الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


طبيعة الصراع في العراق في ظل مجتمع استهلاكي وسلطة فاسدة !!

جاسم محمد الحافظ

2020 / 1 / 15
مواضيع وابحاث سياسية


طبيعة الصراع في العراق في ظل مجتمع استهلاكي وسلطة فاسدة!!


لا يختلف اثنان من علماء الاقتصاد السياسي بان هناك علاقة جدلية بين الاقتصاد والسياسة والتغيرات الاجتماعية المحكومة أصلاً بتبادل الطاقة بين هذه الإطراف الثلاثة في أية لحظة من تاريخ مسيرة التنمية والتطور الاقتصادي والاجتماعي لكل شعب من الشعوب, وما ينطوي على ذلك التبادل من قوانين ناظمة للصراع الاجتماعي واتجاهات تطوره, وبلادنا بكل تأكيد مشمولة بهذه الآلية, غير أن دبابات العولمة فرضت علينا بعد السقوط المدوي لدولة الاستبداد البعثي, أمراء حروب إتخذوا من الدين وسيلة للوصول الى السلطة وآثروا إطالة فترة المراوحة بين أطلال دولة منهارة والانتظار حتى إعادة بناء بديلها, ليتسنى لهم في هذه الفترة الحرجة من تأريخ شعبنا, تنفيذ برامج إستراتيجية الفوضى الخلاقة وإطلاق أيدي القوى الفاسدة في العمل على لملمة بقايا الهياكل الإدارية لدولة الاستبداد في إطار ترتيبات دستورية سلقت على عجل وانتخابات مزيفة, وذلك لإضعاف العراق وتهميش دوره إقليمياً وعالمياً. وكل ذلك مر عبر تعطيل فعالية القطاعات الإنتاجية الرئيسية في البنية الهيكلية للاقتصاد الوطني كالزراعة والصناعة وجعل العراق سوقاً مفتوحة للرأسمال العالمي وفق فرض نظرية اقتصادية لا علاقة لها بحقائق الواقع الموضوعي كتبني الخصخصة المنفلتة في إطار نهج اللبرالية الجديدة, والركون الى اعتماد الاقتصاد ألريعي النفطي مضاف إليه المالي الذي يعد أخطر اتجاه يستهدف الإيرادات النفطية بالعملة الصعبة كأداة لنهبها وتهريبها وإشاعة الفساد المالي في ظل غياب السياسات المالية والنقدية المعبرة عن المصالح الوطنية العليا وغياب أجهزة الدولة الرقابية, الى جانب طبيعة ما يقود اليه الاقتصاد ألريعي في خلق مجتمع هش تسود فيه القيم العشائرية – بالأخص المتراجعة منها - والطائفية والمناطقية التي لعبت دوراً كبيراً في تمزيق الوحدة الوطنية والتآخي بين العراقيين, ولم ترسى اسس بناء مجتمع منتج للخيرات مجتمع يشغل الناس فيه عقولهم في إطار قوانين التنافس الحر والإبداع في خلق المنافع ومن ثم تراكم المعارف الإدارية والموارد المادية لخلق ديناميكية تفضي الى نشوء طبقة البرجوازية الوطنية التي تأخذ على عاتقها أدواراً تاريخية مهمة كعنصر من عناصر بناء مقدمات التنمية والتطور الاقتصادي للمجتمعات الحية , لذا فأن فقدانها يربك المشهد السياسي كما هو حال بلادنا, التي لم تمنح حكوماتها المستبدة المتعاقبة هذه الطبقة فرصتها بالنشوء والتطور, بل خلقت بديلاً مشوهاً عنها متمثلاً بطبقة برجوازية طفيلية من عناصر هامشية يؤتى بهم من قاع المجتمع, لتناغم قيم تلك الطبقة حاجات الأنظمة الاستبدادية التي خلقتها كأداة للسيطرة على عصب الاقتصاد الوطني ومن ثم إشاعة الفساد والاستبداد, وهذا ما عمد إليه النظام المقبور في عام 1983 بإصداره لقانون ( 35 ) لتأجير أراضي الدولة, الذي بموجبه وزعت أراضي الجمعيات التعاونية على أزلام النظام لخلق تلك الطبقة المشار إليها أعلاه, والحال ذاته تكرر بعد سقوط النظام البائد, حيث وضعت مليارات الدنانير من خزينة الدولة تحت تصرف هؤلاء وانيطت بهم مهمة إغراق البلاد بالسلع المستوردة دون ضوابط, بهدف تقليص فرص الحصص السوقية للمنتجين المحليين مما أدى إلى الاغراق السلعي وانتشار البطالة حتى تجاوزت معدلاتها 40% وبالأخص بين شريحة الشباب وطال الفقر شرائح واسعة من المجتمع فبلغت معدلاته بين 72% الى 63% في أرياف العمارة والناصرية والديوانية, إلى جانب تردي الخدمات العامة بشكل مريع. ولهذا كله مجتمعاً, غابت حدود الطبقات الاجتماعية بغياب تراكم رأس المال ومن ثم تعطيل النشاط الاقتصادي الاجتماعي الإنتاجي وتحول الصراع الذي انفجر في الأول من أكتوبر لهذا العام الى ثورة شعبية عارمة , بين الشعب المحاصر بالجوع وضياع ملامح مستقبل أفضل لأجياله وبين الطغمة الحاكمة التي نهبت لقمة عيشه وثرت على حساب حقوقه المشروعة في العيش الكريم, وسجلت تلك الثورة بدماء شهدائها الأبرار الحد الفاصل بين الكفاح الشعبي الواسع من اجل الوطن الحر وبين مشاريع الهيمنة والاستعمار الناعم لبلادنا عبر بعض العناصر الفاقدة للأهلية الوطنية .والتي فرطت بالاستقلال الوطني وأحالت العراق الى مسرح لصراع الدول الاجنبية ندفع نحن العراقيين ثمنه دماً واحلاماً ، غير ان الشباب الثائر الممثل لكل ابناء وشرائح شعبنا سيجد وطنه وسيعيد بنائه على اسس حقيقية لينعم الجميع في الحرية والعيش الكريم. رغم تكالب القوى المناهضة للثورة وأهدافها الكبيرة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. اجتهاد الألمان في العمل.. حقيقة أم صورة نمطية؟ | يوروماكس


.. كاميرا CNN داخل قاعات مخبّأة منذ فترة طويلة في -القصر الكبير




.. ما معنى الانتقال الطاقي العادل وكيف تختلف فرص الدول العربية


.. إسرائيل .. استمرار سياسة الاغتيالات في لبنان




.. تفاؤل أميركي بـ-زخم جديد- في مفاوضات غزة.. و-حماس- تدرس رد ت