الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


-صلاح- اللاعب من صلاح الرعية

سيد طنطاوي
(Sayed Tantawy)

2020 / 1 / 9
مواضيع وابحاث سياسية


هل يُمكن أن يختلط الزيت بالماء؟، الإجابة البديهية "لا"، لكن في مصر لدينا إجابات بـ"نعم"، ومعها عروض للتبرير من الكتب السماوية وآراء الفلاسفة والمذاهب الدينية والسياسية، وعند هيجل وكارل ماركس وغيرهم.
هذه هي الأزمة مع محمد صلاح، لاعب المنتخب المصري، والمحترف في صفوف نادي ليفربول الإنجليزي، أننا خلطنا الزيت بالماء في تعاملنا معه.
رفعنا "صلاح" إلى مكانة الملائكة ولم نصدق أنه يُمكن أن يخطئ، وحينما أخطأ جعلنا منه شيطانًا، وكذبنا على أنفسنا في أنه لاعب كرة قدم فقط.
جعلنا منه زعيمًا سياسيًا، وقائدًا للأمة العربية، وهو ليس كذلك، فكان طبيعيًا أن تتشوه الرؤية، خاطبناه بأخلاق القرية في ليفربول، وطلبنا سياسة ليفربول في قرية نجريج بالغربية، فتاهت البوصلة.
"صلاح" أيضًا، ارتضى أن يكون زعيمًا سياسيًا، والبداية في أول مواجهة مع اتحاد الكرة، حينما اختلفوا على الرعاة قبل انطلاق بطولة كأس العالم روسيا 2018، وكتب "صلاح" تويتة من 3 كلمات: "التعامل لا يليق"، وكان ذلك إيذانًا بثورة فيسبوكية وتويترية تجبر الاتحاد على التراجع، وتدخل خالد عبدالعزيز وزير الشباب السابق لحل الأمر.
تعامل "صلاح" في هذه الأزمات، كان على طريقة محمد البرادعي "تويتة تحرّك أفضل من مليون طلب رسمي أو ودي"، وكان له ما أراد، واستخدم نفس السياسة مرة أخرى حينما بث فيديو عبر صفحتيه بـ"فيسبوك وتويتر" ليتحدث عن مشاكله مع اتحاد الكرة وأيضًا أتى الفيديو بثماره وثارت الجماهير على الاتحاد من أجل عيون "مو".
كان لـ"صلاح" مطالب عدة وشروط لانضمامه للمنتخب، رأت فيها الجماهير مبالغة، لكنها ناصرته بناءً على أمرين، الأول: السمعة السيئة لاتحاد الكرة وأعضائه، والثاني: "ابننا يعمل اللي عايزه".
كل المعطيات كانت تقول إن ورقة الجماهير الثائرة من أجل "مو" التي كان يلعب عليها "صلاح" ستنقلب ضده، خاصة أن زيت العلاقة مختلط بالماء، وكان الصدام الحقيقي الأول مع الجماهير في أزمة تحرش اللاعب عمر وردة في بطولة الأمم الإفريقية التي أقيمت في مصر يوليو 2019، حينما ساند "صلاح"، زميله "وردة"، وطالب بما أسماه الفرصة الثانية.
لم تتقبل الجماهير –التي ثارت من قبل من أجله- وجهة نظر صلاح الوقحة، لأن إبليس ذاته لم يناقش أبنائه في كون "وردة" أجرم أم لا، لكن صلاح وكابتنه "المحمدي" فعلاها، ورغم أن المحمدي هو الكابتن لم تناقش الجماهير الأمر باعتباره ليس في الحسبان أساسًا، أما صلاح فقد وضعته الجماهير أمام مرآة نفسه واسترجعت فيديوهات "صلاح الزعيم السياسي" مع الـBBC، والتي سئل فيها عن أول شيء يحتاج للدعم في الوطن العربي: "قال إن النساء في حاجة إلى معاملة أفضل"، لكنه فشل في هذا الامتحان، وأصبح متناقضًا، وكان طبيعيًا أن تُحاسبه الجماهير محاسبة سياسية، لأنه ارتضى أن يكون زعيمًا فيها.
بعد الأزمة، تزعزعت الثقة في الزعيم السياسي الكروي، وأصبح دعمه مشروطًا، فالجماهير التي ثارت لمجرد تويتات غامضة كتبها على صفحته، هي أيضًا التي وجهت له لومًا على حذف جملة لاعب بمنتخب مصر من حسابه بتويتر احتجاجًا على عدم تصويت الاتحاد المصري لكرة القدم له في مسابقة أفضل لاعب في العالم.
كما انقسمت الجماهير ما بين مؤيد ومعارض لخطوة "صلاح" في الحديث عن "المنتاليتي"، والتي نسى فيها أن أغلب جماهيره من أبناء القرية الذين جمعتهم مع صلاح آلام بدايات واحدة، ورغم هذا يُدرك الجميع أن "صلاح" ظُلم كثيرًا بسبب العشوائية والشللية والفساد في اتحاد الكرة.
مع أزمات صلاح المتكررة سواء ظالمًا أو مظلومًا، وتسليط الإعلام الضوء على السنغالي ساديو مانى، أصبح هناك تعاطفًا مع الفتى الأسمر، وهذا التعاطف بلغ ذروته حينما لم يحضر "صلاح" حفل تسليم جائزة أفضل لاعب في إفريقيا 2019، والتي أقيمت في مصر، والتي حصل عليها مانى، ورأى البعض في عدم الحضور تقصيرًا في حق مصر والكاف وزميله مانى أيضًا، وساق البعض في هذا الإطار اتهامات وصلت إلى حد التخلي عن دعم مصر سياحيًا، مع انتصار عاطفي لابن السنغال المجتهد، ليتحول الأمر إلى جلد لابن البلد، وتشكيك في النوايا دون أن يعرف أحد حقيقة ما حدث، ولماذا اعتذر، وهل "ماني" يعرف لماذا لم يحضر صلاح أم لا؟ مع العلم أنه سبق لكريستيانو وميسى أن تغيبا عن حفلات الأفضل في العالم، ولم يتهمهما أحد بشيء، وذلك لسببٍ واضح أن كلاهما لم يقدم نفسه من قبل في صورة الزعيم السياسي.
"صلاح" ليس حاقدًا على مانى، بدليل أنه هنأه بالفعل، لكن الزعيم السياسي ذاته رفض تتويج مجلس هاني أبو ريدة المستقيل بجائزة أفضل اتحاد في إفريقيا، وهي الثورة التي قادتها الجماهير خلف "صلاح" مجددًا.
ليس عيبًا أن يرفض "صلاح" جائزة الكاف لاتحاد "أبو ريدة"، لكنه عليه أن يبتعد في ذلك عن سياسة البرادعي التويتية، فإما أن يشرب بيريل ويقول ما يريد، أو أن يتحلى بمثالية أحمد فتحي، الكابتن الحقيقي للمنتخب، والذي يُدرك دوره فعلًا، ويترك الملعب يتحدث عنه.
منّ يُحب "المو" فعلًا، يجب أن يضعه في خانة "لاعب الكرة" وليس السياسي، فصلاح اللاعب من صلاح الرعية.. وقريبًا انتظروه أفضل من صديقه "مانى"، والثنائي ديكتاتور الكرة "ميسي ورونالدو" بشرط أن يكون الحكم كرة القدم، للمنتخب أولًا ثم ليفربول، وإن تعثر ندعو الله أن يسدد خُطاه على المستطيل الأخضر، وليس تويتر ذو العلامة الزرقاء.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إسرائيل - حماس: أبرز نقاط الخلاف التي تحول دون التوصل لاتفاق


.. فرنسا: لا هواتف قبل سن الـ11 ولا أجهزة ذكية قبل الـ13.. ما ر




.. مقترح فرنسي لإيجاد تسوية بين إسرائيل ولبنان لتهدئة التوتر


.. بلينكن اقترح على إسرائيل «حلولاً أفضل» لتجنب هجوم رفح.. ما ا




.. تصاعد مخاوف سكان قطاع غزة من عملية اجتياح رفح قبل أي هدنة