الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مات بسبب طرطرة علي الواقف

أيمن غالي

2020 / 1 / 21
كتابات ساخرة


من الشخصيات إللي أثير حولها الكثير من الجدل واللغط والروايات في كتب التراث؛ سعد بن عبادة
سعد بن عبادة الأنصاري الساعدي الخزرجي؛ زعيم الخزرج قبل الإسلام، وهو من أوائل من أسلم من الصحابة، وكان من الناس إللي أنفق بسخاء من أمواله علي المسلمين ..

بعد وفاة الرسول؛ إجتمع المسلمون - في غياب أبو بكر وعمر - في سقيفة بني ساعدة لمناقشة إختيار خليفة للرسول ليدير شئون المسلمين، وإختاروا سعد ..
عمر بن الخطاب؛ لَمّا سمع بموضوع قعدة السقيفة؛ راح جَريّ علي السقيفة، وقلب الترابيزة علي سعد، وأدار دفة الإختيار لأبو بكر، وتمت له البيعة ولم يُبايِع سعد، وترك المدينة للشام (ممكن نقول غضب من إللي حصل ورفض إنه يكون واحد من رعايا أبو بكر الأقل منه قدراً ومقاماً وخدمة للإسلام والمسلمين حسب رؤيته بكونه الأحق بالخلافة من أبو بكر وعمر) ..
وقضي فترة ولاية أبو بكر كاملة في الشام، ومن بعده قضي حوالي سنتين ونصف من ولاية بن الخطاب - (كتاب الإستيعاب لإبن عبد البر (2/599) - إللي برضه ما بايعهوش وإللي كان غضبان منه وعليه وقلقان منه ..
وفي يوم؛ وجدوا سعد مقتول بسهمين راشقين في قلبه ..
وناس كتير قالوا ما فيش غير بن الخطاب إللي عملها؛ بسهم المغيرة بن شعبة أو خالد بن الوليد (كتاب مناظرات في الإمامة)؛ يعني إبن الخطاب هو إللي أوعز لواحد من الإتنين بقتله ..

روايات تشير إلي قتل عمر لسعد

روى البخاري (6830) عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عن عمر بن الخطاب؛ فذكر الحديث في مبايعة الصحابة أبا بكر، وفيه: " .. فَقَالَ قَائِلٌ مِنْهُمْ: قَتَلْتُمْ سَعْدَ بْنَ عُبَادَةَ، فَقُلْتُ - يعني عمر - : قَتَلَ اللَّهُ سَعْدَ بْنَ عُبَادَةَ، قَالَ عُمَرُ: وَإِنَّا وَاللَّهِ مَا وَجَدْنَا فِيمَا حَضَرْنَا مِنْ أَمْرٍ أَقْوَى مِنْ مُبَايَعَةِ أَبِي بَكْرٍ، خَشِينَا إِنْ فَارَقْنَا القَوْمَ وَلَمْ تَكُنْ بَيْعَةٌ: أَنْ يُبَايِعُوا رَجُلًا مِنْهُمْ بَعْدَنَا، فَإِمَّا بَايَعْنَاهُمْ عَلَى مَا لاَ نَرْضَى، وَإِمَّا نُخَالِفُهُمْ فَيَكُونُ فَسَادٌ ".
ورواه ابن حبان (414)، وفيه: قَالَ عُمَرُ: " فَقُلْتُ وَأَنَا مُغْضَبٌ: قَتَلَ اللَّهُ سَعْدًا فَإِنَّهُ صَاحِبُ فِتْنَةٍ وَشَرٍّ، وَإِنَّا وَاللَّهِ مَا رَأَيْنَا فِيمَا حَضَرَ مِنْ أَمْرِنَا أَمْرٌ أَقْوَى مِنْ بَيْعَةِ أَبِي بَكْرٍ، فَخَشِينَا إِنْ فَارَقْنَا الْقَوْمَ قَبْلَ أَنْ تَكُونَ بَيْعَةٌ أَنْ يُحْدِثُوا بَعْدَنَا بَيْعَةً، فَإِمَّا أَنْ نُبَايِعَهُمْ عَلَى مَا لَا نَرْضَى، وَإِمَّا أَنْ نُخَالِفَهُمْ فَيَكُونُ فَسَادًا ".
وعند الطبري في "تاريخه" (3/ 222): "فقال أبو بكر: مهلا يا عمر! الرفق هاهنا أبلغ".

قال الحافظ ابن حجر:
" قَوْلُهُ: فَقَالَ قَائِلٌ: قَتَلْتُمْ سَعْدَ بْنَ عُبَادَةَ؛ أَيْ: كِدْتُمْ تَقْتُلُونَهُ.
وَقِيلَ: هُوَ كِنَايَةٌ عَنِ الْإِعْرَاضِ وَالْخِذْلَانِ.
وَيَرُدُّهُ: مَا وَقَعَ فِي رِوَايَةِ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ، عَنْ ابن شِهَابٍ، فَقَالَ: قَائِلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ أَبْقُوا سَعْدَ بْنَ عُبَادَةَ، لَا تَطَئُوهُ ..
فَقَالَ عُمَرُ: أُقْتُلُوهُ قَتَلَهُ اللَّهُ ..
نَعَمْ؛ لَمْ يُرِدْ عُمَرُ الْأَمْرَ بِقَتْلِهِ حَقِيقَةً.
وَأَمَّا قَوْلُهُ: قَتَلَهُ اللَّهُ؛ فَهُوَ دُعَاءٌ عَلَيْهِ.
وَعَلَى الْأَوَّلِ: هُوَ إِخْبَارٌ عَنْ إِهْمَالِهِ، وَالْإِعْرَاضِ عَنْهُ"؛ "فتح الباري" (7/32).

وقال العيني:
" قَوْله: قتلتم سعد بن عبَادَة قيل: مَا مَعْنَاهُ وَهُوَ كَانَ حَيا ؟ وَأجِيب: بِأَن هَذَا كِنَايَة عَن الْإِعْرَاض والخذلان والإحتساب فِي عدد الْقَتْلَى، لِأَن من أبطل فعله وسلب قوته فَهُوَ كالمقتول. قَوْله: فَقلت: قتل الله سعد بن عبَادَة. الْقَائِل هُوَ عمر، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، وَوجه قَوْله هَذَا إِمَّا إِخْبَار عَمَّا قدر الله عَن إهماله وَعدم صَيْرُورَته خَليفَة، وَإِمَّا دُعَاء صدر عَنهُ عَلَيْهِ فِي مُقَابلَة عدم نصرته للحق " انتهى من "عمدة القاري" (24/ 12) . وينظر أيضا : "عمدة القاري" (16/ 186) .

وهنا ظهرت روايات لتبرئة بن الخطاب ..

وناس قالوا إن تعبير عمر بقتل الله سعداً؛ معناه إن فكرة مشروع سعد في الإستيلاء علي الخلافة قد تم قتلها .. يعني الفكرة هي إللي قُتِلت مش سعد نفسه

قال ابن الجوزي:
" وَقَوله: قتل الله سَعْدا: إِنَّمَا قَالَ هَذَا لِأَن سَعْدا أَرَادَ الْولَايَة ، وَمَا كَانَ يصلح أَن يتَقَدَّم أَبَا بكر.
وَقَالَ الْخطابِيّ: معنى قَوْله: قتل الله سَعْدا: أَي احسبوه فِي عداد من مَاتَ وَهلك، أَي لَا تَعْتَدوا بِحُضُورِهِ، لِأَنَّهُ أَرَادَ أَن يكون أَمِيرا، فَخَالف ": "كشف المشكل" (1/71).

وقال الخطابي:
" معنى قوله: (قتل الله سعدًا): أي إجعلوه كمن قُتِل، وأحسبوه في عدد من مات، ولا تعتدوا بمشهده، وذلك أن سعدًا أراد في ذلك المقام أن ينَّصَب أميرًا على قومه، على مذهب العرب في الجاهلية ألا يسود القبيلة إلا رجلاً منها، وكان حكم الإسلام خلاف ذلك، فرأى عمر إبطاله بأغلظ ما يكون من القول وأشنعه، وكل شيء أبطلت فعله وسلبت قوته فقد قتلته وأمته، وكذلك قتلت الشراب إذا مزجته لتكسر شدته."، نقله ابن بطال في "شرح البخاري" (8/465-466).

وهناك قول بأن بن الخطاب في مقولته: "أقتلوا سعداً" كان مجرد دعاء عليه .. يعني دعاء موجه لله مش للحضور من الناس وقتها ..

قال الحافظ ابن حجر:
في قول عُمَرُ: اقْتُلُوهُ قَتَلَهُ اللَّهُ
نَعَمْ؛ لَمْ يُرِدْ عُمَرُ الْأَمْرَ بِقَتْلِهِ حَقِيقَةً.
وَأَمَّا قَوْلُهُ: قَتَلَهُ اللَّهُ؛ فَهُوَ دُعَاءٌ عَلَيْهِ.
وَعَلَى الْأَوَّلِ: هُوَ إِخْبَارٌ عَنْ إِهْمَالِهِ، وَالْإِعْرَاضِ عَنْهُ"؛ "فتح الباري" (7/32).

وقال العيني:
" قَوْله: قتلتم سعد بن عبَادَة قيل: مَا مَعْنَاهُ وَهُوَ كَانَ حَياً ؟ وَأجِيب: بِأَن هَذَا كِنَايَة عَن الْإِعْرَاض والخذلان والإحتساب فِي عدد الْقَتْلَى، لِأَن من أُبطل فعله وسُلب قوته فَهُوَ كالمقتول. قَوْله: فَقلت: قتل الله سعد بن عبَادَة. الْقَائِل هُوَ عمر، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، وَوجه قَوْله هَذَا إِمَّا إِخْبَار عَمَّا قدر الله عَن إهماله وَعدم صَيْرُورَته خَليفَة، وَإِمَّا دُعَاء صدر عَنهُ عَلَيْهِ فِي مُقَابلَة عدم نصرته للحق "؛ "عمدة القاري" (24/ 12) .
وينظر أيضاً؛ "عمدة القاري" (16/ 186)

وبالتالي؛ سمع الله لدعاء عمر صاحب الدعوة المستجابة، وأرسل لسعد جن يقوم باللازم ..

وقال الأَصْمَعِيُّ: " حَدَّثَنَا سَلَمَةُ بنُ بِلاَلٍ، عَنْ أَبِي رَجَاءَ قَالَ: قُتِلَ سَعْدُ بنُ عُبَادَةَ بِالشَّامِ، رَمَتْهُ الجِنُّ بِحوْرَانَ. "سير أعلام النبلاء" (3/ 171) .

وقال ابن الأثير رحمه الله:
" ولم يختلفوا أَنَّهُ وجد ميتًا عَلَى مغتسله، وقد اخضر جسده، ولم يشعروا بموته بالمدينة حتى سمعوا قائلًا يقول من بئر، ولا يرون أحدًا:
قتلنا سيد الخزرج سعد بْن عبادة
رميناه بسهمين فلم نخط فؤاده
وقيل: فلما سمع الغلمان ذلك ذعروا فحفظ ذلك اليوم فوجدوه اليوم الذي مات فيه سعد بالشام"؛ "أسد الغابة" (2/ 441).
وينظر : "الاستيعاب لإبن عبد البر" (2/ 599)، "تاريخ دمشق" (20/ 268).

ويؤكد ابن كثير في كتابه البداية والنهاية. 7. صفحة 40 نفس رواية قتل الجن لسعد بسهمين رشقوا في قلبه ..

طيب والجن يقتلوه ليه ؟
المشكلة - حسب الرواية - سعد هو إللي كان السبب فيها وهو إللي جَر شَكّل الجن ..
سعد في يوم كان مزنوق يفُك مايّة؛ كان عاوز يطرطر يعني، وجه جنب حيطه وطرطر وهو واقف، وهو بيطرطر وبيسّلي طرطرته؛ لقي شَق في الحيطه، وكعادة إللي بيطرطروا وقوفاً؛ راح منشن الطرطرة جُوّه الشرخ، ولسوء حظه وسواد يومه؛ إن جُوّه الشق (الشرخ) كان عايش مجموعة من الجن ..
الجن؛ جات له قَرْفَه مع عكننة، وقرروا ينتقموا من إللي طرطر عليهم ..
خرجوا من الشق وهُمّا مَعميين من بول الطرطرة وشافوا سعد مُتلَّبِس بالجريمة؛ فراحوا راشقين له سهمين في قلبه؛ فطب مات قبل ما ينتهي من طرطرته، وقالوا بيت شعر فصيح حصيف:
قَتَلْنَا سَيِّدَ الْخَزْرَجِ سَعْدَ بن عبادة
رميناه بسهمين فلم نخط فؤاده
(وروي الرواية الحاكم النيسابوري في المستدرك 3/283، وضعفها الذهبي، وانظر الخبر في تاريخ دمشق لابن عساكر 20/266، وسير أعلام النبلاء 1/277، والاستيعاب 1/180، وتهذيب الكمال 10/277، وأسد الغابة 1/434، وطبقات ابن سعد 3/617.)

وهناك من قال إن الجن وقت طرطرة سعد ما كانش معاهم أسهم أو وسيلة قتل مناسبة وما كانوش شايفين قدامهم؛ فأجلوا الموضوع للتشاور وقتلوه في يوم تاني وهو متكئ؛ زي ما قال ابن سعد في "الطبقات الكبرى" (7/ 274):
" أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ قَالَ: أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ قَالَ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ سِيرِينَ يُحَدِّثُ: أَنَّ سَعْدَ بْنَ عُبَادَةَ بَالَ قَائِمًا؛ فَلَمَّا رَجَعَ قَالَ لأَصْحَابِهِ: إِنِّي لأَجِدُ دَبِيبًا؛ فَمَاتَ؛ فَسَمِعُوا الْجِنَّ تَقُولُ:
وقال البيت الشعري إللي ذكرناه قبل كده (وإن كان إبن سيرين قال إنه كان سهم واحد مش إتنين وإتفق معاه إبن عساكر في تاريخه) ..
وقال ابن سيرين: بينما سعد يبول قائما إذ اتكأ فمات، قتلته الجن.
وفي تاريخ ابن عساكر عن إبن عون عن محمد أن سعد بال وهو قائم فمات فسمع قائلاً يقول "قتلنا سيد الخزرج سعد بن عبادة، ورميناه بسهم فلم يخط فؤاده".

يعني سعد وهو بيطرطر في الشق؛ سمع دبيب خارج من جُوّه الشق (هرج ومرج، وأكيد الجن كان موجوع من الطرطرة إللي جات في عينيه وقرفان منها) ..
ونلاحظ إن صوت الجن وهو بيعلن قتل سعد كان خارج من بئر مش من الشق إللي طرطر فيه سعد؛ يعني طفشوا من الشق إللي إتطرطر فيه وسكنوا في بئر ..

خلاصة الكلام:
إن كتب التراث إستغلت الذهنية المجتمعية في زمن إغتيال سعد بن عبادة وإزاحته من المشهد السياسي لصالح مستقبل مغتاليه السياسي، وصدّرت لهم ما يمكن لعقولهم أن يقبلوه في إغتيال الجن له ومعه صورة من العواقب الوخيمة للتبول في وضع الوقوف والذي نهت عنه الكتابات السنية لقول عائشة: "مَن حدّثكم أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يَبُول قائما فلا تصَدِّقوه ، ما كان يبول إلا قاعداً"؛ رواه الترمذي ( الطهارة/12) ..

ولا يخيل علي صاحب عقل قبول هذه الرواية والتي أنكرها الكثير من المفكرين ودارسي التاريخ المحدثين والمعاصرين ومنهم:
الدكتور طه حسين، كتاب في الشعر الجاهلي ص 8/23 و 9/23.
كتاب أشهر الأغتيالات السياسية في الإسلام/ خالد السعيد / ص16-19.
المفكر رفعت السعيد في الموسوعة. "المسلم بين الإيمان الحق.. والتأسلم (12).
المفكر الإسلامي الدكتور أحمد صبحي منصور في موسوعتة.
وغيرهم، وجمبعهم أجمع علي أن مقتل سعد كان تصفية وإغتيال سياسي.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فلاشلايت... ما الفرق بين المسرح والسينما والستاند أب؟


.. -بيروت اند بيوند- : مشروع تجاوز حدود لبنان في دعم الموسيقى ا




.. صباح العربية | الفنان السعودي سعود أحمد يكشف سر حبه للراحل ط


.. فيلم تسجيلي عن مجمع هاير مصر للصناعات الإلكترونية




.. جبهة الخلاص الوطني تصف الانتخابات الرئاسية بالمسرحية في تونس