الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


العراق الذي نريد

علي رشيد

2003 / 4 / 11
اخر الاخبار, المقالات والبيانات


 


سقط الطاغية ، سقط دهر من الهم والغم وسيل الدم ، سقط زمن الدموية والعبودية والعنف ، سقط النظام بفساده ورذالته ، وعنجهية أجلاف العشيرة التي سحبت العراق وطيلة عقود من الحكم إلى براثن القمع والتجويع والأذلال والحروب المشبوهة ،
سقط الطاغية ، سقط الحرس ( الجمهوري ) ، سقط فدائيو صدام ، سقط جيش ( القدس ) ، سقط مجلس قيادة الأنقلاب المشؤوم ، سقط زمن  يحكم فيه الخونة الشعب والوطن ، سقط الحزب الواحد ، والزعيم الأوحد ، ، سقط قناع الأنظمة العربية ، سقط خداع الشعوب بالشعارات الكاذبة ، سقط تمثال الطاغية ، سقط صدام حسين .
سقطت نسبة 100 في 100 ، سقطت فرق الأعدام ، سقطت سجلات الوشاية ، سقطت عطايا ( القائد ) ، سقطت السجون والمعتقلات ، سقطت مقرات الجيش ( الشعبي ) ، سقطت أسطورة أن يقاتل الخونة من المترفين بالعطايا حتى عن الواهب الأكبر ( لم يذكر لنا التاريخ وعبر دروسه أن قاتل الطغاة وأتباعهم ، من قتلة الشعوب ومصادري حرياتها ، الغزاة .
لقد شاهد العالم فرح العراقيين وخصوصا الأطفال والنساء والشيوخ ، فرح الفقراء والمعدميين ، فرح الأمهات الثكالى ، والأرامل ، والأيتام ، والشباب من مجدوعي الأذان والأنوف ، فرح العراقيين أجمع (عرب ، كرد ، تركمان ، اشوريون ، مسلمون ، مسيحيون ) .
  لقد كان فرحا هستيريا مشروعا ، فرح اختلطت به الدموع بالهتافات ، بتمزيق صور الطاغية ، صور لشباب يرقصون ، وﺁخرون يرميون أنصاب الدكتاتور بأحذيتهم ، صور لشباب يستولون على أبنية الحرس المقبور ، ومقرات الحزب البائد ، ومؤسسات الأبن المشوه للطاغية ويصادرون محتوياتها ( ركزت وسائل الأعلام في العالم ولغرض سياسي طبعا على صور الأطفال والشباب وهم يحملون مقاعد و طاولات و مقتنيات ﺁخرى ، ووصفتها بعمليات نهب وسلب تعمّ العاصمة ) ، ورغم أن مثل هذه الحالات هي بديهية في فوضى التسيب وأنعدام الأمن والسلطة أو في الحروب ، ولكن ماحصل البارحة كان للغزاة دور كبير في اشاعة الظاهرة وأعطائها الضوء الأخضر ، فكان لفعل الناس مايبرره لكسر حاجز الخوف والكبت الجاثم فوق أنفاسهم طيلة ثلاث عقود ، و كان للغزاة مقاصد أخرى سيستثمرونها  مستقبلها في العراق .
لقد سقط الطاغية ولكنه أبى أن تكتمل فرحتنا ، فلم يذهب طواعية  أو بأيدي العراقيين ، لقد رحل بعدما أنجز ﺁخر خراب قميء ، رحل الطاغية ولكن بعدما أورثنا الأحتلال .
لقد رفع العلم الأمريكي أكثر من مرة بيد جنود الغزو ( ولهذا دلالاته ) ، ورفع أيضا بيد شباب عراقيين مع صور ( الفاتح ) بوش مصحوبا بالهتافات ( ربما لهول المفاجأة ولهيستيريا الفرح ، الذي لم ينعم به العراقيون ومنذ حكم الرعاع ) ، رفع الشباب البسطاء والطيبون العلم الأمريكي ربما دون دلالة ، بل نوع من العرفان لمن أسقط الطاغية ( دون التفكير بمن أوجد الطاغية والثمن الذي دفعه الأبرياء لهذا السقوط ) وأتمنى أن تكون طريقة العرفان هذه ، هفوة غير مقصودة وليس سلوكا يترسّخ ، دعونا نكون أكثر رزانة في فرحنا لكي لانخسر الحرية والفرح والوطن .
العراق الذي نريد
العراق الذي نحلم به ، هو عراق دون طغاة  ، دون زعيم أوحد ، دون مؤسسات قمع ، وجهاز أمن خاص ، دون استفراد حزب واحد أوقومية واحدة أوطائفة واحدة ، دون إعلام مسيّر بل إعلام حر ، دون تضليل أو شعارات كاذبة تقود إلى الهاوية ، دون مثقفي سلطة أو مثقفين أميين ( مثقفي السبسيدي ) ، دون هتافين ، دون وشاة أو كتاب تقارير ، دون قصائد تتغزل بأمجاد القائد( المقبل ) ، دون مقالات تمجد زيف الأفعال، دون ثقافة الحياد ( لأن الكلّ له دوره في بناء العراق ، وتصحيح الأخطاء ، وليس الحياد منها و الذي سيجلب كوارث وأخطاء أخرى ) ، نريد عراقا نقول فيه الرأي بحرية ونسمع المشورة ونسمي الأسماء بمسمياتها ونحتكم لعقولنا ولحاجة الوطن  دون الأكثار بالاستشهادات ( فلا نكثر من ، كما قال أودونيس أو عباس بيضون أو لينين أو ﺁية الله ) دعونا نقول قولنا ونفعل فعلنا في بناء عراق مابعد الطاغية ،  نريد عراقا يحكمه أبناؤه الطيبون المختصون  فالرئيس حكيم وبقلب رحيم ( غير ملوث أوعميل ) ، وهو ليس أكثر من موظف كبير له راتبه الخاص وبروتوكالاته دون زيادة أونقصان، ورئيس الوزراء موسوعي العلم والثقافة والمعرفة ، ووزير الصناعة عالم ، ووزير الثقافة أديب متخصص أوفنان ...... ، والوزير له حق الاعتراض ( المشروع ) على الحكومة وحسب اختصاصه (ودون نسيان شرط الأخلاق والنزاهة وحسن السيرة) ، عراق دون تأليه .
عراق ، له وحده القصائد ، والهتافات  والأغاني ، والتضحية والانتماء ، والتكبير والأجلال ، عراق له وحده الحب والفعل والأمنيات .
هذا هو العراق الذي نحلم به ( وربما سيزيد الطيبون من أبنائه أحلاما أخرى )
أسئلة مشروعة :
• هل سيسمح الاحتلال بعراق كما نحلم به ، أم أن للاحتلال صورة العراق المرسومة منذ سنين ، بل ومنذ مجيئهم بالطاغية .
• هل سيسمح كلّ رموز العهد البائد وربيبي أخلاقياته ( ممّن انتموا إلى المعارضة حديثا والذين تعج بهم الفضائيات الغربية والعربية ، والمطروحين كرموز لمرحلة مابعد صدام ، و حتى العملاء ممن تعاونوا مع الغزاة وينتظرون المكافأة ) من تحقيق الحلم .
هامش :
أظهرت الفضائيات صورا لعدد من مقاتلي جيش العراقيين المتأمركين ، وهم يهتفون أمام قائدهم المزهو بقبعته الأمريكية والتي يبدو بها كواحد من  الجنرالات الفاتحين الجدد ، فأوشكت أن أفيق من الحلم (العراق الذي نحلم ونريد ) بسبب ضجيج الهتافات ، تلبسني الاشمئزاز من فكرة أن الهتافين بصدد صنع طاغية ﺁخر . 









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. القمة العربية تدعو لنشر قوات دولية في -الأراضي الفلسطينية ال


.. محكمة العدل الدولية تستمع لدفوع من جنوب إفريقيا ضد إسرائيل




.. مراسل الجزيرة: غارات إسرائيلية مستمرة تستهدف مناطق عدة في قط


.. ما رؤية الولايات المتحدة الأمريكية لوقف إطلاق النار في قطاع




.. الجيش الاسرائيلي يعلن عن مقتل ضابط برتبة رائد احتياط في غلاف