الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عشت في زمن احمد عبد الرحمن

حسام أبو النصر

2020 / 1 / 2
مواضيع وابحاث سياسية


لم اجد عنوان يليق باسمه وتاريخه سوى عنوان كتابه عشت في زمن ياسر عرفات ليؤرخ لتلك الحقبة، فكان لي الشرف ان أعيش في زمن الكاتب الكبير احمد عبد الرحمن الذي لطالما ارتبط اسمه باسم منظمة التحرير الفلسطينية وبالثورة الفلسطينية وما قدمه من تضحيات، ليتتلمذ على نهجه أجيال، حيث شكل ايقونة إعلامية، ثورية فريدة، استطاعت ان توصل رسائل الشعب الفلسطيني في زمن الحصار الى العالم، مع اخوانه الذين استشهدوا وسلموا الراية، فما كان منه الا ان يكمل المسيرة حين حمل ارث الاعلام الموحد الذي شهد نهضة حقيقية في عهده ليصبح منبع بيانات واصدارات الثورة الفلسطينية، وليكون رئيس تحرير مجلتها فلسطين الثورة، التي قراتها اول مرة في ثمانينات القرن الماضي في مكتب الاعلام الموحد في الجزائر حين كنت شبلا ونشأ عليها أجيال، لتكون هذه المجلة جامعة الكتاب والادباء والسياسيين الفلسطينيين في الشتات وقلب الوطن، وتشكل جسر التواصل مع الجماهير والاحرار في العالم، حيث شكلت مصدر معلومات، واشعاع فكري ثقافي في زمن التردي، وبتاكيد رغم انه من جيل الاوائل وكنت انتمي لجيل الشباب الا اني عرفته الانسان الكبير بقيمه عن قرب اول مرة حين استشهد والدي المناضل محمود أبو النصر، كتب في حينه الإعلامي الكبير حسن الكاشف مقالا بعنوان (من منكم لم يحتسي القهوة في بيت محمود أبو النصر)، والتقط احمد عبد الرحمن امين عام مجلس الوزراء آنذاك الجريدة، متأثرا وطلب من زوجته ام يزن الاتصال فورا بوالدتي، مواسيا وكل ما تطلبه العائلة مجاب، وبعد سنوات طويلة حضرت الى رام الله، واجتمعت به اول مرة في أمسية للقائد الكبير كمال جنبلاط حيث حرص ان يحضر ويؤبنه بكلماته العروبية المعهودة، ونفسه الثوري العميق، بل كان القيادي الوحيد الذي لبى نداء تابين جنبلاط بعد كل سنوات رحيله، لنجد انفسنا امام مد عروبي وعنفوان لا ينضب رغم كل ما فعلته السنوات، مخلصا محبا وفيا للاحرار في كل مكان، ملتزما ومتابعا، لا تفوته الفعاليات الوطنية ما استطاع اليها سبيلا، رغم ظروفه الصحية في السنوات الأخيرة الا انه كان يحرص على حضورها والتي تعتبر جزء من عمله النضالي الطويل والمستمر حتى رحيله، ولم يكن يبخل بعلمه ومعرفته على احد ويحاول دوما ان يوصلها للأجيال الشابة، لانه كان مؤمنا بضرورة الديمومة من خلال ذلك، وكان يؤمن بضرورة توثيق التاريخ، واذكر انه في احدى المرات اتصل بي الكاتب الكبير والمؤرخ عبد القادر ياسين الذي كان يعد موسوعة الصحافة الفلسطينية وطلب مني الذهاب للاخ احمد عبد الرحمن للتأكد من بعض المفاصل التاريخية في الاعلام الموحد ومن خلالها حدثني أبو يزن مطمئنا أولا على صحة ياسين الذي لم يلتقيه من زمن طويل بل لم يكونا في التقاء سياسي أيضا، الا ان العمل التوثيقي والرؤية الوطنية كانت الجامع بينهم لصالح كتابة التاريخ الفلسطيني بشكله الصحيح، فاسترجع معي أبو يزن ما قبل استشهاد ماجد أبو شرار، حين استلم كمال ناصر الاعلام الموحد ليشكل حالة وطنية نضالية فكرية، وبعد استشهاده استلم محمد ميرزة (أبو حاتم) وماجد أبو شرار عضو اللجنة المركزية لحركة فتح آنذاك الاعلام، واحد اهم المفكرين الفلسطينيين، ثم بعد استشهاده استلم احمد عبد الرحمن الاعلام الموحد ليكون المسؤول الفعلي والتنفيذي له لتصدر في عهده اهم المراجع والموسوعات والاصدارات والملصقات،ومرئي ومسموع، والمجلات وعلى راسها فلسطين الثورة، مما شكل طفرة إعلامية خارج الوطن، في ظروف استثنائية، استطاعت ان تنقل الاحداث في الداخل المحتل ومواكبتها، ليعيشها المواطن العربي وكافة الدول، بعد ان قام القائد ياسر عرفات بمحاولة توسيع الاعلام المركزي الى الاعلام الموحد ليضم فصائل منظمة التحرير الفلسطينية، ويكون قوة اعلامية وطنية وليست حزبية، رغم رفض بعضها، الا ان الاعلام الموحد اصبح الناطق باسمها واندمج الاعلام المركزي معه وراس حربته احمد عبد الرحمن .

رحل احمد عبد الرحمن تاركا أيضا ارث ادبي نفخر ليصبح الأمين العام لاتحاد الكتاب والصحفيين قبل ان ينفصل الاتحادين، إضافة للتجربة السياسية التي تسجل في التاريخ الفلسطيني المعاصر، وتشهد له الساحات العربية واوطان الشتات في تونس، والكويت،والعراق، واليمن وغيرها قبل العودة الى ارض الوطن، وقد ارقه المرض والانقسام الذي اعتبره طعنة في خاصرة الوطن، وسلوك خارج عن سياق الثورة، وسجل ملاحظات على الفعل الإعلامي الفلسطيني بعد العودة الى ارض الوطن، حتى قبل رحيله بايام هاتفني متذمرا من دور الاعلام في مواجهة التحديات الكبرى من صفقة القرن ودولة غزة، والانقسام والتغول الإسرائيلي، كان يحرص حتى اخر أيامه ان تبقى صورة الاعلام الفلسطيني مشرقة كما بناها هو ورفاقه الأوائل، وكان يحرص على ارسال رسائل لغزة المحاصرة، وابنائها ليشد من ازرهم، غزة التي عاش فيها واحبها كما احبته، وبرحيله طويت صفحة مشرفة في تاريخ شعبنا النضالي الطويل ومن سجله الحافل، لنفقد رمز من رموز الثورة الذي ساهم في تأريخيها وكتابة سطورها مع رفاقه المناضلين والمثقفين يدا بيد، لتبقى رسالتهم خالدة فينا ونكملها من بعدهم.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. رد فعل لا يصدق لزرافة إثر تقويم طبيب لعظام رقبتها


.. الجيش الإسرائيلي يعلن قصفه بنى تحتية عسكرية لحزب الله في كفر




.. محاولات طفل جمع بقايا المساعدات الإنسانية في غزة


.. ما أهم ما تناوله الإعلام الإسرائيلي بشأن الحرب على غزة؟




.. 1.3 مليار دولار جائزة يانصيب أمريكية لمهاجر