الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


إلى الدائرين في الفلك الإيراني عودوا إلى مداراتكم القومية الأصيلة

حسن خليل غريب

2020 / 1 / 12
ملف: الحراك الجماهيري والثوري في العالم العربي، موقف ودور القوى اليسارية والديمقراطية


رسالة إلى أبناء الأمة للعودة إلى أحضانها

لقد انقرض عصر الإمبراطوريات الكبرى في التاريخ، خاصة منها تلك التي تعمل على ترميم الإمبراطوريات الدينية. ودخل العالم في تاريخ بناء الدول القومية وحقها في تقرير مصيرها بحماية دولية إنسانية، تلك هي سُنَّة العصر.
وعلى الرغم من كل ذلك، فقد جمَّد بعض من يزعمون أنهم قوميون ووطنيون عرب، التاريخ على أعتاب إمبراطورية فارسية، أكل الدهر عليها وشرب. ولكنهم ما زالوا يشربون من مائها ويستنشقون من هوائها، ويضلِّلون أنفسهم بدعواتها الدينية الزائفة، حتى كادت تصل أحلامها إلى أسوار القدس. وبمزاعمها الإنسانية التي تدَّعي أن الله أرسلها لتريح العرب من شرور أنظمتهم الرسمية التي تناست القدس وباعتها، وقمعت مواطنيها وسرقت منهم لقمة الخبز.
جاءت تلك الأحلام على صهوة جواد يبشِّر العرب بأن القدس ستعود إلى أهلها مرفوعة الرأس، وسينعم فقراء العرب بالعدل والمساواة بالواجبات والحقوق تحت رعاية مرشدها الأعلى. وسوف يتم تحريرهم من رجس الشيطان الأميركي الأكبر. فهلَّل بعض القوميين العرب لتلك المزاعم، ففُتحت لهم أبواب وسائل الإعلام ليشيدوا بالدعوة الجديدة، ومراكز الأبحاث لتشيد لتلك الإمبراطورية قصوراً من أكداس الدراسات والأبحاث ليؤكدوا على أهمية الانضمام إلى مواكب تلك الإمبراطورية وليأكلوا من خبزها المعجون بنهب ثروات الأنظمة الرسمية، وليضربوا بسيف الإمبراطورية الجديدة من دون خجل ولا وجل.
لقد فعل من يزعمون أنهم أسسوا للقومية العربية منتديات للتبشير بضرورة نهضة الأمة، ولكنهم انقلبوا على أعقابهم هاربين إلى الأمام للتهليل والتكبير لمنقذ العصر ومخلِّصه، وكأنهم اكتشفوا أن طريق نهضتها سيتم على أيدي أصدقاء جدد للعروبة، أصدقاء خارجون من رحم أمم أخرى تعتنق المبادئ الشوفينية التي لا ترى شيئاً خارج مصالحها، وخارج مصالح مرشديها وآياتها.
في المقلب الآخر، الذي تعامى عنه هؤلاء، كان المخلِّص المنتظر الذي انجرفوا في تياراته وشعاراته، يحيك من الأثواب الزائفة ما يزيد عمى من تغاضى عن حقيقته عمى على عمى. وبانت لغيرهم حقيقة الأثواب التي يحيكونها للأمة.
إن الحقيقة أن مزاعم تحرير القدس كانت في القضاء على أي نظام يريد تحرير القدس. وضرب أي تيار رفع هدف تحريرها بأيد عربية قبل أن يولد المرشد الذي زعم تخليصها بعشرات السنين. وما كان التيار المرشد المخلِّص سوى كاسحاً للألغام أمام تعميق الحفر التي تحمي من اغتصبها، ورافعاً للأسوار التي تعيق لوصول إليها.
إن الحقيقة في مزاعم تخليص الأمة من الشيطان الرجيم، كانت تكمن في التحالف معه فوق الطاولة أم تحتها. وهذا أشبه ما يكون بتحالف الراهب مع الشيطان الذي كتب عنه جبران خليل جبران وحذَّر منه منذ أكثر من قرن من الزمن. تحالف معه باحتلال العراق، وتحالف معه بتنفيذ مشروع الشرق الأوسط الجديد القاضي بتفتيت الوطن العربي إلى دويلات طائفية.
إن الحقيقة تكمن في أنه أينما وطأت أقدام المخلِّص الجديد حلَّ الخراب والدمار والتهجير والتقتيل والمرض والجهل والظلام. وهل أكثر دلالة على هذه الحقيقة مما يجري في العراق؟
إن الحقيقة تكمن في أنه أينما وصلت تعاليمه عمَّت الميليشيات المسلَّحة التي حالها كما حال من هدَّد بها معاوية بن أبي سفيان في حربه مع الإمام علي بن أبي طالب، بأنه سيأتيه بمائة ألف مقاتل لا يفرِّقون بين الناقة والجمل.
فإذا اكتفينا بهذه العناوين السريعة، فلكي نناشد من يزعمون أنهم قوميون عرب، لنسألهم مستغربين، متى تعودون إلى وعيكم وضميركم؟ إلى متى سيستمر الجهل بالتمييز بين الناقة والجمل ساري المفعول؟
إن أحلام الإمبراطوريات المعاصرة إلى زوال. فانأوا بأنفسكم عن تلك الأحلام.
إن إمبراطوريات خيوط العنكبوت تتمزق على أيدي الثوار الجدد الذين يُولدون من رحم الأمة العربية. فإلى متى تتعامون عن حقائقها ودوافعها النبيلة؟
إن قطار الأمة العربية سائر إلى نهايات سعيدة على الرغم من كل المخاطر والمعيقات والحواجز والحفر التي تنصب في طريقها. ألم تحلموا يوماً، منذ نعومة أظافركم، بأن تشاهدوا بأم أعينكم شباب الأمة وشاباتها ينتفضون ضد جلاديهم الذين أفقروهم وأضعفوهم وزادوا من مرضهم أمراضاً؟
أيها الدائرون في الفلك الإيراني، أنظروا إلى الشباب الذين ملأوا الساحات، فهم يملأون مساحات الأمل في عيوننا وقلوبنا، نناشدكم أن تعودوا إلى مدارتكم القومية الأصيلة، لكي تنعشوا الأمل في قلوب الشباب لا أن تسهموا في قتله.
إن أحضان الأمة العربية دافئة تستوعب كل أبنائها، وهي مشتاقة إليكم لتعيد احتضان كل من جافاها أو كان عقوقاً لها بنزوة عابرة. عودوا إليها وأنتم أبناؤها الأكرمين، وستجدون الملايين في استقبالكم بعد غياب قصيراً أم كان غياباً طويلاً.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. جلال عمارة يختبر نارين بيوتي في تحدي الثقة ???? سوشي ولا مصا


.. شرطي إسرائيلي يتعرض لعملية طعن في القدس على يد تركي قُتل إثر




.. بلافتة تحمل اسم الطفلة هند.. شاهد كيف اخترق طلاب مبنى بجامعة


.. تعرّف إلى قصة مضيفة الطيران التي أصبحت رئيسة الخطوط الجوية ا




.. أسترازنيكا.. سبب للجلطات الدموية