الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


آسف أيها العراقيون...لم أفرح !!

باتر محمد علي وردم

2003 / 4 / 10
اخر الاخبار, المقالات والبيانات


 
كاتب أردني 

 

منذ أكثر من عشر سنوات، بدأت تتكشف أمامي حقائق الوضع المريع الذي عاشه أخواننا العراقيين على يد النظام البعثي. كنا في الأردن ضحية الماكينة الإعلامية الجبارة التي دعمها النظام البعثي وحول فيها الغالبية العظمى من الشعب الأردني إلى مؤيدين وهاتفين لصدام حسين تحت شعارات القومية ومناهضة الولايات المتحدة وإسرائيل. 

معرفتي الحميمة بكثير من الأصدقاء العراقيين الذين هربوا من بطش النظام وجاؤوا إلى الأردن للبحث عن بعض الأمان جعلتني أعرف تماما جرائم النظام العراقي، ولكن كان من شبه المستحيل أن أكتب منتقدا النظام العراقي في مناخ إعلامي أردني مرتهن للرغبة الشعبية في دعم صدام، ولهدية النفط المجاني للأردن وضخ الأموال في جيوب الإعلاميين في عملية شراء ضمائر سيئة السمعة والصيت، ولكن ما أستطيع أن أفخر به أنني لم أكتب أية كلمة في الصحافة الأردنية مؤيدا لهذا النظام، فالصمت كان أشرف.

كنت دائما أعتقد بأنني سأفرح من كل قلبي عندما ينهار النظام العراقي ويتخلص أخواني العراقيين من الظلم والقمع، وكنت أعتقد بأنني سوف احتفل مع العراقيين ونتبادل التهاني، وكنت بلا شك اتطلع قدما إلى اليوم الذي يتخلص فيه أذكى الشعوب العربية وأكثرها نخوة من الكابوس الذي عاشه.

في التاسع من نيسان 2003 سقط النظام، وانهار صنم صدام ولكنني لم أفرح. ذرفت دموعا مريرة لأن الدبابات الأميركية لوثت أراضي بغداد العظيمة، ولأن جنديا أميركيا أهوج رفع علما أميركيا على وجه الصنم. ياللهول، ويا لسوء حظ العراقيين الذين استبدلوا الصنم العراقي بالدبابة الأميركية.

هذا هو الحال البائس للعرب، إما صنم الحاكم الأوحد الذي لا يناقشه أحد، وإما الدبابة الأميركية وما بينهما جموع من الناس لا تدري اين طريقها وماذا تفعل أكثر من أن تحيا اللحظة نفسها إن أمكنها ذلك. كان العراقيون الذين يحطمون الصنم ويبتهجون في الشوارع يعيشون لحظة الخلاص فقط التي انتظروها لسنوات طويلة ومريرة، ولكنهم في الصباح التالي سينظرون بطريقة مختلفة إلى الدبابات الأميركية، سينظرون إليها بأنها قوات احتلال لهذه الأرض العظيمة.

صنم صدام سقط ولن يكون الأخير. ستنظر الأنظمة العربية جميعها بهلع إلى ما حدث في بغداد، وسوف يسأل العرب أنفسهم جميعا كيف يفضل شعب حر وعظيم مثل الشعب العراقي  الاحتلال الأجنبي على نظام "محلي"؟ فليعلم الجميع الآن بأن نظام القمع والدكتاتورية لن يضمن الاستقرار، وأن النظام الذي لا يوفر لشعبه الحقوق الأساسية في الحياة وينتهك كرامتهم يوميا لن يجد من يدافع عنه في النهاية، وها هم العرب تعقد ألسنتهم الدهشة وهم يرون "العلوج" في قلب بغداد وبرضا واستكانة من المواطنين.

ربما تكون المفارقة الأكبر أن العرب خارج العراق أصيبوا بالصدمة والدهشة والإحباط أكثر من العراقيين أنفسهم، لأن معظم هؤلاء العرب كانوا دائما ضحية الإعلام الكاذب، ولم يحاولوا أن يفهموا معاناة العراقيين اليومية وجرائم النظام، ولم يعرفوا أن الخوف كان هو العلاقة الوحيدة بين النظام والمواطنين.

آسف أيها العراقيين الأعزاء، فأنا لا أستطيع أن أفرح الآن. سأكون في غاية السعادة عندما تكون هناك حكومة عراقية نظيفة وطنية تعمل لمصلحة الشعب لا لمصلحة المحتل، وأن ترحل الدبابات الأميركية عن بغداد ويحصل الشعب العراقي على الكرامة التي يستحقها، ويعود ليكون في طليعة الشعوب العربية في الحضارة والثقافة والعلم. 








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. المكسيك: 100 مليون ناخب يختارون أول رئيسة في تاريخ البلاد


.. فاجأت العروس ونقر أحدها ضيفًا.. طيور بطريق تقتحم حفل زفاف أم




.. إليكم ما نعلمه عن ردود حماس وإسرائيل على الاتفاق المطروح لوق


.. عقبات قد تعترض مسار المقترح الذي أعلن عنه بايدن لوقف الحرب ف




.. حملات الدفاع عن ترامب تتزايد بعد إدانته في قضية شراء الصمت