الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل حلت الليالي الباردة بالمشروع الإيراني؟

سامي البدري
روائي وكاتب

(Sami Al-badri)

2020 / 1 / 16
السياسة والعلاقات الدولية


منذ السنوات الأولى لوصول الخميني إلى سدة الحكم، راهنت إيران على التمدد في الجسد العربي عن طريق التنظيمات المليشياوية، التي لا أحد يستطيع إنكار أنها صادفت هوى وإستعداداً لقبولها وفرضها، على الدول العربية، من قبل بعض الشيعة العرب.
ومع نهاية الحرب العراقية الإيرانية، تفرغت إيران لهوايتها المفضلة في تصدير عقدتها الايديولوجية إلى الخارج، بزرع مليشيا لها في كل بلد عربي، إستطاعت إختراقه، تحت دعوى الوصاية على المذهب الشيعي، وإنقاذ الشيعة العرب من هيمنة الحكومات السنية فيها وإضطهادها لهم، والتي نجحت فيها نجاحاً تحسد عليه فعلاً.
وعندما تهيأت الظروف المناسبة، بحلول ضعف بعض البلدان العربية، إستخدمت إيران هذا السلاح الفتاك، وقد أثبت نجاحه في نخر كل من العراق وسوريا ولبنان واليمن، وهو يتحين الفرصة المناسبة في دول الخليج، بالقطع، في ظل غياب الرادع الدولي للتمدد الإيراني، لحين وصول، الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، إلى السلطة، وتنبهه إلى فداحة التمدد الإيراني من جهة، وهيمنة إيران على العراق كلياً، من جهة ثانية.
ورغم أن عملية تسليم العراق إلى إيران، قد كانت خطأً أمريكياً بإمتياز، إلا أن ثمن هذا الخطأ دفعه العراق لوحده، طوال السنوات الستة عشر الماضية، ومازال يدفعه إلى هذه اللحظة، بعد ثورة العراق ضد الهيمنة الإيرانية، في الأول من اكتوبر/ تشرين أول الماضي، المستمرة منذ ثلاثة أشهر، والتي تصر إيران على قمعها إلى هذه اللحظة، عن طريق مليشياتها، التي صارت أكثر من عدد مؤسسات الدولة العراقية ذاتها، بل وتفوق قوتها قوة الجيش والشرطة معاً.
وبتشابه إزمتي العراق ولبنان، في صراع هذين الشعبين ضد هيمنة المليشيات الإيرانية على نظاميهما الحاكمين، والذي أظهر ويظهر الوجه البشع للتمدد الإيراني وتغوله في هذين البلدين، تكشفت للعالم حجم مأساة ترك إيران في فرض نفسها كقوة إقليمية، لا تريد أطماعها أن تقف عند حد، وهو ما تنبه إليه الرئيس ترامب، مؤخراً، وعالجه بالمزيد من العقوبات الإقتصادية الثقيلة، الأمر الذي أجبر إيران على المزيد من الهروب إلى الأمام، على أمل إبقاء هيمنتها على طريق (حريرها الأسود)، الممتد من العراق إلى البحر المتوسط.
وإذا كانت مليشيا إيران في لبنان (حزب الله) قد فرضت رئيس وزارء على دولة لبنان (حسّان دياب)، قبل بضعة أيام، وبرغم معارضة الشعب اللبناني، إلا إن مليشيات إيران في العراق، مازالت تصارع الشعب العراقي على فرض رئيس الوزراء الذي إختاره الولي الفقيه إلى هذه اللحظة.
ولكن، وبرغم حجم السطوة الإيرانية الظاهرة على العراق وسوريا ولبنان واليمن، إلا أن النظرة المتفحصة فيها، والقراءة العميقة لحيثيات فعلها، تظهر أن هيمنة إيران قد بدأت بالتراجع، مع مليشياتها، بسبب تكشف حقائق النوايا الإيرانية، للشعبين العراقي واللبناني، كدائرة للأثر المباشر، وللعالم، وأمريكا على وجه الخصوص، بعد إتضاح الرؤية لها حول حجم وأهداف التمدد الإقليمي لإيران، وسعة سطوته على القرار السياسي، في العراق ولبنان وسوريا.
ما لا تريد أن تراه إيران وتعيد النظر فيه، وهو السبب الرئيس في نبذ مشروعها، هو أن مشروعها مشروع قوة همجية لم يقدم غير البؤس وصنوف البطش والقتل، للطائفة الشيعية العربية، التي غزتها وغزت بلدانها، تحت مسمى حمايتهم وحماية المذهب، وبالتالي طالبتهم بطاعة عمياء للولي الفقيه، ليس فقط مقابل لا شيء وحسب، بل وأيضا مقابل إذلال دولهم والتحكم فيها ونهب ثرواتها وسيادتها، وتحويلها لمجرد تابع لعمامة الولي الفقيه.
وفي هذه اللحظة الحرجة من تاريخ العراق ولبنان، كساحتي صراع لمليشيات إيران الفاعلة الآن وبأقصى قوتها في البلدين، نرى أن إيران تبذل كل جهودها ضد شعبيّ البلدين وإرادتهما، من أجل إبقائهما تحت هيمنتها، وهو ما إتضح بفرض حزب الله لرئيس وزراء على لبنان، يرفضه الشعب، وكثف من تظاهرات التعبير عن رفضه، منذ لحظة إعلان إسمه، وما تقوم به الآن في العراق من تهديدات ومماطلات، وممارسات الإرغام بالقوة، على الرئيس العراقي وعلى القوى السياسية غير الموالية لها، وعلى المتظاهرين العراقيين، من أجل تعيين رئيس وزراء موالٍ لها، وبكل وقاحة وعنجهية.
رفض الشعبين العراقي واللبناني للهيمنة الإيرانية، يدلل على خطل فكرة معممي إيران، ومنذ الخميني طبعاً، في إستثمار طاقات وثروات الشعب الإيراني في مشروع التحول إلى قوة إقليمية، لأنه جاء على حساب إيران ومستقبل شعبها، وهذا ما أظهرته هشاشة الإقتصاد الإيراني أمام أثر العقوبات الإقتصادية الدولية، التي طوحت بقيمة العملة الإيرانية، بين يوم وليلة، وحولت الطبقتين، المتوسطة والفقيرة من الشعب، إلى مجاميع متسولين، وهو ما قاد الشعب الإيراني إلى الإنتفاض على قادته المعممين، خلال شهر نوفمبر المنصرم، لأن مشروع هيمنتهم الإقليمي لم يورث الشعب غير إقتصاد هش وتفقير غير مبرر.
ما لا تريد إيران إدراكه، وفي هذه اللحظة العصيبة من تأريخ إزماتها الداخلية، والتي أوصلت إقتصادها إلى حضيض بلا قرار، إضافة إلى أزمات إجتماعية داخلية، لم تعد قادرة على تغطية أثرها، هو أن مرحلة رهانها على التبعية المذهبية قد إنتهت، بعد تكشف حقيقة نواياها لأتباع هذا المذهب في كل من العراق ولبنان، وبالدليل الملموس، لأن حقيقة حماية المذهب والطائفة لم تكن في حسابات إيران سوى عملية هيمنة وتسلط سياسي وإقتصادي، وبقوة سلاح المليشيات، وهو الوجه البشع للإستعمار القديم، والذي لم يجن منه لبنان والعراق، غير فساد السلطة والفساد المالي وتمييع السيادة الوطنية وتحويل كلا البلدين إلى جرمين صغيرين يدوران في فلك إيران وعمامة وليها الخرف.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إدارة بايدن وإيران.. استمرار التساهل وتقديم التنازلات | #غرف


.. ناشطون يستبدلون أسماء شوارع فرنسية بأخرى تخص مقاومين فلسطيني




.. قطر تلوح بإغلاق مكاتب حماس في الدوحة.. وتراجع دورها في وساطة


.. الاحتجاجات في الجامعات الأميركية على حرب غزة.. التظاهرات تنت




.. مسيرة في تل أبيب تطالب بإسقاط حكومة نتنياهو وعقد صفقة تبادل