الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المدونون: ورد الجناين اللي بيفتح في مصر

هويدا طه

2006 / 6 / 1
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان


لا شيء يسعدني- وقد زدت عامين فوق الأربعين- قدر تأمل وجوه المتظاهرين في مصر! هؤلاء الشباب.. كلما تأملت وجه متظاهر أو متظاهرة من المحتجين والهاتفين بسقوط نظام الذل في مصر.. كلما تأملت ملامح متظاهر أو متظاهرة من هؤلاء الذين تعتقلهم قوات الأمن.. وتسحلهم وتعذبهم وتغتصبهم في الشارع وفي أقسام الشرطة وفي المعتقلات.. وجدت شباباً أغلبهم تحت الثلاثين! هكذا إذن! هكذا يجب علينا نحن من تخطينا الأربعين أن نعتذر جهرا ودون مواربة.. عن غضبنا الذي كنا نسقطه بفوقية على (الجيل الجديد التافه)! يبدو أن المشكلة لم تكن في هذا الجيل وإنما كانت في.. إدراكنا نحن! كما قال أحد المعلقين في برنامج (المدونون.. معارضة جديدة) الذي بثته الجزيرة.. وهو برنامج جاء تكفيراً محموداً من الجزيرة عن (تحفظها) الذي طال تجاه الشأن المصري.. ولم يكن البرنامج يتطرق فقط لظاهرة المدونين الشباب.. بل من أعّداه هما أيضا شابان.. من نفس ذلك الجيل الذي نعتذر منه الآن عما لحق بنا من خلل الإدراك!
بالطبع كان المتظاهرون فرحا بإطلاق سراح المطرب الشاب المزور تامر حسني.. شباباً أيضاً! لكن ذلك شيئاً يبدو عادياً.. إذ بدا محدوداً أمام من يسحلون من الشباب كل يوم لاحتجاجهم على القمع والإذلال والخنوع! وحتى هؤلاء الذين ساندوا مطربهم الشاب الوسيم لم يخرجوا عن المألوف بالنظر إلى أعمارهم.. فكم أدهشنا (بل وأثار لدى الكثير منا الشعور بالاشمئزاز) ما شاهدناه من هوس الشباب في أوروبا وأمريكا أيام مساندتهم مايكل جاكسون في قضاياه المتعددة.. والتي لم تقتصر على التحرش جنسيا بالأطفال! وبطبيعة الأمور لا يتعرض المهووسون بالمطربين لأذى الشرطة.. خاصة في مصر! فشرطة مصر ترحب بكل شاب يتظاهر لمساندة مطرب أو للمطالبة بحقوق الأفغان أو التيموريين! لكنها لا تسامح ولا تغفر للشاب المصري أن يتظاهر لأجل حقوقه! لذلك لم يوضع شباب تامر حسني على محك اختبار السحل والاغتصاب والضرب الوحشي حتى نتأكد من قدرتهم على الاستمرار!.. بينما الشباب الذي يحتج على الإذلال يختبر كل يوم على الطرقات.. فيزيد عناداً وعددا!
المدونون أصحاب المواقع المتمردة على الإنترنت الذين تعرّض لهم البرنامج بحرفية مهنية شابة.. جميعهم من الشباب.. جميعهم غاضبون من تردي مصر وانحطاطها في العقدين الأخيرين على يد عائلة مبارك وحاشيتها الفاسدة من (لصوص الأعمال)! جميعهم كذلك نزلوا إلى الشارع وجميعهم حالمون! والحلم مبدأ التغيير على كل حال، لكن نحن أيضا كنا نحلم.. فلماذا هزمنا عندما نزلنا إلى الشارع في الثمانينيات؟! آه.. كانت الأمور حينها مختلفة! ربما كان حلمنا خائفاً.. لم يكن جسورا! وكان أساتذتنا لا يتحمسون كثيرا لانطلاقنا.. ظلوا- رؤساءً كانوا لتلك الأحزاب الميتة أو كتاباً أو مفكرين- يعتبروننا (شوية عيال)! هل غاروا من شبابنا حينها فدفنوه حيا؟! أم جّبنا نحن.. فانزوينا بين دفاف الكتب التي تحكي عن نضال الآخرين؟! حتى جاءت اللحظة التي رفعنا أعيننا عن كتبنا فجأة.. لنشاهد شباباً آخر من جيلٍ آخر يتمرد علينا وعلى أساتذتنا وعلى أساتذته؟! أتذكر د. رفعت السعيد حين وصف إقلاع حركة كفاية منذ عامين بأنها (لعب عيال)! هناك جيل من بقايا الحرب العالمية الثانية (وبعضهم من الحرب الأولى!) ما زال يظن أنه الأولى بالنضال وإن من فراشهم في منازلهم!.. حتى لو شاخ روحاً وجسداً وقلباً وفكراً وجسارة! هذا الجيل خذل شبابنا في الثمانينات ويريد أن يطل برأسه الشائخ الآن أيضا.. ليكسر جسارة الشباب المنطلق في أرجاء مصر يحررها.. فيما لم تفلح عشرينات وثلاثينات أعمارنا نحن في تحرير شبر منها حتى! على إذاعة بي بي سي التي لا نسمعها إلا في السيارات.. كانت وفاء غالي تجري حواراً مع هاني عنان أحد منسقي حركة كفاية.. والذي يتراوح عمره بين أواخر الأربعين وأوائل الخمسين.. وأحد شباب السبعينات الذي كان يتجمع في الميادين احتجاجا على بشائر الانهزام الساداتي.. قال لها إنه وزملاءه في حركة كفاية مجرد منسقين.. بينما كل الإبداعات التي تظهر على طرقات القاهرة الآن هي لهؤلاء الشباب، ألهذا يعتقد معظمنا أن (المرة دي مختلفة)؟! المرة دي مختلفة لأن الينابيع تتفجر في مصر ويتفتح فيها "ورد الجناين" على الطرقات.. رغم أنف كل العواجيز في الحكم وفي المعارضة على حدٍ سواء، ألهذا نسعد بقصيدة نجم:"رجعوا التلامذة يا عم حمزة.. رجعوا التلامذة ورد الجناين.. اسمع يا ميلص وشوف وعاين.. ملعون أبوك.. ابن كلب خاين"؟!
** ريموت كنترول:
في برنامج الحقيقة الذي يقدمه الصحفي المتألق وائل الأبراشي على قناة دريم.. كان الضيوف اثنين من رجال نظام مبارك أمام القاضي الجميل المستشار أشرف البارودي، كان القاضي مهذبا ومتحضرا في كلامه وحتى في هجومه الشديد على ما يفعله الأمن بالشباب المتظاهرين.. بينما رجلا مبارك كانا يبدوان وكأنهما دخلا إلى مائدة الحوار وليس بيدهما إلا سلاح واحد مبّيت.. هو المقاطعة و(اللغوشة) على القاضي دفاعا عن مبارك ونظامه وشرطته.. دفاع متحمس إلى حد أنه (يتهيك واللي فيه يجيبه فيك)! كمشاهد.. تضيق ذرعا بهذا (اللاحوار) رغم محاولات الأبراشي إدارته بطريقة تسمح لكل الأطراف بالكلام.. تجد نفسك لا يمكنك سماع جملة كاملة للقاضي المتحضر.. لا يمكنك استكمال تلقي فكرته.. لا يمكنك إلا أن.. تبتعد عن التليفزيون.. لاعناً كل موظف لدى الباب العالي.. وضع أسياده على رأسه.. قرنين!










التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. السنوار ونتنياهو يعيقان سياسات بايدن الخارجية قبيل مناظرة ان


.. خامنئي يضع قيودا على تصريحات مرشحي الرئاسة




.. يقودها سموتريتش.. خطط إسرائيلية للسيطرة الدائمة على الضفة ال


.. قوات الاحتلال تنسحب من حي الجابريات في جنين بعد مواجهات مسلح




.. المدير العام للصحة في محافظة غزة يعلن توقف محطة الأوكسجين ال