الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المشرق العربي .... ثورة في الوعي

أحمد الهدهد

2020 / 1 / 2
مواضيع وابحاث سياسية


حدث كبير هذا الذي تمخض عنه الحراك الشعبي في المشرق العربي المنكوب منذ فترة طويلة. الان بعد الحرب الاهلية في لبنان وما يشبهها في العراق بعد اسقاط النظام السابق وبالوسط ما حدث لسوريا والذي كان ثورة وتحول الى حرب أهلية ذات بعد طائفي. التعافي اخذ وقتا طويلا جدا من الشعوب للعودة الى حراك مدني واسع يتجاوز الطائفية، التي اريد للشعب ان لا يخرج الا بها، بالعكس ما حدث ان الشعب خرج ضد الطائفية الفاسدة كشعب مدني وطني يطالب بمطالب ديمقراطية.
شعبيا ولد جيل جديد غير منقسم ايدولوجيا عادة تتبلور لدى شبابه الهوية الوطنية شباب ليس لديهم حساسيات او مظلومية تاريخية، جمهور تحركه القيم الأخلاقية والثقافية، هذا يشكل أهمية كبيرة للمستقبل للبناء عليه مع عفوية التي قد تشكل مشكلة حقيقية قد تؤدي الى شعوبية ترفض أي قيادة او أي نخب ولا تؤدي الى ديمقراطية وطنية. الامر الأكثر إيجابية انهم لا ينقسمون خلف شعارات او ايدولوجيات او قناعات قيمية أخلاقية او غيرها، وهذا رقي عالي يمثل خطوة للتطور.
أن المنتفضين في المشرق العربي، أمام تحدي إنتاج قيادتهم وتنظيماتهم وممثليهم، ذلك أن هذه الحركات الكبرى يجب ألا تنزلق نحو الشعبوية في رفض أي قيادة أو أي تنظيم، لأنها حراكها في هذه الحالة سينتهي، وتنتهي تضحياتها، لتعود الأحزاب المنظمة الموجودة فعلاً وتستلم مقاليد الأمور.
كما إنّ على هذه الحركات الشعبية الكبرى أن تبدأ في التفاوض مع السلطة، وحين لا تحمل الثورة قيادات وتستبدل أنظمةً بأخرى، نكون أمام ثورات إصلاحية، لا تريد أن تحكم، بل تضغط على السلطة لدفعها إلى إجراء إصلاحات حقيقية، بالتالي عليها أن تدخل في حوار مع السلطة من اجل إجراء تغيير تدريجي.
عندما ربط المحتجين في لبنان والعراق بين الفساد والنظام الطائفي، وهذا يدلّ على وعي لدى هؤلاء، وهو بمثابة ثورة في الوعي، رأى أنه قد ينتج عنها حركات غير طائفية قد تختلف على عناوين، لكن لا علاقة لها بالطائفية، "لكنّ ذلك مشروط بنظام انتخابي جديد، لأن الشكل الحالي لا يسمح لقوى ديمقراطية بالوصول إلى البرلمان". من هنا من الممكن اعتبار تسمية الانتفاضتين في العراق ولبنان بالثورة، أمر جائز لأن ما يحصل هو "ثورة في الوعي".

إن ابراز حقيقة كون غالبية المتظاهرين العراقيين هم من الطائفة الشيعية "مهم في سياق تأكيد لاطائفية ما يجري"، كون الجمهور الأساسي للمتظاهرين تعرّفه السلطة على أنه "جمهورها"، فهذا يعني أن هؤلاء باتوا يرفضون استمرار الطائفية التي تحرمهم من خيرات بلدهم الغني جداً بموارده الطبيعية.

ان الحراك الجماهيري الشبابي يعد اكتشافاً للهوية الوطنية في العراق ولبنان، وهذا إعلان بالغ الأهمية لناحية تكوين الثقافة السياسية في البلدين، تُرجم في العراق بشعار "نريد وطناً"، وهو ما قد يعني عملياً "نريد دولة".

ففي العراق ، يجب الحذّر من أن حلّ الحكومة وإجراء انتخابات جديدة وفق النظام الانتخابي الحالي، بعد كل ما قدمه العراقيون، سيكون بمثابة إهدار للتضحيات، لأن القوى الطائفية ستعود، لذلك فالأولوية بالنسبة لشباب الانتفاضات اليوم، هي أن يفرزوا حركاتهم وأحزابهم. وفي سبيل الخروج من النظام الطائفي، ليس مستحيلاً الولوج بطرق تدريجية بحسب رأي بشارة، مثل تقسيم البرلمان إلى قسمين، أو إلى مجلسين، مثلاً، قسم تنتخبه المحافظات، وقسم آخر ينتخب قُطرياً.

أنّ "النفوذ الإيراني في العراق لا يزال موجوداً"، ولم يكن ليكون ذلك النفوذ حاصل الا بفضل أميركا ما بعد الاحتلال، "لكن شرعية تدخلها ونفوذها في العراق ضُربت" في الانتفاضة الحالية، وما يثير الدهشة هو حديث بعض المسؤولين الإيرانيين عن رفضهم التدخل في الشؤون الخارجية للدول، "وكأن لدى بعض المسؤولين الإيرانيين شعوراً بأحقية فرض الوصاية من قبلهم"، وهو ما قابله العراقيون برسالة رفض لكل الوصايات.


وعن تعريف ما يحصل في لبنان، بين ثورة وحراك وانتفاضة، بالإمكان القول إنه ليس ثورة بالمعنى الضيق للمصطلح بمعنى أن الحراك لا يطرح نفسه ليستلم الحكم وإرساء نظام آخر، ولأن النظام في لبنان تعددي طائفي يستحيل قلبه في انتفاضة، لأن هذا مسار يستغرق وقتاً، بل إن ما يحصل هو "انتفاضة ثورية ضد الطائفية غير مسبوقة في هذا البلد منذ ستينيات القرن التاسع عشر". ممكن وصفه بأنه "حدث كبير وعظيم، لأن اللبنانيين والعراقيين كذّبوا الأسطورة التي كانت تفيد بأنه في حال خرج الشعب في حراك عريض، فإنه سينقسم إلى طوائف".

عند مفارقة أن ما يحصل في لبنان "ليس ثورة ضد حزب الله، لكن المثير أن حزب الله تعاطى معها وكأنها ثورة ضده"، اذ أن حزب الله استثمر إنجازاته ضد إسرائيل لتعميق نفوذه داخل الدولة اللبنانية ووظائفها ووزاراتها، لأن التمويل الإيراني ربما يكون قد انخفض.

وختاما ممكن القول إن حزب الله أصبح حزب سلطة، لا حزب معارضة، لذلك هو يرى أن الحراك موجه ضده، وهو الحزب الذي انتقل من حزب مذهبي متشدد، إلى حزب طائفي. كذلك أن أحد الأمور التي أكدتها الانتفاضة الحالية، أن جنوب لبنان هو لبناني ويريد هوية وطنية لبنانية، وهو ما يعتبره أي زعيم طائفي تهديداً لقدرته على إحكام قبضته على أبناء طائفته. كما ان العراقيين يرفضون استغلال بلدهم كفناء خلفي لإيران , اذ ان أي عراقي يرفض الوصاية على بلده المستقل صاحب السيادة .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. صحن طائر أو بالون عادي.. ما هي حقيقة الجسم الغريب فوق نيويور


.. دولة الإمارات تنقل الدفعة الـ 17 من مصابي الحرب في غزة للعلا




.. مستشار الأمن القومي: هناك جهود قطرية مصرية جارية لمحاولة الت


.. كيف استطاع طبيب مغربي الدخول إلى غزة؟ وهل وجد أسلحة في المست




.. جامعة كولومبيا الأمريكية تؤجل فض الاعتصام الطلابي المؤيد لفل