الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


التشريعات والقوانين المرتبطة بالفنون والثقافة في مصر

محسن الميرغني
كاتب وناقد أكاديمي

(Mohsen Elmirghany)

2020 / 1 / 12
الادب والفن


"إذا كانت القصاصات القانونية قد وضعت من أجل معاقبة المخالفات، فيمكن القول إن تعريف المخالفات وملاحقتها، إنما صنعا بالمقابل من أجل تغذية الأواليات القصاصية ووظائفها"
ميشيل فوكو، المراقبة والعقاب- ولادة السجن.



تعاني مصر والبلدان العربية حاليا، من نقص شديد في التشريعات والقوانين الخاصة بتنظيم العمل الثقافي والفني. وهي تشريعات لازمة لتسيير العمل المؤسسي والفردي في تلك المجالات، التي بات من الضرورة أن ينتبه جميع العاملين فيها، لأهمية وجود مثل تلك التشريعات في مجتمع التكنولوجيا الحديث.
خاصة بعد مرور عقد تقريبا على الحركات الثورية الناهضة في المجتمعات العربية، والتي تطالب بتحقيق قدر أكبر من المساواة والعدالة في توزيع الثروات والمعلومات على الناس، وتحقيق قدر أكبر من الحرية والانفتاح على المستقبل بشكل حر، يقاوم الرغبة الدفينة لدى نخب السلطات في الاستمرار في حالة الركود التاريخي داخل مستنقعات الماضي، وهي الحالة التي تتجلى بوضوح في سيطرة الروح العقابية والأمنية على شتى ومختلف مناحي الحياة، بما فيها مجالات العمل الثقافي والفني.

في مصر تحديدا وخلال السنوات الثلاث الأخيرة، صارت الحالة السياسية العامة، وما يعتمل فيها من صراعات وتناحرات، بمثابة قوة ضاغطة على مجالات العمل الفني والثقافي، بما تم فرضه من قيود رقابية وأمنية، تمنع أي تقدم أوتطور تجاه تحقيق مكتسبات الحركات الثورية، والتي تظهر في عدة محاولات يقوم بها أفراد أو مجموعات ترفض وتقاوم الخضوع لسياسات وتوجهات السلطة الراهنة.

فبدءا من واقعة حبس روائي مصري بسبب كتابته الروائية المنشورة في جريدة أدبية دورية، تابعة لمؤسسة صحافية عريقة"واقعة حبس أحمد ناجي"، وصولا إلى واقعة حبس مجموعة ممثلين شبان ينتمون لفرقة مسرحية في أواخر 2017م، لأنهم قدموا عرضا مسرحيا يتناول حادثة واجهها جندي مصري هو"سليمان خاطر"، وهو ما تحول مع تصاعد وتيرة الأحداث المرتبطة بهذه الواقعة، إلى ضربة معول في نص الدستور المصري الحالي الذي يصرح بأن " حرية الفكر والرأي مكفولة. ولكل إنسان حق التعبير عن رأيه بالقول، أو الكتابة، أو التصوير، أو غير ذلك من وسائل التعبير والنشر".مادة65-دستور2014م.

وقد أدت ملابسات تلك الواقعة إلى صدور قرار بزيادة مقار جهاز الرقابة على المصنفات الفنية في مصر مارس من 2018م، وإلزام كافة الجهات الفنية(أفراد ومؤسسات) باستخراج تصاريح رقابية قبل تقديم العروض للجمهور، وهو أمر كان ينظمه العمل بقانون الرقابة على المصنفات الفنية رقم 430 لسنة 1955م. غير أن العمل بالقانون كان يتم بشكل إجرائي روتيني طوال السنوات السابقة على حدوث واقعة عرض "سليمان خاطر"، والتي شكلت نقطة تحول في آليات تعامل أجهزة الدولة الرسمية مع الأعمال المسرحية بشكل خاص والأعمال الفنية الجماهيرية بشكل عام.

وهو ما انتهى مؤخرا بصدور قرار وزاري بزيادة الرسوم الرقابية الخاصة باستخراج التصاريح والتراخيص الرقابية بصورة مبالغ فيها ماليا بالنسبة للأفراد والكيانات الفنية الصغيرة، فالقرار الوزاري الذي اختص بإعادة تسعير الرسوم المقررة، لكتابة الأغاني والأفلام والمسرحيات والمسلسلات التلفزيونية، وحتى العروض الموسيقية للفرق الغنائية، وهو ما يشير إلى تفشي رغبة كامنة لدى أجهزة ومؤسسات الثقافة المصرية المختصة، في تقويض تلك الممارسات الفنية العامة والخاصة على حد سواء، من خلال بوابة العائق المالي الضخم، الذي أقره قرار وزاري معيب صدر في 27 ديسمبر2019م بالجريدة الرسمية، والتف عليه القائمين على الأمر بإصدار لائحة داخلية بقواعد تنظيمية هزيلة، تحاول تخفيف الأثر المالي وفرض الأمر الواقع، لتجنب الدخول في صراع مباشر مع المعنيين من صدور مثل هذا القرار المعيب تشريعيا ودستوريا.

وإذا كان نص الدستور المصري القائم، يصرح بشكل واضح في الباب الثالث، باب "الحقوق والحريات والواجبات العامة" بأن "حرية الإبداع الفني والأدبي مكفولة، وتلتزم الدولة بالنهوض بالفنون والآداب، ورعاية المبدعين وحماية إبداعاتهم، وتوفير وسائل التشجيع اللازمة لذلك. ولا يجوز رفع أو تحريك الدعاوى لوقف أو مصادرة الأعمال الفنية والأدبية والفكرية أو ضد مبدعيها إلا عن طريق النيابة العامة، ولا توقع عقوبة سالبة للحرية في الجرائم التي ترتكب بسبب علانية المنتج الفني أو الأدبي أو الفكري..."مادة67-دستور2014م.
فإلى اي مدى تتناسب القوانين الحالية والقرارات الوزراية واللوائح والقواعد التنظيمية الداخلية في كافة مؤسسات وأجهزة الدولة الثقافية مع نص الدستور؟.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بعد فوز فيلمها بمهرجان مالمو المخرجة شيرين مجدي دياب صعوبة ع


.. كلمة أخيرة - لقاء خاص مع الفنانة دينا الشربيني وحوار عن مشو




.. كلمة أخيرة - كواليس مشهد رقص دينا الشربيني في مسلسل كامل الع


.. دينا الشربيني: السينما دلوقتي مش بتكتب للنساء.. بيكون عندنا




.. كلمة أخيرة - سلمى أبو ضيف ومنى زكي.. شوف دينا الشربيني بتحب