الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الأيديولوجية الدينية من التقسيم إلى الثورة ( خيار العراق في البقاء )

وليد المسعودي

2020 / 1 / 4
مواضيع وابحاث سياسية


الأيديولوجية الدينية من التقسيم إلى الثورة

خيار العراق في البقاء

كثيرا ما تصيب الأيديولوجية الجماهير بالعمى وخصوصا مع الأيديولوجية الدينية المرتبطة بتقديس الأشخاص على انهم رموز منزهة متعالية لا يمكن وصولها الى مستوى الناس العاديين من الأخطاء والزلل .

فالمقدس الديني يمنع حصر الظواهر والأحداث التي تحيط الرموز المقدسة سياسيا واجتماعيا وثقافيا ضمن دائرة السؤال والشك والنقد وبالتالي يتم تفضيل الرموز المقدسة على المجتمع والبلاد باكملها

العراق بعد ٢٠٠٣ اصبح ساحة خصبة للايديولوجيا الدينية بجميع تياراتها المقدسة للاشخاص قبل الأفكار ، وبسبب كثرة الفراغات المعرفية والعلمية لدى أجيال متعاقبة من المجتمع ، وتخلي المثقف النقدي من التنوير والمساءلة لجميع مصادر المعرفة التقليدية التأثير سياسيا واجتماعيا وثقافيا بسبب الخوف من القمع ، وتخلف السياسي عن بناء مشروع نقدي وانساني كل ذلك نشهده اليوم من تراجعات انسانية في قبول الآخر المختلف .

وتلعب الارادات الدولية بالطبع الدور الرئيسي في العراق حيث استكمال صورة الأيديولوجيا وتثبيتها في ذهنية المجتمع المتخلف فضلا عن التحول من أيديولوجيا البعث العربي الاشتراكي إلى ايديوجيا الإسلام السياسي ، وهذه الارادات هي من أحاطت " القرار العراقي " منذ ٢٠٠٣ إلى الوقت الراهن متمثلة بالولايات المتحدة الأمريكية باحتلالها المباشر المادي وايران باحتلالها المادي والمعنوي على حد سواء ، المادي بوجود قواعد حزبية مؤيدة وداعمة ومساندة لها ومعنويا كاثر ثقافي ايديولوجي يؤصل علاقة الارتباط ويديم مديونية المعنى داخل الوجدان الشعبي ثقافيا ودينيا عقائديا ..

هذا الواقع العراقي انتج تشظيات كثيرة وانقسامات متواصلة للايديولوجيا الدينية ولكن ضمن ذات النسق من التقديس ، فاليوم لهذا الشخص القائد وغدا لذاك القائد وهكذا لا ننفك من تناسل وولادة وعبادة القادة الرموز ، استمر هذا الحال إلى ان جاءت ثورة تشرين حيث نقطة التحول الجوهرية في الوعي الشعبي ضمن محدودية بشرية لا يستهان بها ،

وبالطبع عملية اعادة ما للشعب للشعب من معرفة وتنوير وتغيير القواعد الجاهزة المفروضة سياسيا واجتماعيا وعقائديا من قبل الارادات الدولية ( امريكا _ ايران ) امر يواجه الرفض وخصوصا من صاحبة المد العقائدي من إيران وهنا ايضا يزداد الانقسام وتزداد وتيرة الخلافات الداخلية والذي يتابع شبكات التواصل الاجتماعي سيجد الكم الهائل من التناقضات والحروب الداخلية بين العراقيين المنقسمين سواء داخل الأجهزة العقائدية الرافضة للثورة أو الراكبة لموجتها او داخل روح الشباب التواق للتغيير وروح الشباب هنا لا علاقة لها بالعمر بقدر ما لها علاقة بمحاولات تجذير ثقافة الشباب اجتماعيا من اجل الحرية وثبات اثر قيمة التغيير في المستقبل العراقي .

الصراع مع الحشد من قبل أمريكا وضرب مقرات الحشد الشعبي وقتل قاسم سليماني وأبو مهدي المهندس يعمق أثر الانقسام بين العراقيين بين من يريد مواصلة " مديونية المعنى " و " مديونية المادة " ( وهنا اوضح " المعنى " العقيدة و " المادة " الدفاع والدعم للاجهزة والقواعد الحزبية والإسلامية ضد داعش الإرهابي ) وبين من يريد إبعاد تلك المديونيتين متمثلة بالدور الإيراني في العراق مادة ومعنى ولكل مبراراته وحججه ، والاخير يرى أنه داعما لاحزاب فاسدة لم تبني الانسان والوطن على حد سواء .

وما يعيب الطرفين

الثاني هو التركيز على إيران أكثر من سواها اي امريكا وذلك باعتبار أن الاخيرة موجودة بشكل مادي فقط وليس مادي معنوي اي موجودة بكامل قوتها وعدتها ( قواعد وعسكرية ) منذ ٢٠٠٣ وهي من أتت بهذه الأحزاب

اما عيب الطرف الأول فهو الاستمرار ضمن ذات النسق السلطوي نسق الاتهامات والتخوين وهيمنة نظرية المؤامرة ووجود الاعداء الخارجيين وكيل الاتهامات لكل حركة واحتجاج شبابي اجتماعي منذ ٢٠١١ حتى الازمنة الراهنة وعدم ادراكه الذوبان في العقيدة ونسيان الوطن فضلا عن التماهي مع إيران وعدم ادراك أن لها مصالح تفوق وتمنع وتعيق وحدة وتقدم وازدهار العراق .

وذلك الذوبان يشكل خللا لدى الطبقة السياسية الإسلامية الشيعية التي تغطي بدورها التاثير على جميع من يؤيدها اجتماعيا وثقافيا ، مع العلم أن رعاة ومؤسسي اليذرة الوطنية العراقية الحديثة هم من العرب الشيعة في بداية القرن العشرين وهنا نذكر تاسيس الحزب الديمقراطي الوطني العراقي بقيادة جعفر أبو التمن فضلا عن ان داعمي ثورة العشرين كانوا من رعاة الوطنية العراقية من رجال الدين المراجع في ذلك الزمن .

لا يمكن التقليل من حدة الانقسام الشعبي إلا من خلال عودة التفكير بالعراق كهوية اجتماعية وثقافية انسانية بعيدا عن هيمنة الإرادات الخارجية( امريكا _ ايران ) وغيرها من الدول ، وعودة التفكير بالعراق اجتماعيا امر في غاية الصعوبة خصوصا في الازمنة الراهنة التي يزداد العراق فيها انقساما داخل هويات ضيقة طائفية وعرقية ، وانتصار ثورة تشرين وولادة طبقة سياسية جديدة عراقية من الممكن أن تكون البذرة الاولى الجديدة لهذا التأسيس بالرغم من صعوبة التفكك والانقسام وتعدد الارادات والمصالح والارتباطات الخارجية للقادة السياسيين المهيمنين اليوم سواء في الوسط أو الجنوب أو في كردستان .

ولكن هل تتنتصر ثورة تشرين أمام هكذا واقع سياسي مأزوم داخليا وخارجيا ، حتى وإن كان الجواب بالنفي فان الشرخ كبير بين الشعب والطبقة السياسية الفاسدة في شكلها الحالي ولايمكن رتقه .

كذلك التخلص من أثر الايديوجيا على الناس وخصوصا أيديولوجيا تقديس الرموز والأشخاص على حساب المجتمع والوطن ، فكلما كان المجتمع متحرر من هيمنة الأيديولوجيات المطلقة الشمولية كلما استطاع اعادة النظر والمساءلة لكل حدث أو مصدر معرفي واجتماعي يواجهه ، وبالتالي لا توجد هناك اسيجة تحيط امكانيات التحول والتغيير ماديا ومعنويا ضمن وجوده المستقبلي الإنساني .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. انطلاق معرض بكين الدولي للسيارات وسط حرب أسعار في قطاع السيا


.. الجيش الإسرائيلي يعلن شن غارات على بنى تحتية لحزب الله جنوبي




.. حماس تنفي طلبها الانتقال إلى سوريا أو إلى أي بلد آخر


.. بايدن يقول إن المساعدات العسكرية حماية للأمن القومي الأمريكي




.. حماس: مستعدون لإلقاء السلاح والتحول إلى حزب سياسي إذا تم إقا