يوم أسود لحرية الصحافة :
مجرمو الحرب يغتالون شهود الحقيقة

أقدمت قوات الغزو الأميركية ـ البريطانية يوم أمس ( 8 نيسان/أبريل 2003) على ارتكاب جريمة جديدة بحق حراس الحقيقة حين عمدت إلى قصف كل من مكتب قناة الجزيرة الفضائية وقناة أبو ظبي ومكتب وكالة رويترز وفندق فلسطين –ميريديان في بغداد حيث يقيم معظم الصحفيين العرب والأجانب الذين يغطون وقائع غزو العراق. وقد أسفر هذا العدوان البربري الجديد على حرية الصحافة والصحفيين عن استشهاد مراسل الجزيرة طارق أيوب (أردني الجنسية) وجرح زميله زهير العراقي (عراقي الجنسية) , واستشهاد مصور تلفزيون تيليسينكو الإسباني خوسيه كوسو , واستشهاد مصور وكالة رويترز تاراس بروتسيايوك (35 عاماو, أوكراني الجنسية) , فضلا عن جرح ثلاثة من مراسلي الوكالة نفسها. وكان قد استشهد في اليوم نفسه , بنيران النظام العراقي, الصحافي الاسباني خوليو بارادو ( من صحيفة ألموندو الإسبانية) والصحافي الألماني كريستيان ليبيغ ( من مجلة " فوكوس" الأسبوعية الألمانية ) , وهما صحافيان مرافقان للقوات الغازية . وبذلك يرتفع عدد شهداء الصحافة إلى تسعة (حسب إحصائيات منظمتنا, وثمانية حسب إحصائيات أخرى ) منذ بداية الغزو . وفي كردستان العراق أقدمت قوات البشمركة الكردية , المتحالفة مع الغزاة , على الاعتداء على مراسل الجزيرة وضاح خنفر واعتقاله قلب أن تطلق سراحه لاحقا.
  يشار إلى أن وسائل الإعلام العربية والأجنبية ومراسليها داخل العراق كانوا قد تعرضوا , قبل الغزو وخلاله , إلى ضغوط  شديدة الوطأة من قبل القوات الغازية وحكومتيها , فضلا عن ضغوط أجهزة النظام الإرهابي الحاكم في بغداد , حيث أقدمت هذه الأخيرة على طرد وإبعاد العديد من الصحفيين , فضلا عن اختطاف بعضهم واقتيادهم إلى جهات مجهولة , ولا يزال ثلاثة منهم على الأقل مجهولي المصير. وقد ظهرت النوايا الأميركية المبيتة ضد حرية التغطية الصحفية جلية وواضحة قبل الغزو بيومين حين طالب وزير الخارجية الأميركي كولن باول الصحفيين يمغادرة العراق , متعمدا الإشارة إلى أنهم لن يكونوا بمنأى عن نيران القوات المهاجمة .
  وإذا كان معظم وسائل الإعلام قد تعرض للابتزاز والضغط والتهديد , ثم الاعتداء المباشر بأشكال مختلفة , فإن قناة الجزيرة قد خصت بالنصيب الأكبر من ذلك , حيث اتهمها الرسميون الأميركيون صراحة بأنها " تحابي النظام العراقي" وبأنها " تفتقر إلى الحياد " , وصولا إلى تحذيرها جهارا من " مغبة الإنحياز إلى الجانب العراقي" , رغم أن القناة المذكورة تبث جميع التصريحات والبيانات العسكرية الصادرة عن قادة الغزو , فضلا عن  إجرائها العديد من المقابلات معهم , الأمر الذي أتاح لهم إيصال آرائهم إلى المشاهدين العرب.  وفي الحقيقة لم يكن العدوان الآثم على مكتب الجزيرة إلا  لكونها عرضت صورا لقتلى وأسرى الغزاة , ولأنها استطاعت بتغطيتها المهنية العالية والجريئة أن تفضح خرافة " الحرب النظيفة "  عبر التوثيق لجرائم الحرب التي ترتكبها القوات الغازية.  وما يؤكد حقيقة الاستهداف المبيت والمقصود لمكتب الجزيرة , هو أن إدارة هذه الأخيرة كانت قد زودت الجهات الأميركية الرسمية بمعلومات مفصلة مسبقة عن مواقع مكاتبها ومراسليها في العراق طالبة منهم نقل هذه البيانات إلى القوات المهاجمة لتحميلها على خرائطهم , وبالتالي الحيلولة دون تعرضها للنيران . هذا فضلا عن استهدافات سابقة طالت هذه المحطة ومراسليها في البصرة , وقبل ذلك في أفغانستان , حين أقدمت القوات الأميركية على قصف مكتبها في كابول في تشرين الثاني / نوفمبر الماضي.
  إن المنظمة العربية للدفاع عن حرية الصحافة والتعبير , وإذ تدين الجرائم والاعتداءات المرتكبة ضد حرية الصحافة والصحفيين من قبل طرفي الصراع , قوات الغزو الأميركي ـ البريطاني  وفلول النظام الإرهابي الحاكم في العراق, وترى في هذه الجرائم والاعتداءات أعمالا مدبرة لحجب الحقيقة عن الرأي العام العالمي , تتقدم بأحر التعازي لأسر وذوي الزملاء الشهداء ومؤسساتهم الإعلامية , متمنية للجرحى الشفاء العاجل وللمفقودين السلامة . وتدعو المنظمات الدولية والإقليمية المعنية بحقوق الإنسان , وبشكل خاص تلك المعنية بحرية الصحافة والتعبير , إلى تشكيل لجنة دولية مشتركة من قبلها جميعا تعمل على " التوثيق الجنائي" لهذه الجرائم كخطوة أولى على طريق مقاضاة المجرمين أمام المحاكم الدولية المختصة , خصوصا وأن معظم هذه الجرائم , كما تؤكد الوقائع والحيثيات المتصلة بها , جاءت عن سابق تصميم وتدبير . وكمساهمة منها  في ذلك , شرعت منظمتنا بإعداد ملف موثق بالشهادات عن هذه الجرائم سيتم نشره فور توقف العمليات الحربية .
ـــــــــــــــــــــــ
لمزيد من المعلومات , يرجى الاتصال بالزميل وضاح الراشد , مفوض المنظمة في الخليج العربي ,         [email protected] أو بمقر المنظمة في باريس .