الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المعلم العسكري

علي أحماد

2020 / 1 / 6
كتابات ساخرة


لماذا يرتدي معلم السنة الثالثة للغة الفرنسية زيا عسكريا لازمه طول تواجده بالمدرسة خلاف زملائه الذين يحرصون على جمال المظهر والهندام . يدخن بشراهة سجائر من التبغ الأسود الرخيص الثمن . لا تكاد تغادر الدخينة فمه وقد نخر السوس أسنانه . يأخذ نفسا عميقا منها ، وينفث الدخان في الهواء وكأنه يخشى أن تذوب قبل أن يملأ رئتيه منها أو تنطفئ بين أصابعه . ينفث الدخان في الهواء سحابة بيضاء يظل يراقبها منتشيا . يمص شفتيه الغليظتين اللتين دمغهما التبغ ويمرر لسانه على لثته وأسنانه . يقتعد كرسيا خشبيا بعيدا عن المكتب . كان قصير القامة ممتلىء الجسم أشعث الشعر غريب الأطوار ، في عقده الرابع . شاردا أغلب الأوقات . يقضي جل زمن حضوره بالقسم مع التلاميذ في ترديد أناشيد مبتذلة لا فائدة منها سوى تجزية الوقت ( آمشيشتي كلتي الطاوة وهربتي...) نرددها وراءه في جلبة وضوضاء و بلادة وإسفاف الى أن يزف موعد الخروج . لم نكتب أو نقرأ حرفا واحدا وانسابت الأيام هدرا .
عاد التلاميذ ذات صباح وقد توارى عن أنظارهم المعلم العسكري . غاب الى الأبد دون أن يعلموا وجهته أو مصيره . بقيت سيرته ذكرى ولغزا وحدها الأيام كفيلة بكشف خفاياه . كثيرون لا يصدقون سيرة معلم عسكري بالمدرسة العمومية المغربية ويخالون ذلك خيالا جمح بالكاتب .
خلفه معلم شاب يرتدي جاكيطة من الجلد الأسود وسروال جينز أزرق اللون . يحمل بيد محفظة جلدية بديعة الصنع بينما اليد الأخرى علقها الى كتفه بحزام من ثوب وهي ملفوفة في ضمادة بيضاء كأن بها كسرا أو التواء . يتمتع المعلم بجسم رياضي يثير الإنتباه ....
تتسم حجرة الدرس بأرضية متربة غير مبلطة . يلجها المتعلمون في تدافع فيثير وقع أرجلهم سحابة من الغبار تجعل البعض يعطس على الفور . تحتاج الأرضية الرش بالماء بين حين وآخر من تلاميذ يتطوعون للمهمة بهمة ونشاط . يبدأ المعلم الدرس بلغة غير مألوفة تدغدغ السمع وتشد السامع . نلوي اللسان لنساير المعلم في نطق حروفها بشكل جيد يرضيه ولكن هيهات . حرف البعض نطق بعض الكلمات فجر عليهم ذلك سخرية الأتراب .
في غمرة الدرس همست في أذن زميلتها
( البول يملأ مثانتي وعلي إفراغها في الحال وهو يملأ فخداي قطرات حارة )
ردت عليها
( إنزلي أسفل الطاولة وتبولي )
نزلت وما أن بدأ البول ينساب حتى سمع له صفير يتطاير معه الغبار . افتضح أمرها . كانت لنا جارة تشتكي من بول البنات أمام منزلها . سألتها جاراتها كيف عرفت جنسهن . قالت إن بول الفتاة يحفر الأرض ويمحو الغبار من حول البول . خافت وملأ الرعب قلبها و سألت زميلتها
( ماذا أفعل ؟ )
نصحتها
( ضعي أصبعك في فتحة البول ) ..
لأمر ما تجاهل المعلم ما حدث واصطنع الغفلة . استمر في الدرس والصمت يسود الحجرة . صعدت خائفة الى أعلى وقد اعتراها وجوم وشحوب . بلل البول ثيابها .
لم تكن الأسر تهتم بتمدرس الفتاة ، لهذا كان عددهن لا يتجاوز عدد رؤوس أصابع اليد الواحدة في كل قسم . مبلغ هم الآباء ستر الفتاة بزواجها . أغلب الفتيات والفتيان من قرية تاشويت من العوائل المشهورة ( بلال ، بوتغلالين ، بدوز ، اهراي ، فوزي ، خدجي . الدرقاوي ، غالي ، غانم ، أيت إيشو ، فاسكا ، بقاس ، عزيرو ، بشتو ... )








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بشار مراد يكسر التابوهات بالغناء • فرانس 24 / FRANCE 24


.. عوام في بحر الكلام-الشاعر جمال بخيت يحكي موقف للملك فاروق مع




.. عوام في بحر الكلام - د. أحمد رامي حفيد الشاعر أحمد راي يتحدث


.. عوام في بحر الكلام - الشاعر جمال بخيت يوضح محطة أم كلثوم وأح




.. عوام في بحر الكلام - إلهام أحمد رامي: أم كلثوم غنت في فرح با