الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أسامة الجدعان .. شهيد خطيئتين

باسم السعيدي

2006 / 5 / 30
الارهاب, الحرب والسلام


لم يكن الرجل (أسامة الجدعان) فقيراً في نسب أو مال أو حسب أو رجال أو حتى سمعة وصيت ، إنه رجل نهض بواجبه الوطني على أتم وجه وأكمل صورة ، لقد نفض يديه ممن باع الوطن للأجنبي من كلا الطرفين ، فقد حارب بشجاعة وبسالة قلَّ نظيرها (خارج حدود المنطقة الخضراء) كل الأصابع الخفية التي تمتد جذورها الى خارج حدود العراق وبذلك كان عراقياً صميماً أشرف بما لايمكن قياسه مع كثيرين من حَمَلةِ الجنسيتين ، ومن سكنة الأسوار الكونكريتية المحيطة بمن إبتعدوا عن الشارع .. نبض هذا الشعب المسكين .
إن الشيخ أسامة الجدعان (تغمده الله في الشهداء) أعلن حرباً لا هوادة فيها لقتال تنظيم القاعدة في العراق (قاعدة الجهاد في بلاد الرافدين) ، ذلك التنظيم الذي لم يخجل منذ اللحظة الأولى لتشكله في العراق (جماعة السلفية الجهادية – إسمه الأول – التوحيد والجهاد – إسمه الثاني - ) لم يخجل من إعلانه الحرب على الأغلبية من أبناء الشعب العراقي من أتباع مذهب أهل البيت (ع) ولم يدَّخِر وسعاً في تفجير أسواقهم وحسينياتهم ومراقد أئمتهم .. وكان يفاخر بذلك على رؤوس أشهاد الانترنت ويعرض الصور والأفلام التي تصور عمليات الذبح وقطع الرؤوس بالفؤوس ..
كان المرحوم الشيخ الجدعان صخرة كؤود تتحطم عليها محاولات أبي مصعب الزرقاوي توسيع شبكة القتلة في مناطق غرب العراق .. بل حقق الشهيد النصر تلو النصر والفوز إثر الفوز على هذا التنظيم الذي يعد بحق (وباء القرن الواحد والعشرين) حتى وصل به الأمر مطاردتهم في وديان الهضبة الغربية .. وفي بساتين وحقول حوض أعالي الفرات .. وحقق الضربة الكبرى .. وانتظر العون من أجل تحقيق النصر النهائي المؤزر .. ولكن !!!!!!!!!!!

فوجئ الشهيد الجدعان بموقف الحكومة العراقية (حكومة الجعفري) المتخاذل وكانت هذه هي الخطيئة الأولى .. إذ تخلَّت عنه بشكل أو بآخر ولم تقدم له الدعم المادي والمعنوي المطلوب .. وكانت قناة العراقية هي الرافد الوحيد له في هذه المؤسسة المتهرئة وقدمت له العون الإعلامي فقط لاغير في وقت هو أحوج مايكون الى المال والسلاح والرجال .. إن من يتصدى لحرب القاعدة بحاجة الى دعم مالي له أول ولا آخر له ليتمكن من موازنة الضخ المالي لبيوتات الحقد السلفي في الخليج العربي .. فالقاعدة تنتصر على البخلاء بلا شك بمثل مدد جبَّارٍ كهذا .. وحكومتنا كانت ومازالت بخيلة (هي ومخابراتها الشهوانية) مع الجدعان ومع الشيخ فصّال الكعود ومثال الآلوسي وغيرهم من الشجعان ممن نذر روحه للموت أمام أرتال الحقد الكهوفي القادم من تحت منابر فقه الإرهاب لإبن تيمية وغيره .
أما قضية السلاح فمن العجب العجاب أن تعلن الدولة العراقية الحرب على عصابات أبي مصعب وتقف مكتوفة اليد تراقب من سينتصر في الحرب بين أسامة الجدعان وأبي مصعب .. في الوقت الذي توفر المخابرات السورية وحتى الإيرانية أجود أنواع الأسلحة بتقنياتها الحديثة لتنظيم القاعدة .. إنه الخذلان المخزي .
وأما قضية الرجال ففي حقيقة الأمر لم يكن الرجل بحاجة الى الرجال .. فهو قادر قبل غيره على توريد الشباب العراقي الوطني الذي رفض أن يرضخ لصفاقة (لحية الزرقاوي) ورفض أن يتحكم بمصير وطنه رجل سايكوباثي كأبي مصعب .. ولكن كما قلنا الرجل كان بحاجة الى الدعم المادي والمعنوي اللازمين للفوز بالحرب أي حرب .
كانت هذه هي الخطيئة الأولى التي تركت الشيخ الشهيد أسامة الجدعان مكبل الساعدين أمام طغيان متطرف دموي كتطرف قاعدة الجهاد في بلاد الرافدين .

أما الخطيئة الثانية .. وهي الأعظم بين الخطيئتين .. فهي خطيئة الزعماء السياسيين من جبهة التوافق وجبهة الحوار (وأستثني مشعان الجبوري لأنه كان دائماً واضح الخطاب واللهجة في فضح التكفير والإرهاب) .
إن الساسة من هاتين الكتلتين السياسيتين (بالارتكاز على هيئة علماء المسلمين) رفضوا الادلاء بدلوهم من قريب أو بعيد في التصدي ولو إعلامياً لتنظيم القاعدة .. ظانِّين إن هذا التنظيم المتطرف سيغض الطرف عنهم فيما لو حقق النصر على بقية أبناء العراق (لاسمح الله) والحقيقة التي لا شك فيها تستند الى نقطتين هامتين
1 – إن أي نصر يحققه تنظيم القاعدة لكي يحكم العراق ويقيم إمارته المارقة يعني فيما يعنيه (إبادة 15 مليون شيعي في العراق ) وهذا لن يكون .. أو لا أقل من الإنفراد بالمنطقة الغربية فيما لو تخلَّى عنها بقية أبناء الوطن ليتركوها لقمة سائغة بيد الزرقاوي وسيكون تقسيم العراق مضرّاً (والحال هذه) بالمنطقة الغربية وأهلها تحديداً.
2 – يظن الساسة هؤلاء إن أبي مصعب الزرقاوي سيعلن الحرب بوجه السنة لو إتخذوا موقفاً متشدداً منه .. وفي هذا الخطل الذي ما بعده خطل .. ففي حقيقة الأمر مارس الشيخ أبو مصعب الكثير من هذه الأعمال الإجرامية في المناطق السنية أسوة بالمناطق الشيعية .. وللمعلومات لمن لم يسمع بها فإن أعمال القتل والذبح كانت على قدم وساق في المناطق السنية قبل الشيعية كالموصل والرمادي والفلوجة والمدائن واللطيفية وسامراء (إنطلاقاً من منطقة الجلام) .. لكنه فشل تقريباً في تحقيق الفوز الساحق وإقناع الشارع السني بمنطقه المنحرف لوطنية أبناء بعض المناطق ومنها (الموصل – تكريت – كركوك ) وتمكن من إرغام أنوف الناس في مناطق أخرى وقوبل بتأييد في شعبي إبتداءاً في مناطق ثالثة سنتجنب الإشارة اليها منعاً للإحراج .
ولو يعلم هؤلاء الساسة إن غض النظر عن ممارسات وفعاليات الشيخ أبي مصعب في تلك المناطق يزيد من خطره على أبناء المنطقة ذاتها ويجعل منهم مجاميع ذئاب كاسرة لم تستطع تحقيق النصر على المناطق الشيعية وبالتالي ستنكفئ على نفسها لتتحكم بمصائر المواطنين من سكنة المناطق السنية .. وسيدرك الجميع هذه التداعيات إن عاجلاً أم آجلاً .. الزرقاوي سيدرك ذلك .. والساسة السنة .. وناخبيهم .. كما لا يخفى إن الشيعة لن يكون لهم خيار الا خوض الحرب الى النهاية بوجه من يريد ويعلن بلا خجل ( إستئصال شأفتهم) .

الخطيئة الثانية وهي الخطيئة الأكبر هي قصر نظر الساسة السنة في فهم الخارطة السياسية والعسكرية لمستقب العراق .. إذ لم يفهم هؤلاء ما فهمه الشيخ أسامة الجدعان .. وحارب من أجل منعه من الوقوع ..
لقد خان الطرفان الشيخ الشهيد .. وخذلوه كما توقع هو منهم ذلك .. ولكن عزاءه كان دوماً .. أنه يعمل للعراق ولن يقصر في خدمة العراق .. ولن يضيره تقصير غيره .
رحمك الله أيها العراقي الغيور الأصيل .. ورفع ذكرك .. وصَبَّرنا الله في خسارتنا الكبيرة بك .
ولعل الله جاعلك نبراساً يستضيء به من يطلب الطريق الى حرية العراق .
ولا حول ولا قوة الا بالله .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بيع دراجة استخدمها الرئيس الفرنسي السابق لزيارة عشيقته


.. المتحدث باسم الصليب الأحمر للجزيرة: نظام الرعاية الصحية بغزة




.. قصف إسرائيلي يشعل النيران بمخيم في رفح ويصيب الأهالي بحروق


.. بالخريطة التفاعلية.. توضيح لمنطقة مجزرة رفح التي ادعى جيش ال




.. هيئة البث الإسرائيلية: المنظومة الأمنية قد تتعامل مع طلب حما