، و كان حتى الاحتلال الداعشي للمدن العراقية ، جيشاً ضعيفاً صغير الحجم ، وبدلاً من اتخاذ قرار عاجل و جدّي بتقوية الجيش و تحويله الى جيش وطني فعلي مهمامه الدفاع عن ارض الوطن ، قامت تلك السلطات بتحريك المرجعية النجفية للافتاء بتأسيس الحشد الشعبي ، مهمته ، كما قيل اولاً ، الدفاع عن الارض و العرض و تحرير المدن العراقية ، ومن هذا المنطلق (الوطني شكلاً) انظمت مجموعة كبيرة من الشباب العراقي المغلوب على امره ، وبسبب البطالة الهائلة ، انظموا الى هذه القوات التي هي بالأساس تشكيلات كانت قائمة اصلاً منذ ايام الاحتلال الاولى ، ميليشيات الاحزاب و الكتل السياسية الحاكمة ، وقامت هذه القوة الجديدة بأعمال عسكرية كبيرة ، طردت داعش و اعلن النصر ، الامر الذي كان بوسع الجيش الوطني القيام به لو توفرت لديه ذات الامكانيات التي وفّرت للحشد ، فهم ذاتهم اولاد العراق .
مع ذلك ، وبأعلان النصر على داعش ، كان من المفترض ، حل هذه التشكيلة التي انتهت المهام التي قامت من اجلها ، وهذا ما لم تكن تفكر به السلطات الدينية قطعاً ، بل كان بناء الحشد وتعزيزه وابقاءه كقوة عسكرية عقائدية تنفذ مهام مرجعياتها و قادتها المعممين ، وفي ذات الوقت استمرت عملية اضعاف الجيش و تجريده من اسلحته و جعله صورة هزيلة بدون اي امكانية للقيام بأي فعل .
و ظهرت الحقيقة ساطعة ، عندما ثار الشارع العراقي على الوضع المزري الذي يعيشه بعد ان سرقت المليارات من الدولارات في هذا البلد الغني ، تم توجيه قوات الحشد للدفاع عن السلطة و قامت التنظيمات ( الحشدية) بقتل اكثر من 500 شهيد وسقط اكثر من 25000 جريح ، و هذه القوى لا تتردد بقتل و جرح الاضعاف من ابناء الشعب تلبية لرغبة و قرارات قادتها العملاء ، رغم استخدامهم كعبيد للعمامة ، ويجري سرقتهم علناً في مرتباتهم و تركهم جرحى بدون علاج فعّال ، بعد ان منح اعلامهم المهرج توصيف ( القدسية ) الكاذبة ، الانكى من هذا مازالت نسبة كبيرة من الشعب العراقي تصدَق بتلك القدسية ، و ذهبوا بهم قادتهم للتضحية بهم مجدداً في محاولة لأقتحام السفارة الامريكية ، بعد القصف الامريكي لمواقعهم و بعلم تلك القيادات الخائنة التي لم تيلغهم بالانسحاب ، للمتاجرة بدمائهم و اعلنوا انهم لن ينسحبوا قبل غلق السفارة و سحب جميع القوات الامريكية من ارض العراق المتواجدة وفق اتفاقية ذليلة مع الامريكان وقعّها قادتهم ذاتهم و ليس سواهم ، ولكن بعد ساعات انسحبت تلك القوى دون ان تحقق اي شيئ قطعاً بل الانكى قررت الولايات المتحدة زيادة عديدها في العراق ، وفي موقع السفارة بالاضافة الى تغريم العراق مبلغ مائة مليون دولار تعوض عن الاضرار التي لحقت بمبنى السفارة ، يدفعها من اموال الشعب العراقي المغلوب على امره .
ما يدعوا للاسف حقاً ، ان العديد من ابناء شعبنا ، والانكى من قواه اليسارية ماتزال تدعوه الحشد المقدس ، والمدافعين عن الارض والعرض و خاضعين للاستخفاف بعقلية العراقي . المطلوب دون زيادة او نقصان ، حل هذه المليشيات مهما كانت تسمياتها ، والعمل على انشاء جيش وطني قوي قادر على انجاز مهمامه الوطنية ،ووضع حد نهائي للتدخلات الاجنبية ، امريكية او ايرانية او ما مهما كانت ، وتفعيل المواد القانونية الخاصة بالاتصال بجهات اجنبية خارج اطار الدولة وهذا لن يتم الاّ بقيام حكم وطني ديمقراطي حقيقي يسحق المفاهيم الطائفية المنبوذة من الشعب .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كيف تتطور أعين العناكب؟ | المستقبل الآن


.. تحدي الثقة بين محمود ماهر وجلال عمارة ?? | Trust Me




.. اليوم العالمي لحرية الصحافة: الصحافيون في غزة على خط النار


.. التقرير السنوي لحرية الصحافة: منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريق




.. بانتظار رد حماس.. تصريحات إسرائيلية عن الهدنة في غزة