الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عن إغتيال قاسم سليماني وأبومهدي المهندس : السؤال المطروح , والسؤال البديل ..!!

محمود الزهيري

2020 / 1 / 6
مواضيع وابحاث سياسية


في هذا العالم قدر كبير من الجرائم والخطايا والأخطار التي ترتكب ضد الإنسان , وتجعله يعيش في فقر ومرض وجهل وبؤس , وكذلك في هذا العالم أعداد هائلة ممن تمارس القسوة والعنف والتعذيب ضدهم , لمجرد الإختلاف في اللون أو النوع أو الجنس , فما بالكم بالمختلفين في الدين أو الطائفة أو المذهب , بل لدرجة الإختلاف في الجماعة الدينية ..!! في هذا العالم تعيش الملايين من المشردين واللاجئين , وملايين أخري بلا أية حقوق إنسانية .. في هذا العالم يتم توظيف الدين والمرأة والقوة للتخديم إرادة الأقوياء والأثرياء .. في هذا العالم , يوجد عالم أول , وعوالم أخري تغرق في المستنقعات الآسنة للمفاهيم الدينية والقومية .. في هذا العالم يوجد عالم آخر موازي يسمي بعالم العرب والمسلمين , يعيش سكانه تحت سطوة الدين ورجال الدين والمشايخ والكهان .. في هذا العالم المنقسم إلي شيعة وسنة , صار هو البلاء لأوطان العرب والمسلمين , وهو المرض لشعوب العرب والمسلمين .. في هذا العالم توجد إيران ترعي التطرف والعنف والإرهاب الديني , وفي هذا العالم توجد السعودية التي تصنع نفس صنائع إيران .. في هذا العالم صار تفكيك العلاقة بين الإسلام كدين , وبين الشيعة والسنة , كمذاهب بشرية ناتجة من فهم المسلمين للإسلام كدين وكشريعة وكعبادات ومعاملات , في هذا العالم يتوجب تحرير المسلمين من أسر التراث الديني المزيف والذي يعمل ضد الإنسان والحياة وضد الكون ..
في هذا العالم صار العرب والمسلمين في أدني الدرجات أو المراتب الإنسانية , وصاروا علي الدوام هم المفعول بهم , وغيرهم هم من يقوموا بدور الفاعل حسب إرادة العلم والقوة والثروة والهيمنة والسيطرة , ومثال من يقوم بدور الفاعل الرئيس , نراه شاخصاً في الولايات المتحدة الأمريكية , والدول التي تدور في نفس الفلك الأمريكي , ولايمكن أن تخرج الدولة العبرية من أي معادلة سياسية أو عسكرية علي المطلق , ناهيكم عن المعادلات العلمية والتكنولوجيا الحديثة , لدرجة صارت معها كافة القوي العظمي تعمل لها عظيم الحسابات قبل أن تخطو ثمة خطوات في أي اتجاه أو قرار , وهذا راجع لقدرات الدولة العبرية في كافة المجالات والمسارات مقارنة بكافة الدول العربية والإسلامية !
في هذا العالم صارت الديمقراطية والحريات والحقوق الإنسانية , أدوات تراوغ بها دول العالم الأول , كافة شعوب العالم العربي والإسلامي , وتدغدغ بها مشاعرهم بإتجاه مايعيشون فيه من فقر وجهل ومرض وصراعات دينية وعرقية , مبنية في الأساس علي إختلاف الدين وتنوعاته المذهبية والطائفية , واختلاف اللغة واللسان واللهجة , ومن هنا تتأسس مآسي الدول العربية والإسلامية والتي تحيا في مستنقعات التمييز والعنصرية والتفرقة اللعينة بأسباب راجعها إلي اللغة والدين ..
2
وكأن الولايات المتحدة الأمريكية لاترضي بالديمقراطية والحريات والحقوق الإنسانية للشعوب العربية المأزومة بأنظمة الإستبدادي العسكري / الديني , وكأنها تريد إستمرار منظومات تحالف الكاب العسكري والعمامة الدينية , فهذا التحالف هو من يحمي التواجد الأمريكي , والتواجد الأجنبي بصفة عامة , في غالبية أوطان الإستبداد والطغيان والقسوة والعنف السلطوي ضد أبناء هذه الأوطان ممن يتم حكمهم بالحديد والنار , بمزاعم حماية السماء والدفاع عنها , ومزاعم حماية الأمن القومي لهذه الأوطان , والتي هي مكشوفة بكافة تفاصيلها الدقيقة , قبل خطوطها العريضة , وفي أي لحظة تريد تلك القوي العظمي أن تخضع هذه النظم الإستبدادية لقراراتها ومصالحها , فحتماً يكون لها ذلك , ويكون لها ماتريد ..
3
ومن أسوأ وأفظع ماتمر به المنطقة العربية بتخومها الإسلامية , تلك الصراعات السنية الشيعية التي لم تنتهي منذ الخلاف بين علي ومعاوية , والذي علي إثره تم صناعة مصطلحي السنة والشيعة , والمصنوعين بالكذب والغش والنفاق والمراوغة لجلب الأتباع وحصد المصالح , حتي وإن كانت علي حساب الأرواح والأجساد والجراح والدماء والحرائق والخراب , وهذا هو الكائن في عالم مايسمي بعالم العرب أوعالم المسلمين , فالصراع بين أتباع علي وأنصار معاوية مازال مستمراً في أماكن كثيرة من هذا العالم العربي الإسلامي المسكون بالكذب والغش والخداع والخرافة , والمؤمن بالإستبداد والممارس للطغيان , والذي تحتشد دوائره بكافة علامات وإشارات ورموز الفساد في كافة الأرجاء والأنحاء !!
4
وفي المشهد العربي الإسلامي , نجد أوطان طالتها نيران الخراب والدمار للأخضر واليابس , وصارت فيها الجثث والأشلاء والدماء علامات شاهدة علي صراعات طائفية مذهبية ملعونة , وتزكي هذه النيران إيران والسعودية , والمشهد محشود بإمتدادات هاتين الدولتين , الحاكمتين لشعبيهما بالإستبداد والطغيان والفساد والقسوة والتعذيب لحد الموت , وتغيب عن مظاهر الحياة لديهما , كافة الحريات الفردية والحريات المجتمعية , وهذا ليس في هاتين الدولتين فقط , ولكن يتعداهما الأمر إلي غالبية دول العرب والمسلمين , بإستثناءات بسيطة ممثلة في لبنان وتونس , بالرغم من سطوة السلوك الإجتماعي لبعض أفراد المناطق فيهما , والذين تحتشد عقولهم بأفكار وتصورات وهلاوس المرأة وجسد وأزياء المرأة وعوراتها وزينتها حسب المردود الديني في العقل الجمعي الديني ..
ومايشغل هذه الشعوب المغيبة بالمفاهيم والموروثات الدينية التي تعداها العصر الحديث بمراحل بعيدة , فمازالت هذه الشعوب مقيدة بقضايا المرأة وجسدها , وقضايا المحرمات في الطعام والشراب , وماينتج عنهما من جرائم تسمي لديهم حدود دينية , وعدا ذلك , لايهتموا لأي قضايا أخري ماتوفرت لهم أسباب الحياة من طعام وشراب وسكني وأمور أخري تتفاوت الحاجة الإنسانية إليها من منطقة إلي أخري .
5
وحال الحديث عن إغتيال قاسم سليماني , وأبو مهدي المهندس , في رحاب مطار بغداد الدولي , عبر قذيفة صاروخية من طائرة أمريكية بدون طيار تكلفتها تقترب من 80 مليون دولار , وبإرادة الرئيس الأمريكي المنفردة أو غير المنفردة , فقد صار الحديث عن هذا أمر غير ذي أهمية علي المطلق , ولكن الأمر الهام هو الحديث عن التداعيات التي يتصور الكثير أنها ستنجم عن جريمة الإغتيال , ومدي ردود الأفعال لها سواء علي مستوي القيادة الإيرانية في الداخل الإيراني أو عبر الأذرع الخارجية للدولة الإيرانية متمثلة في عدة دول علي رأسها العراق واليمن ولبنان وسوريا وبعض الأذرع في دول الخليج , وبالطبع لايمكن إغفال حركة حماس السنية في قطاع غزة , وماذا سيحدث في هذه البلدان صاحبة الأذرع الإيرانية , وخاصة أن إيران من المستحيل أن تدير حرباً منظمة مع الولايات المتحدة الأمريكية , ومن الصعوبة التفكير في ذلك , فماذا يكون الأمر حال التنفيذ , وكافة موازين القوي تمتلكها الولايات المتحدة , وانحياز دول الخليج العربي لأمريكا عامل مؤثر جغرافياً ضد إيران , وكذلك التحالفات بين أمريكا والعديد من الدول العربية والأوروبية .
علي ضوء ذلك يتضح أن البلدان التي ستمر بمراحل الخراب , هي البلدان التي تمتلك إيران أذرع خارجية بها , وعلي سبيل المثال العراق , والتي ستشهد علي إثر إغتيال سليماني والمهندس عدة صراعات داخلية تعطل المسيرة الديمقراطية بها , وتعيدها للوراء مراحل بعيدة , فهناك في مواجهة الشيعة ستكون التيارات والجماعات والأحزاب السنية , وكذلك روح القبيلة والعشيرة هي المسيطرة علي الوضع الإجتماعي العراقي , ولها تأثيراتها السياسية علي الدولة والمجتمع في آن معاً ..
6
ولعل المسألة الكردية يكون من العسير تدارك آثارها سواء قبل أو بعد إغتيال سليماني والمهندس , فالأكراد لهم هويتهم ولغتهم الخاصة بهم , وتتعامل معهم الدولة العراقية المنقسمة بين أتباع علي وأنصار معاوية , علي أنهم اقلية غير مرغوب فيها , بجانب العديد من الأقليات الدينية الحائرة والمضطربة في مشاعرها وأحاسيسها بإتجاه العرب شيعة وسنة , وأبسط توضيح للمسألة , أن العراق كدولة تنتسب في مسماها إلي العروبة , فتسمي بالجمهورية العربية العراقية , وسوريا تسمي بالجمهورية العربية السورية , ومعظم الدول الناطقة بالعربية تنتسب جمهوريتها ومسمياتها إلي العروبة , ومن هنا يتم أقصاء الأقليات من العلم ومن النشيد , فمن أين يتأتي الإنتماء إذاً؟!
ومن هنا يتضح أن الأكراد لايمكن أن يكونوا في معزل عن المعادلة التي تنتج الأزمات علي الدوام , إن لم يكونوا هم أصل وأساس في هذه الأزمة الراجعة إلي إرادة العرب شيعتهم وسنتهم بمنحاهم العروبي والإسلامي , ولذلك فتجد السنة والأكراد لايمهم كثيراً إغتيال سليماني والمهندس بإمتدادهما الشيعي أو العروبي والإسلامي , وهذا علي مستوي الجغرافيا والتاريخ الإقصائي للأكراد والأقليات الدينية والعرقية , ومن ثم فإنهم يمثلوا بعداً ذا أهمية في المسألة العراقية المأزومة , خاصة في مواجهة العراق للأمريكان والسياسة الأمريكية , فحتماً سيكون الميل والهوي لأمريكا , وليس للعراق !!
ومازال العراق تنهشه الطائفية والمذهبية , علي مستوي الدين واللغة , وعلي مستوي الولاءات المتعدية للحدود الوطنية إلي أوطان اخري , فولاء الدين السني مختلف عن ولاء الدين الشيعي , والمراجع والأيات والشيوخ , مرجعيتهم الدينية تتعدي الحدود القطرية إلي لا حدود , حيث الوطنية لديهم كفر , والقومية لديهم وثن , وأزمة الولاءات والإنتماءات مازالت قائمة في العراق , وسوريا ولبنان واليمن , وبعض المناطق في دول الخليج إلي خارج الجغرافيا الوطنية !!
وستكون أذرع إيران في هذه الدول , عبر الحوثيين في اليمن , وحزب الله في لبنان , وبالطبع حماس في غزة , ستوجه آلتها الإعلامية في مواجهة أمريكا وإسرائيل , ثم تكون هناك بعض العمليات الإنتقامية ذات المدي المحدود , والذي لايضر بأمريكا وقوتها وآلتها العسكرية الجبارة , ولكن سيكون الضرر عائداً علي الشعوب العربية في تلك البلدان , ومعطلاً للسير بإتجاه الحريات والديمقراطية والحقوق الإنسانية , ويتم إستخدام شعارات وهتافات مناوئة لأمريكا وإسرائيل , وحشد الفراغات السياسية والثقافية بل والعلمية والأدبية والفنية , بأحاديث التخويف والترعيب من العدو الخارجي , والمؤامرات التي يدبرها أعداء الأمة العربية أو الإسلامية , حسب موقعها في الحديث , ليستشعر المواطن العربي أن هناك مخاطر تحيط به وبوطنه , وأن هذه العصابات الدينية , والعصابات السياسية المؤيدة بحكم عسكري أمني , هي من تحميه ولا بديل عن الإستبداد والطغاة وطغم الفاسدين , أو هكذا تريد أنظمة الحكم العربية والإسلامية , سواء في إيران أو السعودية , أو الإمارات والعراق أو اليمن وسوريا , وسواء تعلق الأمر بمصر أو بليبيا , أو أي دولة يضمها الحزام العربي أو الحزام الإسلامي .
7
ولذلك , كان إغتيال سليماني والمهندس , بمثابة أداة قوية تستخدمها أنظمة الطغيان العربي والإسلامي لتعطيل مشاريع التنمية والديمقراطية , ولتفعيل دور الإستبداد وتنشيط دور المؤسسات العسكرية / الدينية / الأمنية , في مواجهة الشعوب , بمزاعم العدو الخارجي , والمؤامرات الخارجية , وتاريخ أكاذيب هذه الأنظمة طويل في الكذب والغش والخداع واللصوصية , بل والقسوة والتعذيب والقتل للمعارضين وإخفاؤهم قسريا في أبسط الأوضاع والأحوال !
والسؤال المطروح : هل سيكون هناك إنتقام إيراني من الولايات المتحدة الأمريكية , يردعها , ويعيد إلي إيران كرامتها المسلوبة , ومعها العراق وسوريا ولبنان واليمن , وكافة الدول العربية أو الإسلامية المسلوبة كرامتها ؟!
ولكن هناك سؤال آخر بديل : هل من دولة عربية أو إسلامية تحيا بأنظمتها الحاكمة وشعوبها بعزة وشموخ وكرامة , في مواجهة الدولة العبرية بصفة خاصة , ومواجهة أمريكا ومن دار في فلكها بصفة عامة !؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حماس: تلقينا رد إسرائيل على موقفنا حول وقف إطلاق النار وسندر


.. كارثة غزة بالأرقام.. ورفع الأنقاض سيستغرق 14 عاما | #سوشال_س




.. قوات النيتو تنفذ مناورات عسكرية متعددة الجنسيات في سلوفاكيا


.. طلاب جامعة كاليفورنيا الأمريكية يقيمون مخيم اعتصام داخل حرم




.. رئيس سابق للموساد: حماس متمسكة بمطالبها ومواقفها ?نها تحررت