الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الطبقة العاملة تدق أبواب دمشق

بدر الدين شنن

2006 / 5 / 30
الحركة العمالية والنقابية


إنه أكبر من اعتصام .. وأكبر من تظاهرة .. ماقام به أكثر من ألف عامل في الشركة السورية للبناء والتعمير، في مدينة حرستا المحازية لدمشق منذ يومين ، احتجاجاً على عدم قبض رواتبهم منذ أشهر عدة ، واحتجاجاً على عدم توفير الرعاية الصحية لأطفالهم وعائلاتهم . وهذه الأهمية الكبيرة لاتكمن في جرأة العمال على كسر" حاجز الخوف" .. ومقاومتهم رجال الشرطة الذين سارعوا إلى محاصرتهم لمنعهم من متابعة الزحف إلى دمشق ومن تداعيات تظاهرهم في قلب دمشق على الوضع السوري برمته .. ولا في إجبارهم وزير الإسكان والتعمير ومعاون وزير الداخلية على الحضور إليهم حيث هم يدقون أبواب دمشق ، ومن ثم انتزاع رواتبهم التي أخرها الفساد ربيب الاستبداد وتأمين مطالبهم المشروعة الأخرى .. وإنما هو الدلالة على أصالة الطبقة العاملة النضالية ضد الاستغلال والظلم الاجتماعي والقهر والاستبداد .. وعلى قدرتها عندما تتحرك على انتزاع حقوقها ورفع صوتها المميز في الصراعات الاجتماعية والوطنية . وقد قامت بهذا الدور أيام الاحتلال الفرنسي عندما قام عمال الكهرباء والحافلات عام 1936 بإضرابهم المعروف الذي تحول إلى إضراب وطني شامل استمر ستين يوماً ، وأيام الدكتاتور الشيشكلي حيث زعزع إضراب عمال النسيج في حلب و دمشق ذلك النظام الدكتاتوري ولعب دوراً هاماً في ا سقاطه عام 1954، كما لعبت دوراً كبيراً في إضعاف وا سقاط نظام مابعد الوحدة مع مصر ، الذي تجرأ وألغى القطاع العام والاصلاح الزراعي عام 1963

إن ما جرى من تحرك عمالي مؤخراً في الشركة العامة للبناء والتعمير ليس هو التحرك العمالي الوحيد في الشركة ذاتها أو في شركات أخرى ، وهو ليس جديداً أو مقتصراً على شركة أو مدينة دون أخرى ، وإنما حتى في أشد الظروف القمعية قد ظهر مثل هذا التحرك هنا وهناك .. نجح أوفشل بالقمع .. لكنه قائم ومستمر . فعمال معمل الإسنت في طرطوس عام 1982 قاموا بإضراب شجاع لنفس الأسباب المتعلقة بتراكم الأجور والرواتب والرعاية الصحية .. وقاوموا الشرطة .. ونالوا حقوقهم . وفي هذا الصدد لاغنى عن القول ، أن هناك ملايين العمال في القطاعين العام والخاص ، يكابدون ظروفاً لاتقل سوءاً إن في مستوى مداخيلهم في ظروف غلاء منفلت متوحش ، أو في شروط عملهم ، تغلي في صدورهم وعقولهم عزائم الرغبة في التحرك والتمرد

لكنه للأسف الشديد هناك ، حتى الآن ، عدم اهتمام ملموس من قبل قوى سياسية مطلوب منها أن تكون هي القائدة والمشاركة في مثل هذه التحركات . وهناك غياب نقابي كفاحي في الساحة العمالية . وهناك تقصير فاضح للمنظمات المدافعة عن حقوق الإنسان . وهناك تعتيم لئيم من الإعلام . كل هذا يشارك ، بشكل أو بآخر ، مع الاستبدادوالفساد في ا ستغلال الكادحين في البلاد ، وفي حجب العلم بتحركاتهم ونضالاتهم وبدورهم الاجتماعي - السياسي

بمعنى آخر ، يبدو أن هناك خوف غير مفهوم من البعض وغير مقبول من البعض الآخر ، من أن ينطلق أولئك الذين لايخسرون غير قيودهم من القمقم ويحتلون الشارع .. ويطرحون آراءهم وإراداتهم في عملية التغيير الوطني الديمقراطي وفق معايير مغايرة لمعاييرهم السياسية - الاجتماعية ، وهذا مايبقي الماء جارياً إلى طاحونة النظام ، ويبقي عملية التغيير تلك أسيرة الأخذ والعطاء ، ضمن قوانين لعبة سياسية ، محكومة بدور متفرد للخارج الذي يتحفز لتوجيه ضربة نوعية للكيان الوطني كله

لقد لفت هذا الإنجاز النضالي الشجاع لعمال الشركة العامة للبناء والتعمير مرة أخرى ، إلى أن القوى العمالية في المراكز الإنتاجية والقوى الشعبية الواقع عليها الظلم مضاعفاً ، إذا ما ارتبط مطلب اللحظة بحقها بالوجود .. بلقمتها وحياتها ، قادرة على مواجهة آليات الاستبداد ، وإلى أن التغييرات الكبرى في المجتمع لاتتم إلاّ بقوى اجتماعية تحمل شحنات مطلبية اجتماعية - سياسية مشروعة كبرى . وقد قلنا في مقالات سابقة ، أن الطبقة العاملة وامتدادتها الشعبية الفقيرة هي القوى الاجتماعية الأساسية الحاملة لمشروع التغيير الوطني الديمقراطي .. وبدونها .. لاتغيير حقيقي .. وإنما تغيير في الطبقة الحاكمة لإعادة اقتسام كعكة السلطة

تحية نضالية حارة إلى العمال الشجعان في الشركة العربية السورية للبناء والتعمير .. وإلى كل العمال الذين يتحدون الاستغلال والقهر في كل المدن والمعامل السورية








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. نتنياهو في مأزق.. إضراب شامل ينتظر إسرائيل خلال ساعات


.. إضراب عام بإسرائيل لإقالة نتنياهو وعقد صفقة رهائن




.. دعوات لإضراب شامل في إسرائيل للضغط على نتنياهو للقبول بصفقة


.. منافسة خالية من الانبعاثات السامة.. موناكو تحتضن سباق القوار




.. دول تفضل العمل لـ 4 أيام لزيادة الإنتاجية وتحسين نفسية الموظ