الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


رؤوف عبد الرحمن ..وفصام الشخصية الوطنية

فخر الدين فياض
كاتب وصحفي سوري

(Fayad Fakheraldeen)

2006 / 5 / 31
حقوق الانسان


ما زلنا عند كل جلسة من جلسات محاكمة الرئيس السابق صدام حسين وأعوانه في قضية الدجيل نترحم على أيام القاضي رزكار محمد أمين ونقول (الله يذكرك بالخير .. يا رزكار) !!
ومازلنا عند كل إطلالة للقاضي رؤوف عبد الرحمن وكل (ملاحظة) يوجهها لأحد المتهمين أو الشهود أو فريق الدفاع نقول (أين أنت يا رزكار) ؟!
ليس في الأمر تحيّز شخصي .. أو هدف سياسي .
فنحن نعلم أن الحكم الذي سيصدر عن هذه المحكمة أعد سابقاً ولن يتغير إن كان القاضي (رزكاراً) أو (رؤوفاً) أو غيرهما .. وإن تغيرّ هذا الحكم فلن يكون تغييره خاضعاً إلا لمعطيات السياسة ومتغيراتها المحلية .. والعالمية أيضاً .
أما المعطيات والمعايير القانونية فهذه آخر ما يمكن أن تستند إليها هذه المحكمة !!
لأن الحكم على صدام حسين هو حكم بالمقابل على السياسة الأميركية برمتها ..(وبالمعية) هو حكم على تشكيلات وآليات عمل الحكومة العراقية بعد الاحتلال ..
ومن المؤكد أن محكمة تشكلّت أميركياً لن تبرء صدام حسين وتدين جورج بوش !!
ورغم أن المحاكمة تعتبر برمتها فارقة تاريخية في عصرنا العربي الحديث ومازالت تحمل اسم محاكمة العصر بجدارة إلا أن هناك أمرين يحملان في طياتهما دهشة أكبر .. ومفارقة أبعد .
الأمر الأول يتعلق بهذا التعاضد والتكاتف بين صدام ورفاقه .. فالمتهمون بقضية الدجيل وغيرهم من الشهود الذين يؤتى بهم من السجون الأميركية أثبتوا إخلاصاً منقطع النظير للرئيس صدام حسين ولبعضهم البعض في آن .. بحيث أنهم حولوا المحكمة إلى قصر جمهوري مازال فيه صدام يتمتع بكل هيبته الرئاسية وحضوره .
وربما ليس في الأمر غرابة إذ أنهم جميعاً رفاق درب طويل وأبناء مرحلة تاريخية امتدت ربع قرن من الحروب والحصار والمآسي الوطنية ..بدءً من الحرب مع إيران وصولاً إلى الاحتلال الأميركي وهذا الكفر من القتل اليومي الذي يجتاح شوارع العراق ومدنها .
لقد أثبت جميع المتهمين انتماءهم لهذه المرحلة وتداعياتها، وأثبتوا إدراكهم أن محاكمتهم هي محاكمة تاريخ ونظام من قبل تاريخ آخر ونظام آخر..ولا يمكننا هنا إلا أن نسجل موقف شرف لهم (وبغض النظر عن صوابية نظامهم أو عدمه) أنه لم يبحث أي منهم عن خلاصه الفردي !!
الأمر الآخر والنقيض الكلي لرفاقية صدام وأعوانه هو موقف القاضي رؤوف عبد الرحمن الذي حيّر المتهمين والشهود وفريق الدفاع .. وحيّر العالم معه !!
فالرجل منذ تسلمه رئاسة المحكمة يثبت جلسةً إثر أخرى أنه يحتاج إلى الكثير من الإتزان والحكمة وسعة الصدر ..ويتحول في لحظات كثيرة من قاض إلى محقق عدلي ...إلى متهم مرعوب من لحظة النطق بالحكم .
أعصابه لا تتحمل أية إشارة سلبية إلى قوات الاحتلال الأميركي أو إلى الحكومة العراقية الحالية أو إلى الميليشيات المسلحة المنفلتة من عقالها في الشارع العراقي وتعمل السيف في رقاب المدنيين والأبرياء .
ولا يمكنه أن يستوعب أنه يرأس أكبر محاكمة سياسية في التاريخ ..وكأنه مصاب بانفصام في الزمان والمكان ولا علاقة له بما يجري خارج أروقة المحكمة ومنطقتها (الخضراء) ..
رؤوف عبد الرحمن تحوّل إلى متهم أمام الضمير الوطني العراقي .. وأمام المتهمين الذين يحاكمهم ..وأمام العدالة الدولية والقانونية !!
إذ كيف يمكن أن يتناسى أنه يحاكم صدام وأعوانه على جريمة منذ ربع قرن تحمل الكثير في طياتها من الدفاعات الحقوقية التي تتعلق بالدولة والوطن وهيبتهما أمام العالم أجمع ..ومن ناحية ثانية يتناسى أن ضحايا الدجيل (على أهميتهم الانسانية) لا يعادلون عددياً ضحايا أصغر حي في بغداد منذ الاحتلال وحتى يومنا !!
ومع ذلك يؤكد أنه لا علاقة بين الدجيل والفلوجة .. ولا علاقة بين بغداد وواشنطن ..ولا علاقة بين المالكي رئيس الوزراء ..والمالكي الذي حاول اغتيال صدام وطارق عزيز والكثير من الأبرياء تحت لواء الدفاع عن إيران في حربها ضد العراق آنذاك !!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. هل يمكن أن يتراجع نتنياهو عن أسلوب الضغط العسكري من أجل تحري


.. عائلات الأسرى تقول إن على إسرائيل أن تختار إما عملية رفح أو




.. بعد توقف القتال.. سلطات أم درمان تشرع بترتيبات عودة النازحين


.. عادل شديد: الهجوم على رفح قد يغلق ملف الأسرى والرهائن إلى ما




.. عشرات المحتجين على حرب غزة يتظاهرون أمام -ماكدونالدز- بجنوب