الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الأرجوحة

علي أحماد

2020 / 1 / 15
سيرة ذاتية


ليدلل المولودة الجديدة وهي في المهد اشترى من جوطية الحفرة أرجوحة من حديد مطلية بدهان أخضر تزينها نقوش بديعة . لأمر يصعب على الصغار - من الأبناء - فهمه عبرت الأم عن رفضها شراء أرجوحة . خاصمت الأب ، لأنها ترى أن ذلك من الكماليات . وهذا في نظرها هدر لمبلغ مهم من المال والحاجة ماسة الى الإنتفاع به باعتبار الأسرة تعيش الفاقة والعوز . الأب عنيد لا يحب أن تناقش تصرفاته أو تعارض رغبته . يؤكد أنه يروم إدخال البهجة الى القلوب . أمام تعنتها انخرط في موجة غضب عارمة و تلبسته العفاريت . عمد الى الأرجوحة يريد كسرها ومعها كسر دملجا من الفضة يزين معصمها وهي تحاول ثنيه عن فعله . اغرورقت عيونها بالدموع وفجأة غادرت الدار تلملم جراح وتداري شعورا فظيعا بالإهانة وهي في ضعف أنثوي لا يسعفها في جمع شتات انكسارها . تعزو كل مصابها الى يتمها المبكر وعدم وجود من يحميها ويساندها لأنها " مقطوعة من شجرة " . سار وراءها الصغار خفية عن أعين الأب مخافة أن ينهرهم .
اندست تحت شجرة بالغابة المجاورة للحي تتوارى عن الأنظار وعينها على فلذات كبدها. عندما اقتربوا منها بدأت ترميهم بالحجارة دون نية أن تصيبهم و ظلت تدعوهم بإلحاح وغلظة مصطنعة للعودة الى المنزل . تردد دوما ( الأبناء سبب صبر الأمهات على البلاء ) . قفلوا راجعين الأدبار والدمع في المآقي . اندسوا في الفراش وأعينهم مفتوحة ينتظرون عودتها والقلق يساورهم . قبل أن يخلدوا للنوم تدخل الدار متسللة دون ضجة ، متعثرة الخطوة ومنكسرة الجناح . يصطنعون النوم وتنقطع أحاديثهم لئلا تشعر بهم . الآن انزاح الغمام عن صدورهم . الأم منبع الحنان ومصدر الأمان . مع وجودها تهدأ الأرواح التي سكنها الرعب .
بقيت الأرجوحة في حوش المنزل لعبة مسلية يتبادل عليها الأبناء أدوار اللعب ، وذكرى أليمة لجرح نفسي غائر لن تنساه الأم حيث اجترحت كأس المذلة . لازالت تذكره بالحادث في احاديث المساء وقد بلغ من الكبر عتيا وصار يخشى أي حركة طائشة منها . أضحت كلمتها سيفا ديموقليس المسلط على رقبته .....








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كيف تساهم ألمانيا في دعم اتفاقية أبراهام؟| الأخبار


.. مروان حامد يكشف لـCNN بالعربية سر نجاح شراكته مع كريم عبد ال




.. حكم غزة بعد نهاية الحرب.. خطة إسرائيلية لمشاركة دول عربية في


.. واشنطن تنقل طائرات ومُسيَّرات إلى قاعدة -العديد- في قطر، فما




.. شجار على الهواء.. والسبب قطع تركيا العلاقات التجارية مع إسرا