الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أسئلة مصدرها صحراء ما بعد الايديولوجيا

ماجد عبد الحميد الكعبي

2020 / 1 / 18
مواضيع وابحاث سياسية


كتبت مقالات كثيرة في نقد واصلاح التعليم العالي في العراق منذ اكثر من اربع سنوات في حقبة لم يستطع ان ينبس ببنت شفة من يدعي اليوم انه ثائر بوجه الفساد. وتحملت اعباء اقلها الضغط النفسي والمعنوي في بلاد الغربة فضلا عن الاستجواب والتحقيق . ولم اتوان عن مواصلة مسيرة النقد والتقويم للسياسات التعليمية الخاطئة بعدما عدت الى العراق. لقد صمت الجميع - اساتذة وطلبة - باستثناء ثلة لا يتجاوز عددهم اصابع اليد الواحدة. ولم يكتف بعضهم بالصمت بل راح يتخذ دور الواعظ والمرشد لي ناصحا بعدم الاستمرار بالكتابة وان الكتابة لن تجدي نفعا قائلا بلهجة عامية : (هي خربانة ). والاغرب من ذلك ان بعضهم ذهب في سبيل نشر ثقافة اليأس والاحباط بين الاساتذة والطلبة بوصفها نوعا من سياسة الاستسلام والخضوع للامرالواقع.
أما اليوم وفي ظل المظاهرات والاحداث الراهنة فقد تحول الموقف رأسا على عقب لدى كثير من الاساتذة والطلبة فاذا بالساكت الخانع يتحول الى صادح ثائر ومناضل مكافح مستغلا ومجيّرا دماء الشهداء الذين سقطوا للمطالبة بحقوقهم المشروعة داعيا الى الاضراب والاعتصام ومنع الدوام . ولم يعلم ان فعله هذا انما هو شكل آخر من أشكال الفساد ﴿ وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ قَالُوا إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ * أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلَكِنْ لَا يَشْعُرُونَ ﴾. ان تعطيل المؤسسات التعليمية بحجة الاصلاح السياسي أمر سيكون مردوده وخيما على مستقبل ابنائنا في هذا العام وفي العام القادم. لان الجامعات ليست دكاكين نغلقها شهرا ونعيد فتحها لاحقا وليست معامل يضرب عمالها عن العمل شهرين او ثلاثة فيعودون اليها بعدما تتحقق مطالبهم . وهي ليست حقولا للمزارعين الذين يتركون الارض عاما أوعامين بسبب القحط فيعودون اليها في عام ممطر.
الجامعات ياسادة ياكرام ! تتحكم فيها سيرورة من الدوام في صراع مع الوقت دائما وهي عمل متواصل ومتراكم ، مقنن بتقويم سنوي اذا اصابه الخلل في عام ما سينتقل هذا الخلل الى السنوات اللاحقة. فكيف سنتعامل مع مفردات منهجية مجدولة و وحدات دراسية معددوة معتمدة وطنيا وعالميا ؟ هل سنختصرها ؟ هل سنلغي بعضها ؟ وماذا سنقول لطلبتنا في العام القادم عندما سيأتون للتسجيل في الجامعات ؟ سنقول : نحن آسفون لا مكان لكم بيننا بسبب ان طلبة العام الماضي أعادوا السنة الدراسية وان قاعاتنا الدراسية لا تكفي لاستيعابهم واياكم؟
وكيف يستطيع طلبة الجامعات في الوسط والجنوب الاوائل من منافسة اقرانهم في جامعات العراق الشمالية والغربية على مقاعد الدراسات العليا في الداخل والخارج؟ كم طالبا سيحرم من المنافسة ؟ وكم حامل شهادة عليا سيحرم من فرصة التعيين بعقود في الدراسات المسائية في هذا العام بسبب تعطيل الدوام في حين يتمتع اقرانهم بالجامعات الاخرى بكل حقوقهم ؟ كيف نعالج الخلل في المبالغ المستحصلة والمصروفة في الدراسات المسائية ؟ فمثلا : كل الطلاب في المرحلة الاولى قد دفعوا الاجور الدراسية كاملة وان عدم الدوام هذا العام لا يعني ان اجورهم الدراسية سيتم تدويرها الى العام القادم بعدما دخلت في صندوق التعليم المسائي وتم صرف محاضرات للاساتذة الذين يشرفون على طلبة المرحلة الرابعة حيث الطلبة مستمرون بالتواصل مع اساتذتهم في مادة البحث التي لا تتطلب حضورا مستمرا في قاعة الدرس.
وعلاوة على كل ذلك كله أود ان أسال الذين يدعون الى عدم الدوام : هل لديكم حل بديل يحول دون ضياع السنة الدراسية ؟ وما ذنب أغلبية الطلبة الذين يرغبون بالدوام؟ هل منع الاغلبية عن الدوام مبدأ ديمقراطي وحرية شخصية ؟ هل التجاوز عليهم وتهديدهم عبر وسائل التواصل الاجتماعي فعل ديمقراطي ومظهر من
مظاهر الدولة المدنية التي يدعو اليها المعتصمون؟ هل من المعقول ان يمنع 200 طالبا وطالبة زملاءهم عن الدوام والذين يتجاوز عددهم الـ عشرة آلاف طالب ؟ هل تسمح أنظمة الدول الديمقراطية بمثل تلك الاختلالات غير الطبيعية في سير العملية التعليمية والتربوية ؟
ان كل تلك الاسئلة بحاجة الى اجابات شافية ولو اني لا اتوقع ان اجد شيئا منطقيا في صحراء ما بعد الايديولوجيا*!
* العبارة مقتبسة من كتاب : سنة الاحلام الخطيرة ، فصل (مرحبا في صحراء ما بعد الايديولوجيا)، سلافوي جيجك








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ريبورتاج: الرجل الآلي الشهير -غريندايزر- يحل ضيفا على عاصمة


.. فيديو: وفاة -روح- في أسبوعها الثلاثين بعد إخراجها من رحم أم




.. وثقته كاميرا.. فيديو يُظهر إعصارًا عنيفًا يعبر الطريق السريع


.. جنوب لبنان.. الطائرات الإسرائيلية تشن غاراتها على بلدة شبعا




.. تمثال جورج واشنطن يحمل العلم الفلسطيني في حرم الجامعة