الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الثورة الفلسطينية كانت وما تزال على صواب

إبراهيم ابراش

2020 / 1 / 20
القضية الفلسطينية


التحديات التي تواجه الشعب الفلسطيني متعددة الوجوه والأبعاد ،وإن كان الجانب الظاهر والأكثر إثارة واستفزازاً يتمحور حول الواقع الراهن للقضية الفلسطينية في شتى أبعاده :الممارسات الإسرائيلية الاستيطانية والعسكرية الإرهابية في الضفة والقطاع ،الممارسات العنصرية في أراضي 48 ،السلوك الأمريكي المعادي لشعبنا والمساند لدولة الاحتلال ،التراجع الملحوظ في التأييد الرسمي العربي ،الانقسام الفلسطيني ،والوضع الاقتصادي السيئ في قطاع غزة ... ،إلا أن الوجه الآخر من التحدي والتهديد الذي قليلاً ما يتم الحديث عنه هو محاولات التشويه والتنكر لتاريخ الثورة الفلسطينية المعاصرة الذي يمتد لحوالي مائة عام ،ليس فقط من أعداء الفلسطينيين بل من بعض العرب والفلسطينيين .
لا شك أن هناك أخطاء وسلبيات وأوجه تقصير صاحبت مسيرة الثورة الفلسطينية سواء في بنيتها الداخلية أو في كيفية إدارة الصراع مع إسرائيل أو في علاقاتها مع الجوار العربي وخصوصاً أثناء تواجدها في الأردن قبل 1970 أو في لبنان بعد ذلك ،كما يجوز توجيه كثير من أوجه النقد لسلوك السلطة ومنظمة التحرير وكل النخب السياسية الراهنة ،إلا أن ما لا يجوز السكوت عنه الحملة التي تشارك فيها أطراف متعددة تبدأ من إسرائيل وماكينتها الإعلامية إلى سياسيين وكُتاب عرب وفلسطينيين يتساوقون معهم بتنسيق بينهم أو بدونه ،والتي تشكك في مبدأ الثورة الفلسطينية ضد إسرائيل وفي منطلقاتها ومبررات وجودها وإظهارها وكأنها كانت مغامرة أو سلوك طائش لم يحقق شيئاً للفلسطينيين ولم يؤدّ إلا لمزيد من المعاناة للفلسطينيين والإساءة للدول العربية المُضيفة ،وأن الفلسطينيين ناكرون للجميل ويسترزقون من وراء قضيتهم الخ .
كل هذه المزاعم وحملة التشويه الممنهجة لحاضر وتاريخ الثورة الفلسطينية الصادرة عن بعض الأطراف العربية والفلسطينية أيضاً تزامنت مع سعي دول عربية للتطبيع مع إسرائيل والتخلي عن التزاماتها القومية تجاه الفلسطينيين ،ومع حالة الفشل والعجز التي تعيشها الطبقة السياسية الفلسطينية الراهنة سواء في غزة أو الضفة ، وهذا التزامن يجعلنا نتلمس الهدف من وراء حملة التشكيك والتشويه .
بالنسبة للأطراف العربية فإن هدفها كي وعي الشعوب العربية المؤمنة بعدالة القضية الفلسطينية والمؤيدة لنضال الشعب الفلسطيني وتحريض الشعوب العربية والإسلامية ضد الفلسطينيين وتهيئتها للقبول بالتطبيع مع إسرائيل من منطلق ان الفلسطينيين لا يستحقون الوقوف على جانبهم .
أما بالنسبة لبعض الفلسطينيين وخصوصاً من الطبقة السياسية فالهدف التغطية على فشلها وعجزها بل وتواطؤها ،والزعم بأنها ليست مخطئة في نهجها وسياساتها ،وأن ما تمر به القضية من تراجع لا يعود لتقصيرها كطبقة سياسية حاكمة بل لأخطاء سابقة للثورة الفلسطينية بل يصل الأمر بالبعض وخصوصاً من الجماعات الإسلاموية لتجريم حركة التحرر الفلسطينية ومنظمة التحرير في سعي منها للحلول محلها .
الفلسطينيون لم يقصروا تاريخياً في الدفاع عن قضيتهم ،فقبل 1948 ناضلوا ضد وعد بلفور والاستيطان والاستعمار البريطاني وكانت ثورة 1936 -1939 التي استشهد وأصيب خلالها الآلاف وتم إجهاضها نتيجة قمع القوات البريطانية وتدَّخُل الأنظمة العربية آنذاك التي ناشدت الفلسطينيين بوقف ثورتهم على وعد أن تنصفهم بريطانيا ،أيضاً نتيجة اندلاع الحرب العالمية الثانية ،ولو لم تكن مقاومة وثورة فلسطينية آنذاك لتم تنفيذ وعد بلفور على كامل الأراضي الفلسطينية وليس على نصف الأراضي كما نص قرار التقسيم رقم 181 .
وفي منتصف الستينيات ثار الفلسطينيون لكسر حالة الإحباط ولمواجهة محاولات تغييب الهوية الفلسطينية واختزال القضية كقضية لاجئين فقط ،وعندما قامت الثورة الفلسطينية بقيادة منظمة التحرير كانت منسجمة ومتساوقة في منطلقاتها ومنطقها وسلوكياتها وثقافتها مع ما هو سائد في العالم آنذاك ،من دعم عالمي لحركات التحرر الوطني وشرعية ومباركة الكفاح المسلح وموقف دولي عام يعتبر إسرائيل دولة احتلال من حق الشعب الفلسطيني مقاومتها بكل الوسائل .
نجحت الثورة الفلسطينية آنذاك في لفت أنظار العالم لعدالة قضيتها ،وبالفعل اعترف العالم من خلال الجمعية العامة للأمم المتحدة في عام 1974 بمنظمة التحرير ممثلاً شرعياً للشعب الفلسطيني وبحق هذا الأخير بتقرير مصيره السياسي وأصبح للثورة الفلسطينية مكاتب تمثيل في حوالي مائة دولة ،وحدث هذا عندما كانت الثورة الفلسطينية تمارس العمل العسكري ضد الكيان الصهيوني داخل فلسطين المحتلة وخارجها ،وخلال الانتفاضتين 1987 و 2000 انتقلت ريادة الثورة من الخارج إلى الداخل وقد استطاعت هاتان الانتفاضتان إفشال محاولة فرض الوصاية على الفلسطينيين مجدداً وفرض شروط مذلة عليهم تمهيداً لتصفية قضيتهم .
أن تتغير التوازنات الدولية والنظام الدولي وتتغير المصالح وينهار النظام الإقليمي العربي وتصبح بعض الأنظمة العربية منحازة لمصالحها ولو على حساب الشعب الفلسطيني ،وأن ينهار أو يتخلخل النظام السياسي الفلسطيني نتيجة ثقل التحديات والمؤامرات ونتيجة الانقسام وسيطرة نخب سياسية فاشلة ،كل ذلك لا يعني أن الفلسطينيين كانوا مخطئين في ثورتهم ومقاومتهم للاحتلال ،كما لا يشكك بعدالة القضية الفلسطينية ،ونستغرب كيف أن الذين يُدينون الفلسطينيين لممارستهم حقهم في مقاومة دولة احتلال عنصري إرهابي يدعمون في نفس الوقت بالمال والسلاح جماعات مسلحة تقاتل ضد حكومات بزعم أنها حكومات غير ديمقراطية ؟.
وأخيراً وبالرغم من رداءة وصعوبة الواقع والنجاح النسبي الذي حققته استراتيجية الإلهاء في كي الوعي وتغيير الأولويات وفي تفشي حالة اليأس والإحباط ،إلا أن القضية ليست مسالة سلطة وحكم وطبقة سياسية مأزومة بل قضية شعب تعدداه يناهز 13 مليون نسمه لم يتنازل عن حقوقه الوطنية بالرغم من كل ما يتعرض له ،لذا على الفلسطينيين أن يفتخروا بتاريخهم وبأنهم أصحاب قضية هي الأكثر عدالة بين قضايا التحرر الوطني وبأنهم أصحاب ثورة هي الأطول في تاريخ حركات التحرر الوطني في العالم ضد تحالف صهيوني استعماري امبريالي ،ليس فقط دفاعا عن فلسطين بل وعن الأمة العربية والمقدسات الإسلامية ،ولولا وجود الثورة الفلسطينية ومقاومة الشعب الفلسطيني لكانت إسرائيل تمددت إلى عمق العالم العربي منذ عقود .
[email protected]








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. هل يخرق نتنياهو خطوط بوتين الحمراء؟ صواريخ روسيا نحو الشرق


.. شائعة تحرش تشعل أزمة بين سوريين وأتراك | #منصات




.. نتنياهو يبحث عن وهم الانتصار.. احتلال غزة هل يكون الخيار؟ |


.. نقل مستشارة بشار الأسد لونا الشبل إلى المستشفى إثر حادث سير|




.. بعد شهور طويلة من القتال.. إسرائيل أمام مفترق طرق استراتيجي