الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تكهنات في اسباب استقالة ميدفيدف

جاسم ألصفار
كاتب ومحلل سياسي

(Jassim Al-saffar)

2020 / 1 / 19
مواضيع وابحاث سياسية



فاجأ قرار ديميتري ميدفيديف رئيس الوزراء الروسي بتقديم استقالته الى الرئيس فلاديمير بوتن العديد من السياسيين الروس والاجانب، وأيا كان سببه ، يعتقد معظمهم أنه كان قرار بوتين، بالدرجة الاولى، مرفوقا بعدم اعتراض ميدفيديف. البعض يربط الاستقالة بالتعديلات الدستورية التي اقترحها الرئيس بوتن في خطابه السنوي امام الاجتماع الاتحادي، وهذا افتراض غير واقعي لأن التعديلات المقترحة من قبل الرئيس الروسي على الدستور هي ما زالت مجرد مقترحات تحتاج الى اعادة صياغة قبل ان تقر من قبل البرلمان الروسي والمجلس الاتحادي.
كما ان مقترحات التعديل الدستوري التي اعلنها رئيس الاتحاد الروسي فلاديمير بوتن لا تشمل فقط اليات انتخاب رئيس الوزراء والكابينه الوزارية بل وحتى شروط انتخاب رئيس الدولة، وهذا ما يؤكد ان لا علاقة لمقترحات التعديل باستقالة رئيس الوزراء الروسي ديميتري ميدفيدف.
ولكن بالتأكيد هناك اسباب للاستقالة، احاول التكهن ببعضها، فميدفيديف قد بذل كل ما بوسعه من اجل تسريع عجلة النمو الاقتصادي في روسيا دون ان يحقق طفرة اقتصادية توازي التحديات التي تواجهها روسيا وتستجيب للستراتيجية الطموحة التي عبر عنها بوتن في خطبه السنوية امام الاجتماع الاتحادي، سواء الخطاب الاخير او الذي سبقه. وكما قال المحلل السياسي الروسي المعروف سولوفيوف في برنامج حوار سياسي يقدمه على القناة الروسية الاولى "ان روسيا عانت فترة ركود اقتصادي في زمن مدفيدف".
هذا اولا، أما السبب الاهم، في تقديري، والذي دعا رئيس الوزراء الروسي ديميتري ميدفيدف لتقديم استقالته مباشرة بعد القاء الرئيس فلاديمير بوتن لخطابه الذي حدد فيه التوجهات السياسية والاقتصادية والاجتماعية للفترة القادمة، فتتمثل في التعارض بين سياسة الرئيس الروسي الوطنية، التي اقترح تثبيتها في الدستورالروسي، وبين العقيدة الليبرالية التي ينتمي اليها ميدفيدف منذ ما قبل تسعينات القرن الماضي.
وبالمناسبة، فان فلاديمير بوتن وديميتري ميدفيدف قد تتلمذا عند الشخصية الليبرالية التي لمع نجمها في تسعينات القرن الماضي، اناتولي سبجاك الذي اصبح وقتها عمدة لينينغراد (سانت بيتربورغ لاحقا) وكانا من داعميه الاساسيين في حملاته الانتخابية، ولكن الفرق بين بوتن وميدفيدف، هو أن الاول كان يتنفس برئة الشارع الروسي بينما كان الثاني منغلقا على عقيدته الليبرالية.
وهنا لابد من الاشارة الى ان ميدفيدف لم يكن راضيا عن فراغ البرلمان الروسي (الدوما) من الاحزاب الليبرالية، وكان يعتقد بأن العتبة الانتخابية، أي النسبة الادنى التي تسمح بدخول الاحزاب للبرلمان، عالية جدا، لذا فعندما اصبح رئيسا لروسيا اعادها الى وضعها القديم، أي 5% بدل 7%، غير ان هذا التغيير لم يساعد الاحزاب الليبرالية الصغيرة من الوصول الى البرلمان بسبب المناخ السياسي الوطني الذي اصبح مهيمنا في روسيا بعد فشل الليبراليين في تحقيق استقرار اقتصادي او اجتماعي فترة رئاسة بوريس يلسن.
ديمتري ميدفيدف، سواء عندما كان رئيسا لروسيا او رئيسا للوزراء، لم يتعلم حقيقة واحدة كان يفترض انه قد قرأ عنها في شبابه، وهي مقولة لغوته كان لينين شغوفا بالاستشهاد بها : "إن النظرية رمادية اللون يا صديقي، لكن شجرة الحياة خضراء". ، وأن اية عقيدة مهما كانت عظيمة لا يمكنها تغيير واقع غير مهيأ للقبول بها.
واخيرا، فقد دخلت روسيا مرحلة ما بعد ميدفيدف، والتي يرى اغلب المراقبين بأنها ستكون مرحلة يجري التركيز فيها على التطور الاقتصادي والاجتماعي، بعد أن حققت روسيا طفرة حقيقية في مجال تطورها العسكري بحيث اصبحت "لا تسعى لأن تلحق بأحد وأن الاخرين هم من سيسعى للحاق بها" كما قال بوتن في خطابه الاخير أمام الاجتماع الفيدرالي. لذا كلف الرئيس الروسي فلاديمير بوتن، ميخائيل ميشوستين رئيس دائرة الضرائب، برئاسة الحكومة الروسية الجديدة. علما بأن ميشوستين حاصل على درجة الدكتوراه في الاقتصاد عن أطروحة بعنوان "آلية الإدارة المالية للدولة الروسية" من أكاديمية الاقتصاد الوطني التابعة لحكومة الاتحاد الروسي.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. رفح: هل تنجح مفاوضات الهدنة تحت القصف؟ • فرانس 24 / FRANCE 2


.. مراسل شبكتنا يفصّل ما نعرفه للآن عن موافقة حماس على اقتراح م




.. واشنطن تدرس رد حماس.. وتؤكد أن وقف إطلاق النار يمكن تحقيقه


.. كيربي: واشنطن لا تدعم أي عملية عسكرية في رفح|#عاجل




.. دون تدخل بشري.. الذكاء الاصطناعي يقود بنجاح مقاتلة F-16 | #م