الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مُلاحظة...

هاشم عبدالله الزبن
كاتب وباحث

(Hashem Abdallah Alzben)

2020 / 1 / 17
الادب والفن


كتبت العنوان قبل الآن بساعات، كانت وما زالت في رأسي ومضات لغوية برّاقة أبت أن تُكتب؛ عن ماذا يحدث لأحدنا عندما يُحِبْ أو يُحَبْ؛ والآن غمرتني رغبة الكتابة وجئتُ هُنا، لمُذكرة هاتفي وبدلًا من أن أكتب في ملاحظة جديدة وجدتني أدخل للمُلاحظة هذه الفارغة إلا من العنوان،
لم أكتب قبل ساعات لأنني عجزت أو لم أجد الكلمات التي تحتوي ومضاتي البرّاقة... وكم من ومضات برّاقة خبتْ وإنطفئت قبل أن تُصورها الكلمات؟
الكلمات...
كم هي عاجزة غالبًا؟ ، وكم هي مُهمة؟ ...
ورغم أهميتها وعجزها الذي يأتي تبعًا لضخامة الومضات وأتساعها.. رغم كل ذلك تبقى اللغة غالبًا أيضاً وليس دائمًا... تبقى سطحية، تسيلُ على السطح وتتكتل ككتلة دم مسفوح، تتجلط، تقسو وتتفتت وتذروها رياح اللحظات السريعة، واللحظات تتسرب... تضيع... تتسلق وتسقط فجأة نحو قعر مُظلم، اللحظة صارت مفقودة...لا،ليس هذا ما أردت كتابته الآن أو قبل لحظات مفقودة حتمًا... أردت الكتابة عن... مثلاً عن هشاشتنا التي تختبأ تحت قشورنا... لماذا أتحدث عنّا؟ لماذا لا أكتب عني؟
لماذا أتجاوزني للآخرين... للخارج... للأشياء التي لا أعرفها حقًا... هل هو هروب من المسؤولية الشخصية وغريزة تُحركني نحو مصيرنا بدلًا من مصيري الشخصي، لأطمئن وأرتاح نفسيًا وعقليًا وكُليًا؟
في أعماق رأسي، في مكان مليء بأعصاب أحسّها تكاد تحترق، هُناك أو هُنا... ثمة ضباب ثقيل وكثيف، ورؤية كأنها تَنفذ من زُجاج مُغبر ومُلوث... وراء الزجاج نهار مُشمس، لكن الزجاج من نوع باهت...
يا للصُدفة العجيبة! ها أنا أعود لهذا النص والساعة تُشير إلى:8:40 م، وقد تركته أمس في تمام الساعة 8:36م...
شيء ما يدعوني للكتابة... ولكن ما الهدف أو الغاية؟
هُناك رغبة مُلحة... قوية... لفعل ما، والفعل مجهول، وكم هذه الحالة مألوفة وواقعية؟ دائمًا نحن بحاجة غاية/هدف نصبو إليه... نُريده بقوة، ونعمل لأجله... لأن تلك الحالة من "اللاهدف" هي إهدار للجُهد والوقت... بل هي إهدار وموت للحياة.
الخلل في هذا العالم أصيل وقديم، هو خلل واضح ومُبهم... خلل يُشبه المرض الخفي ذو الأعراض الواضحة والمُستترة خلف قشور النصاعة والحبور... أسبابه كثيرة لكن وجوده يرتبط بسوء الإدارة والقيادة،
مجتمعنا هذا مريض جدًا... مريض بالكسل والخوف والرجعية والأنانية والمظاهر، ويفتقد للمعنى... مجتمعنا هذا مريض ويحتضر، وثمة لامُبالاة شعبية واسعة تبتلع المُعاناة وتتشربها، لتتسمم بها وتموت!

شعبنا غارق في اللاجدوى واللارؤية، والناس يعيشون ويموتون بمبدأ "هذه الحياة ليست لنا"، مع أنهم لا يعيشون وفق نمط "الزهد" الذي يستلزم الرهبنة والكفاف والتحرر من الماديات والثقافة الإستهلاكية... لا يثورون على وضعهم الراهن، يسكتون، ويرفضون التغيير، وأحدهم يستسيغُ العبودية والمهانة كواقع لابد منه... وهكذا تُصبح الحياة جحيمية، تافهة وسخيفة وحتمية... ويُصبح الموت رغبة/أمنية مُرعبة وستحدث في القريب العاجل...
هُنا تموت المشاعر الحارّة في برودة التفاصيل اليومية. هُنا تُقتل الأحلام بمقصلة الأشياء المُقدسة والواقعية... هُنا يُدفن الحب في غبار السعي وراء اللقمة والدينار... هُنا يتحول الإنسان لكائن وحشي مُدجن...

الحياة ليست كذلك، والحب ليس تَرفًا أو نزوة يتوب عنها المُحب ويُخفيها في مكان مُظلم وبارد...
الحياة هُنا ليست حياة، علينا أن نُدرك ذلك... ونَعيه، ولكم أنت بحاجة ذلك الإيمان الراسخ في عقل أحدهم بأن ثمة حياة أخرى أبدية تنتظرنا؟
بأن ثمة نَعيم مُقيم وقَصاص عادل ينتظرنا؟!
لن أعود لأكتب، إنتهت الملاحظة...
الخميس، 10:34م، 16 - 1 - 2020








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. عام على رحيل مصطفى درويش.. آخر ما قاله الفنان الراحل


.. أفلام رسوم متحركة للأطفال بمخيمات النزوح في قطاع غزة




.. أبطال السرب يشاهدون الفيلم مع أسرهم بعد طرحه فى السينمات


.. تفاعلكم | أغاني وحوار مع الفنانة كنزة مرسلي




.. مرضي الخَمعلي: سباقات الهجن تدعم السياحة الثقافية سواء بشكل