الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قانون الانتخابات الجديد،، خطوة الى الامام خطوتان الوراء

سربست مصطفى رشيد اميدي

2020 / 1 / 4
دراسات وابحاث قانونية


القانون الانتخابي الجديد،، خطوة الى الامام، خطوتان الى الوراء
صوت مجلس النواب قبل أسبوع قانون جديد لانتخاب اعضاء مجلس النواب للدورة القادمة، حيث أصبح تقليدا سيئا من قبل السلطة التشريعية في العراق، وهو اجراء تعديل على القانون الانتخابي أو اصدار قانون جديد قبل اجراء انتخابات أعضاء مجلس النواب. فقد شرع قانون التعديل رقم 26 لستة 2009 قبل انتخابات الدورة الثانية للمجلس، وشرع القانون رقم 45 لسنة 2013 قبل انتخابات الدورة الثالثة، وأيضا تم اجراء التعديل الثاني والثالث سنة 2018 للقانون رقم 45 قبل وبعد اجراء انتخابات الدورة الرابعة 2018. حيث يبدو جليا أن الطبقة الحاكمة في العراق ماضون في اصرارهم بالبقاء في سدة الحكم بأية وسيلة كانت وفي مقدمتها اللجوء الى تغيير القانون الانتخابي ولي عنق اية قانون ليكون وفق مصالحهم وتكرس بقائهم في السلطة. وللأسف فان الكثير يعتقدون ان القانون الانتخابي وخاصة النظام الانتخابي المطبق هو السبب الوحيد لاستمرارية النخبة الفاسدة في الحكم وهذا وان كان صحيحا في جزء منه من حيث تنظيم اليات المشاركة في الانتخابات، لكن ذلك هو تحميل كل نظام انتخابي أكثر من حقيقته، خاصة وان للعراق تطبيق مختلف للنظام بشكله الأساسي، وان نجاح نظام انتخابي والنتائج التي تتمخض عنه في دولة ما لا يعني نجاحه او انتاج نفس المخرجات والنتائج في دولة أخرى. وان أي نظام انتخابي يفترض ان يطبق لثلاث او أربع دورات انتخابية على الأقل حتى يتوضح نتائج تطبيق النظام الانتخابي. والامر الاخر هو ان قوى سياسية قد ركبت موج التظاهر في العراق بعد شهر من اندلاع ثورة الشباب ضد الظلم والطغيان والفساد المالي والسياسي وانعدام الخدمات وعدم توفير ابسط حقوق المواطن وأيضا نهب ثروات البلد المنظم من قبل النخبة الحاكمة في العراق. هؤلاء الذين ركبوا الموج ويعملون على سرقة انتفاضة العراقيين وعن طريق موالين لهم في ساحات التظاهر وفي وسائل الاعلام وعلى منصات التواصل الاجتماعي، حيث قد اوهموا الكثير بان مغادرة نظام التمثيل النسبي هو السبيل الأمثل للحد من احتكار النخبة الحاكمة للسلطة ومن خلال احزابهم الكبيرة، وان نظام الأغلبية البسيطة (الفائز الأول) او الأغلبية المطلقة او حتى نظام الصوت الواحد غير المتحول هي المناسبة لإيصال ممثلي الشباب الثائر والجماعات المدنية والعلمانية والأحزاب الصغيرة لمقاعد مجلس النواب، وانهاء حكم الأحزاب الفاسدة حسب ما يعلنه المتظاهرون. وهذا خطأ كبير تم تسريبه الى ذهن الكثير ومن ثم ترسيخه من قبل ممثلي تلك القوى السياسية التي تحاول سرقة ثورة الشباب وانتفاضتهم السلمية ضد الفساد والفاسدين. ونحن سنبين من خلال بعض النقاط والملاحظات والتي يطبل له البعض بانه القانون الاسلم لحد الان من اجل اجراء انتخابات نزيهة وحرة واجراء تغيير حقيقي وجذري وازاحة الطبقة الحاكمة نتيجة تطبيق هذا القانون والنظام الانتخابي المقرر فيه للانتخابات القادمة، وهذا وهم يروجونه نظرا لعيوب وميزات هكذا نظام انتخابي، حيث ان لكل نظام انتخابي عيوبه وميزاته المعروفة على عكس ما يروج البعض بخلاف المعرفة الفنية والعملياتية والنتائج السياسية للنظم الانتخابية. وستبقى الإرادة التي تقع خلف اصدار هذا القانون وما يهدفون اليه حقيقة هو الذي سيكون الواقع القادم بعد اجراء الانتخابات، وليس ذر الرماد في اعين الكثيرين والذي يحدث حاليا نتيجة عدم فهم البعض لطبيعة النظم الانتخابية أو التغافل العمدي لتأثير كل نظام ونتائجه.
1- المادة التاسعة من القانون اشترط على المرشح الا يكون من افراد القوات المسلحة او من المؤسسة الأمنية او اعضاء مجلس المفوضين السابق والحالي ولا يكون موظفا في المفوضية العليا المستقلة للانتخابات عند ترشحه. هذا النص يفهم منه انما وضع للانتقام من أعضاء مجلس المفوضين الحالي والسابق اما الدورة الأولى والثانية فيبدو انه مسموح لهم وهذه انتقائية غريبة، هذا من جهة وكان السلطة التشريعية في العراق ومن ورائهم النخبة الحاكمة في العراق يعلقون كل الفشل السياسي والأمني والاقتصادي على عاتق المفوضية ومجلسها الحالي والسابق فقط. ناسين او متناسين ان المفوضية غير مسؤولة عن توفير الماء والكهرباء، وليس لديها قوات امنية لصيانة سماء وتراب العراق، وناسين ان مطالب الجماهير المنتفضة هي إزاحة هذه النخبة الحاكمة عن السلطة وان شعارهم (نريد وطن) مغزاه ومعناه واضح للجميع. علما ان النص الأصلي للمشروع الذي اعد من قبل مكتب رئيس الجمهورية كان يمنع كل الوزراء الحاليين والسابقين ورؤساء الجمهورية ونوابه ورؤساء الوزارة ونوابه ورؤساء الهيئات المستقلة والجهات غي المرتبطة بزارة وجميع المحافظين ونوابهم ووكلاء الوزرات والمستشارين والمدراء العامين (عدا تركهم العمل لمدة لا تقل عن سنتين من تاريخ ترشحه) وأيضا القضاة وأعضاء الادعاء العام . لكن مجلس النواب أهمل كل هؤلاء وركز على موظفي المفوضية المساكين ومجلسيها الحالي والسابق، لأنه لا تزال عالقة في اذهانهم عدم فوز ما يزيد على مائتي عضو سابق في مجلس النواب في انتخابات أيار 2018، لذلك صمموا على معاقبة المفوضية باي شكل كان وهذا واضح من خلال هذا القانون وقانون المفوضية الجديد الذي قرر تشكيل مفوضية جديدة وفق مقاس النخبة الحاكمة لضمان استمرارهم بالسلطة والوقوف بوجه أي تغيير حقيقي لمجرى الأمور في البلد.
2- بالنسبة للمقاعد المخصصة للمكونات وفق احكام المادة الفقر ة(ثانيا) من المادة (13) من المشروع، فانه من غير الواضح على ماذا اعتمد المشروع في تحديد عددها بالنسبة لكل مكون. هل تم اعتماد مبدأ نسبة مقعد واحد لكل مائة ألف نسمة الوارد في الفقرة أولا من المادة (49) من الدستور؟ ام ان وزارة التخطيط قد زودت مجلس النواب بإحصائيات لعدد نفوس كل مكون؟ حيث هنا لا بد من الإشارة الى ان القوانين الانتخابية التي صدرت بعد سنة 2010 والتعديلات التي أجريت عليها لم تلتزم أي منها بتنفيذ قرار المحكمة الاتحادية رقم (11/اتحادية/2010) والتي قررت ان المقاعد المخصصة للمكون الايزيدي (مقعد واحد) لا تتناسب مع عدد نفوس أبناء هذا المكون. وان مجلس النواب رفضوا مرة أخرى الالتزام بقرارات المحكمة الاتحادية بالإضافة الى اصرارهم على تجاهل الحقوق الأساسية لهذا المكون الأصيل. حيث ان قرارات المحكمة الاتحادية باتة وملزمة حسب نص المادة (94) من الدستور التي تنص على أن (قرارات المحكمة الاتحادية العليا باتة وملزمة للسلطات كافة)، ومنها السلطة التشريعية. لهذا نعتقد ان عدد المقاعد المخصصة للمكون الايزيدي يجب الا تقل عن ثلاث مقاعد نسبة الى عدد نفوسهم وقياسا لمكونات أخرى خصصت لهم مقاعد يفوق عدد نفوسهم الحالي. وهذا الامر نعتقد انه استمرار لمعاناة أبناء هذه الديانة في ظل حكم الحكومات المتعاقبة في الدولة العراقية واكمالا لما حدث لأصوات النازحين الايزيديين في انتخابات أيار 2018. لذلك كان من الضروري زيادة عدد المقاعد المخصصة للمكون الايزيدي، لدى التصويت على الفقرة الثانية من المادة من القانون. حيث ان اقراره بهذه الصيغة سيعرض القانون للطعن فيه امام المحكمة الاتحادية من قبل أبناء هذا المكون المتضررين.
3- بخصوص الفقرة (هاء) من (ثانيا) من نفس المادة (13) من القانون منح مقعدا للكرد الفيلية في محافظة واسط وهذا امر حسن اسوة بغيرهم من المكونات الاصيلة في العراق، لكن السؤال هنا لماذا لم يخصص لهم أيضا مقعدا في محافظة بغداد؟ كما كان مقررا في قانون انتخاب مجالس المحافظات رقم 36لسنة 2008، علما ان عدد المصوتين لكوتا الكرد الفيلية في محافظة بغداد هو حوالي ثلاثين ألف مصوت، وهذا عدد كبير قياسا الى عدد المصوتين لمقاعد الكوتا بالنسبة للمكونات الأخرى ويؤهلهم لضرورة تخصيص مقعد لهم في بغداد، وهذا غبن واضح تجاه هذا المكون الأصيل. حيث يبدو انه لا تكفي ما تعرض له الكرد الفيلية من جرائم النظام السابق وكونهم قبل الترحيل كانوا يشكلون عماد الحياة الاقتصادية في بغداد؟ السؤال لماذا؟ واعتقد الجواب عند الأحزاب السياسية الحاكمة في العراق.
4- الفقرة الثالثة من نفس المادة التي نصت على ( تكون المقاعد المخصصة من الكوتا للمسيحين والصابئة المندائيين ضمن دائرة انتخابية واحدة). وهو نص غامض لان السؤال ضمن اية دائرة انتخابية واحدة؟ حيث يبدو انه فات على أعضاء مجلس النواب عند التصويت إضافة اعتبار العراق دائرة انتخابية واحدة لهم او تحديد دائرة محددة لهم في كل من محافظات بغداد ونينوى وكركوك ودهوك واربيل نظرا لقرارهم المسبق للتصويت على القانون بالسرعة على علاته. بالإضافة الى انه لم يذكر النظام الانتخابي المتبع لتوزيع المقاعد ولم يذكر أيضا في القانون أيضا الية الترشيح للتنافس على اشغال مقاعد كوتا المسيحين هل سيكون وفق القائمة ام الترشيح الفردي وفق ما قررتها الفقرة الثانية من المادة (15) من القانون. ولا نعرف وفق هذا الغموض كيف سيضمن مجلس المفوضين الجديد من ضمان ان يكون من بين الفائزين مرشحا عن المحافظات الخمسة أعلاه؟
5- بخصوص الترشيح الفردي وتقسيم المحافظة الى عدد من الدوائر لا يعرف عددها ولا حدودها، لا يعرف على ماذا يستند في ذلك تقسيم هذه الدوائر؟ هل هي على أساس مائة ألف نسمة لكل دائرة؟ أو ان كل قضاء ستكون دائرة انتخابية لوحدها بغض النظر عن عدد نفوسها خاصة بالنسبة للأقضية التي تكون عدد نفوسها يفوق مائة الف كما في اقضية المركز للمحافظات، ام ستقسم كل محافظة الى عدد من الدوائر بغض النظر عن الحدود الإدارية للأقضية والنواحي كما جاء النص في الفقرة الأولى من المادة الخامسة عشر بهذا الشكل (تقسم الدوائر الانتخابية المتعددة في المحافظة الواحدة)، هذا النص العام لم يحدد هل ستقسم الى دوائر انتخابية منفردة العضوية ام متعددة العضوية، والاغرب انها لم تحدد معايير هذا التقسيم هل ستكون حسب النفوس ام الحدود الإدارية ام تقسيمات كيفية حسب رغبة كل جهة سياسية مسيطرة في كل محافظة. وان تقسيم الدوائر الانتخابية وتحديد حدودها من اهم عيوب أنظمة الأغلبية في الانتخابات، حيث ان ظاهرة (الجرماندرية) في الولايات المتحدة بخصوص التلاعب في تقسيم الدوائر الانتخابية معروفة للمختصين بالشأن الانتخابي.
6- ان المادة الخامسة عشر في الفقرة الثانية منها يحدد ان طريقة الترشيح في هذه الانتخابات تعتمد على الترشيح الفردي وهذا ما هو متطلب في نظم الأغلبية للانتخابات لكن القانون يشير الى القائمة في أكثر من مكان، في المادة الأولى منه حول القائمة المفتوحة التي هي تتوافق مع نظم التمثيل النسبي وهي الية للتصويت في طريقة خاصة بهذه النظم ولا تعمل مع نظم الأغلبية. كما وردت القائمة في المادة الحادية عشر، وأيضا فان المادة الرابعة عشر يشترط على كل قائمة مراعاة وضع اسم امرأة بعد كل ثلاثة رجال. وهذا تخبط واضح لدى واضعي المقترح في فهم اليات عمل كل نظام انتخابي، مما يعني ضعف الوعي الانتخابي لدى اغلب النخبة السياسية الحاكمة ومعرفتهم القليلة بالجوانب الفنية والعملياتيه والتحديات المالية والإدارية والتنظيمية وأيضا الأمنية لإجراء الانتخابات في العراق. وعندما تأتي النتائج على عكس هواهم ومصالحهم فان كبش الفداء حاضر وهي المفوضية لتعليق فشلهم عليها كونها أضعف حلقة في مؤسسات الدولة العراقية.
7- الفقرة الثالثة من المادة الخامسة عشر من القانون تتحدث عن ترتيب المرشحين حسب اعلى الأصوات ليعتبر الفائز في الدائرة الانتخابية حسب نظام الأغلبية البسيطة والأغلبية النسبية وهي التسمية القانونية الصحيحة في حين ان القانون استخدم اصطلاح الفائز الأول، ووفق هذا النظام فانه لا يستوجب ترتيب المرشحين بل معرفة من الذي حصل على اعلى الأصوات ليكون فائزا في تلك الدائرة. حيث يبدو ان اغلبية أعضاء مجلس النواب لا يعرفون ان نظام الفائز الأول يتطلب دوائر منفردة العضوية اما إذا أصبحت متعددة العضوية فانه لا يبقى نظام الفائز الأول بل يصبح أي نظام اغلبية اخر سواء كان نظام الكتلة او الصوت البديل او نظام الصوت المحدود. ولم يحدد القانون اية طريقة لتصويت الناخبين وإذا كانت دوائر منفردة العضوية فلا مشكلة في ذلك لان الناخب سيصوت لمرشح واحد فقط حيث يجب وفق نظام الأغلبية ان تكون بطاقة الاقتراع مصممة لكل دائرة انتخابية لتضم أسماء جميع المرشحين فيها. لكن إذا كانت دوائر متعددة العضوية فكان يستوجب تحديد الية التصويت خاصة وان هذه الفقرة تتحدث عن ترتيب أسماء المرشحين حسب ما حصلوا عليها من أصوات، والغريب انها تضع النظام الفائز الأول لكن نفس الفقرة تقول في نهايتها (وهكذا بالنسبة لبقية المرشحين). وفي هذه الحالة إذا بقي التصويت في كل دائرة لمرشح واحد فقط وان كانت دوائر متعددة العضوية فهنا يكون النظم الانتخابي المطبق هو نظام الصوت الواحد غير المتحول والذي لم تشير اليه هذه المادة، وهذا واضح من خلال نص الفقرة الرابعة من نفس المادة التي تتحدث عن المقعد الأخير وتساوي أصوات بين المرشحين لنيل هذا المقعد. كل هذه انما يدل على ان تنفيذ هكذا (نظام) والمقترح من قبل ععد من أعضاء مجلس النواب سيلاقي صعوبات جمة لدى التطبيق كونه نظام معقد ويحتاج الى تنظيم عملياتي وفني كطبع أوراق الاقتراع وعدد الدوائر الانتخابية الكثيرة وعدد الشكاوى التي تزداد تبعا لعدد الدوائر الانتخابية، مما تحتاج الى وقت طويل لحسمها. كل ذلك سيؤدي الى الطعن في نتائج الانتخابات وتسجيل عدد كبير من الطعون على تطبيقه، وهذا سيؤدي الى استمرار ضعف الثقة بالعملية الانتخابية، حيث ستكون المفوضية هي المتهمة دائما على تطبيق هذا النظام الانتخابي مثلما يحدث بعد كل عملية انتخابية، طبعا واضعوا القانون والنخبة السياسية الحاكمة بعيدون عن الخطأ !.
8- ان تطبيق القانون بحالته هذه ووفق تطبيق احكام المادة الخامسة عشر منه فانه سيطبق نظام الفائز الأول بالنسبة للدوائر المنفردة بموجب الفقرة الثالثة من هذه المادة، اما اذا كانت دوائر متعددة العضوية فان النظام المطبق وبدون تحديد الية التصويت فسيكون النظام المطبق هو الصوت الواحد غير المتحول. وبما ان النظامين هما ضمن نظم الأغلبية فان لها بعض العيوب وبعض الميزات ولكن لكل نظام لوحده أيضا بعض المميزات وأيضا عددا من العيوب. فنظام الأغلبية البسيطة او الفائز الاول يمتاز بسهولة عملية التصويت بالنسبة للناخب، الدوائر، مع سهولة وبساطة عمليات العد والفرز. وتتولد عنها استقرار الحكومي، حيث أنه في نظم الأغلبية يفوز حزب أو تحالف انتخابي متماسك في الانتخابات ويحصل على الأغلبية. لكن في نفس الوقت فللنظام أيضا بعض العيوب ومنها انه يتسم بعدم العدالة وحيث أن المرشح أو القائمة التي تحصل على أكثرية الأصوات يحوز على المقعد النيابي مما يكون سببا في هدر عدد كبير جدا من الأصوات في كل دائرة انتخابية وإذا يتم احتساب تلك الأصوات في جميع الدوائر الانتخابية على نطاق العراق فسيكون العدد مهولا. وهنا يكون الطبيعي أن يفوز حزبا ما في الانتخابات ويشكل الحكومة، ولكن (أغلبية) المصوتين لم يدلوا بأصواتهم لصالحه. أي ان هذا النظام ليس في مصلحة الأحزاب الصغيرة عدا كونه لا يعبر عن تمثيل جميع فئات الشعب وطوائفه بصورة حقيقة وواقعية. وانه لا ينتج عن هذا النظام تعددية سياسية وحزبية، حيث ان التطبيق الطويل له ينتج عنها نظام الثنائية الحزبية، وتؤدي إلى سيطرة حزبين قويين على الحياة السياسية في البلاد، طبعا هذا لا يعني وجود أحزاب سياسية صغيرة وضعيفة الى جانب الحزبين الكبيرين. كما أن تطبيقه يؤدي إلى سهولة فوز مرشحي القبائل والعشائر ورجال الدين بالأغلبية اللازمة للحصول على المقعد النيابي، في الدائرة منفردة العضوية، ويؤدي بالتالي الى انتخاب برلمان يسيطر عليه زعماء العشائر ورجال الدين.
اما بموجب نظام الصوت الواحد غير المتحول فتكون هنالك دوائر انتخابية متعددة العضوية وليست منفردة، ولكن طريقة التصويت تكون مثل طريقة نظام الأغلبية البسيطة (الفائز الأول)، حيث يدلي الناخب صوته لمرشح واحد فقط، وهناك أكثر من مقعد شاغر في كل دائرة انتخابيه، والمرشحون الذين يحصلون على أعلى الأصوات سيشغلون هذه المقاعد. ويتميز هذا النظام بأنه الأقدر على تمثيل أحزاب الأقليات القومية والدينية، وكذلك للمرشحين المستقلين، ويعتمد هذا على عدد المقاعد المخصصة للدائرة الانتخابية وقد رشح تطبيق نظام الصوت الواحد غير المتحول في الأردن انتخاب مرشحين مستقلين أو موالين للملكية في مناطق سيطرة أحزاب ذات شعبية واسعة كالجبهة الاسلامية. مما أدى إلى رفع الأصوات للدعوة إلى تغييره. لكن في العراق فان الوضع مختلف تماما حيث تستطيع الأحزاب من حشد الأصوات لمرشحيها وتوزيع الأصوات بينهم في كل دائرة انتخابية بحيث تتمكن من حصد اغلب المقاعد خاصة وان هذا النظام يعمل مع الدوائر قليلة العضوية. أما أهم عيوب النظام، فان تطبيق هذا النظام هي في غير مصلحة الأحزاب الصغيرة التي غالبا ما تكون أصواتها متناثرة على الصعيد الوطني حيث ربما لا تفوز بأية مقاعد. كما إن هذا النظام مثل نظام الصوت الواحد المتحول يؤدي إلى انقسامات داخل الأحزاب السياسية، إذ أن مرشحي الأحزاب يتنافسون فيما بينهم في حقيقة الأمر، بالإضافة إلى منافسة مرشحي الأحزاب الأخرى حيث أن الناخب له حق التفضيل لمرشح واحد بين مرشحي الحزب وفي دائرة انتخابية متعددة العضوية.
9- بالنسبة لتطبيق كوتا النساء الدستورية فان الالية التي وضعت في هذا القانون غريبة لان النظام الانتخابي المقترح في المشروع هو نظام الأغلبية البسيطة (الفائز الأول) بالنسبة للدوائر المنفردة العضوية، حيث المعروف ان هذا النظام يعتبر من أصعب الأنظمة الانتخابية من حيث تطبيق كوتا النساء. اما إذا كانت متعددة العضوية فسيكون طريقة التوزيع أسهل. لكن الخطوات التي أدرجت في الفقرة خامسا من المادة السادسة عشر، بإضافة مقعد وهمي لعدد النساء الفائزات لكل دائرة ومن ثم استخراج النسبة المئوية بتقسيم عدد مقاعد النساء في كل دائرة على العدد الإجمالي لمقاعد الدائرة ومن ثم ضربها في مئة. وبعد ذلك إضافة مقعد واحد للناس في الدائرة التي حصلت على اقل نسبة مئوية، وهكذا تعاد العملية من جديد في حال عدم استيفاء عدد المقاعد المخصصة للمرأة في المحافظة بنسبة الربع لحين اكمالها. وهنا فان المشرع قد وجد طريقة لغرض استيفاء كوتا النساء بالنسبة للدوائر الانتخابية، ولكن لم يحل الية توزيعها بين المرشحين الفائزين في كل دائرة انتخابية ولم يشر اليها في القانون، بالإضافة الى وجود تناقض واضح في هذه الالية مع النظام الانتخابي الذي يقسم كل محافظة الى عدد من الدوائر الانتخابية في حين يلجأ الى اعتبار المحافظة بمثابة دائرة انتخابية واحدة لغرض استيفاء نسبة الربع لكوتا النساء. وستكون هذه النقطة بالذات مصدر عشرات الطعون على الية التوزيع لأنها تحتاج الى سلسلة عمليات حسابية بالإضافة الى عدم وضع طريقة استيفائها بين المرشحين، مثلا ما هو الحل لو ان المحافظة قد قسمت الى عدد من الدوائر الانتخابية المنفردة العضوية ولم تفز المرأة بأي مقعد في أية من تلك الدوائر الانتخابية، هنا لن تكون هنالك اقل نسبة مئوية في اية دائرة انتخابية حسب الفقرة سادسا من المادة السادسة عشر من القانون، فما هو الحل يا أعضاء مجلس النواب المصوتين على هذه المادة؟؟. لهذا عندما تكون المحافظة دائرة انتخابية واحدة او تقسم على عدد من الدوائر انتخابية متعددة العضوية لكن لا تقل عدد المقاعد المخصصة لأية دائرة منها عن أربع مقاعد هنا سيكون من السهل تطبيق كوتا النساء.
10- يبدو ان المشروع قد فاته ان سجل الناخبين الالكتروني يعتمد في بناءه الأساسي على قاعدة بيانات البطاقة التموينية، حيث لا يوجد تطابق بين بيانات قاعدة البطاقة التموينية المبني على أساس مراكز تموينية، وبين الحدود الإدارية للأقضية والنواحي. وبالتالي فان هذا النظام سيلاقي صعوبة بالغة في التطبيق لدى تقسيم الدوائر حتى تتمكن المفوضية من اسقاط سجل الناخبين على الحدود الخاصة لكل دائرة انتخابية، ومن ثم فتح مراكز انتخابية لكل دائرة انتخابية دون ان يكون هنالك خلط وتداخل فيما يخص توزيع الناخبين فيها فيما يخص تنفيذ الفقرة (خامسا) من المادة السابعة عشر من القانون. لذلك يبدو ان هنالك عدم وضوح بخصوص ماهية سجل الناخبين وكيفية بناءه والخلط بين عدد النفوس والناخبين والية انتشار مراكز ومحطات الاقتراع على أساس سجل الناخبين لدى اقتراح تقسيم كل محافظة على عدد من الدوائر الانتخابية وفق الحدود الإدارية لكل قضاء او دمجها او انشطارها، حيث ان جعل المحافظة دائرة انتخابية واحدة لحد الان كان يتم تجاوز هذه الإشكالات وغيرها التي لا مجال لذكرها هنا.
11- لم يتضمن الفصل السادس المخصص لسجل الناخبين اية إشارة لعملية التسجيل البايومتري، والتي قطعت المفوضية فيها شوطا كبيرا في تسجيل الناخبين العراقيين. حيث كان من المفروض ان تنص مادة في المشروع على ضرورة تسجيل جميع الناخبين العراقيين (المتبقين فقط والمواليد الجديدة) بايومتريا، ووضع جدول زمني لذلك وان يتم توفير جميع الإمكانيات المالية والفنية والموارد البشرية لإكمالها، حيث سيكون بعد ذلك التصويت وفق البطاقة البايومترية فقط، وحتى يمكن بعد ذلك من الممكن اسقاط سجل الناخبين وفق اية دوائر انتخابية يقررها القانون الانتخابي، وان تنفيذ ذلك سيضمن نزاهة وسلامة العملية الانتخابية الى حد كبير. لكن هذا المشروع وضع اليات لتسجيل الناخبين أصبحت قديمة ومعروفة لدى الجميع وهي مطبقة في العراق منذ سنة 2004ولحد الان وتلاقي بعض المشاكل والتعقيدات لدى تطبيقها وتبرز بشكل خاص يوم الانتخابات وهي معروفة للمتابعين للشأن الانتخابي في العراق.
من كل مواد القانون يبدو واضحا ان واضعي القانون يبغون عدم اجراء اية انتخابات مبكرة، خاصة بعد معرفة ان مفوضية الانتخابات سيعاد هيكلتها وأنها افرغت من خيرة كوادرها وان هنالك مجلس جديد من السادة القضاة سيديرونها وهم لم يمارسوا تنفيذ وتخطيط اية عملية انتخابية لحد الان، فلنا ان نتصور كيفية اجراء اية انتخابات على المدى القريب، انها عملية ضحك على الذقون والهدف الواضح والجلي هو بقاء النخبة الحاكمة في السلطة على الأقل لنهاية السنة القادمة. وكأن هذه الانتفاضة الشعبية العارمة لم تكن احتجاجا على الوضع المعاشي والخدمي والأمني والسياسي السيء في العراق منذ أكثر من ستة عشر سنة وقبلها لعشرات السنين. وبوضع نظام انتخابي صعب التطبيق في ظل هكذا ظروف ستكون المفوضية هي الجهة التي سيصوب عليها النخبة السياسية الحاكمة في العراق سهامهم وجل غضبهم ويتم تعليق كل الفشل السياسي في الحكم على عاتق المفوضية. والتجربة اثبتت ان القوى السياسية لا تفكر مليا لدى وضع أي نظام انتخابي بنتائجه العملية خاصة في ظل تغير مزاج الناخب العراقي، بل جل تفكيرهم ينصب فيما سيجنون من وراء تطبيق هذا النظام او ذلك حسب تخيلهم وتحليليهم السياسي لنتائج الانتخابات ومحاولة لي عنق القانون ليكون وفق رؤاهم واهدافهم. وقد حاولت النخبة الحاكمة بكل جهدها من تغيير مسار الاحداث في المنطقة من خلال الإصرار على وضع العراق ساحة حرب مفتوحة للصراع الإيراني الأمريكي وجعل أبناء الشعب العراقي يدفعون ضريبة هذا الصراع، بحيث وضعت هذه الاحداث العراق بأرضه وشعبه على كف عفاريت واشنطن وطهران وحتى عواصم أخرى، لذلك فان الحديث عن اجراء انتخابات مبكرة سيصبح ترفا فكريا لا غير. وبهذه الوسيلة يتم القضاء على ثورة الشباب وخنق أهدافها، والتي قدمت لحد الان حوالي ستمائة شهيد وأكثر من عشرين ألف جريح من بينهم حوالي أربعة الاف معوق ومئات الموقوفين والمعتقلين واغتيال أكثر من ثلاثين ناشط. ولغرض ذر الرماد في الاعين يظهر بين فترة وأخرى أحد ممثلي النخبة الحاكمة في وسائل الاعلام ليتحدث حول اجراء انتخابات مبكرة واجراء تغييرات واصلاحات مستقبلية في بنية نظام الحكم في العراق بموجب قانوني المفوضية وقانون الانتخابات الجديدين، لكن الحقيقة ان القانونين هما بمثابة خطوة الى الامام لكن خطوتين الى الوراء كما قال احدهم قبل اكثر من قرن من الزمن.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كاميرا العربية ترصد نقل قوارب المهاجرين غير الشرعيين عبر الق


.. هل يمكن أن يتراجع نتنياهو عن أسلوب الضغط العسكري من أجل تحري




.. عائلات الأسرى تقول إن على إسرائيل أن تختار إما عملية رفح أو


.. بعد توقف القتال.. سلطات أم درمان تشرع بترتيبات عودة النازحين




.. عادل شديد: الهجوم على رفح قد يغلق ملف الأسرى والرهائن إلى ما