الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ترقيع بترقيع

رولا حسينات
(Rula Hessinat)

2020 / 1 / 21
كتابات ساخرة


"لم أعرف أن الموت سهل للغاية...خدرة في الجسد، وغشاوة فوق العينين، عقدة في اللسان، والتهاب مزمن في المفاصل...ونيمة طويلة...هادئة...تتبعها شهقة ثم انتفاضة ثم يسود السكون بعينين جاحظتين وينتهي كل شيء في غرفة سوداء ...الدقائق الخمسة عشر التي سبقت كل هذا جعلتني اصمت صمتاً طويلاً، وأنا أقرأ المعوذات فوق رأس أبي، ثم قشعريرة رجف لها جسدي حتى كدت أبتلع جوفي...الهذيان والخوف والحزن والألم كلها عصابة تحالفت عليّ وأحكمت قبضتها فلا أطيق ما أنا فيه وليس فيّ قوة تنتشلني منه. "
بالكاد انتشلت نفسي من أزمة يوم القيامة وعلامات الساعة التي أدارت ابنتي رحاها فوق رأسي ذلك النهار الذي كان بعد المسلماني واشاعة الحرب العالمية الثالثة وإلى أين الفرار، لم يكن في بالي حينها سوى أن أنهي إعداد طعام الغداء وأنا أردد: لا عليك، تمثيلة وسرعان ما ستنتهي.
وهي تردد بتصميم مجنون: بل سننتهي وأنت لا تأبهين كعادتك.
الغريب في الأمر أنني أهتم لكل دقائق الأمور وتفاصيلها غير أني أحجمها فلا آبه لما يقال ولما يشاع من توافه الأمور، ما كنت مقتنعة به دون أن أكون محللة في الشأن الإيراني أو الأمريكي، أنها مجرد تمثيلية وتمثيلية تستهزأ بمشاعر الآخرين ويدفع ثمنها الكثيرون ممن قدموا لتلك الأنظمة ملفات من دماء على طبق من ذهب.
الهيجان الذي حدث كان يحتاج إلى فنجان من القهوة المحلاة بربع ملعقة من السكر بتأن تدور الملعقة في قلب الفنجان فتعلق مع المياه البنية الداكنة بعضًا من رواسب الحثل التي التزمت القاع، ولعل قارئة الفنجان لا تهوى سوى أن تدير الحثل في الفنجان ثم تقلبه لتبدأ قراءة جدلية لفهم رموز وأشكال تارة على شكل جمل وأخرى على شكل ساعة وجميلة جالسة وطاولة مستديرة وطريق طويل طويل وغيرها من الأشكال التي تظهر علانية ولكن بتأويلات تحتكم إلى عين خبير، غير أن الواقع لا يحتاج لتلك الخبرة ولا لتلك العين ليُفسر فالسيناريوهات التي تقتات بنار بقائها على الاتجار بالبشر والمال تآويلها سهلة وواضحة.
"المنقوع الذي كانت تصنعه لم يكن أحد يعرف سره، لقد كانت وصفة ألقى بها إليها ذلك الجني عندما تراءى إليها في المنام، لقد أخبرها ألا تخاف منه، وأنّه سيساعدها في أن يكون لها الأمر كله، وأنَّ أيام الفقر ستنتهي، ما عليها سوى أن تفعل ما يخبرها به، فقط دون زيادة أو نقصان..."
لكن واقعنا اليومي ليس به وصفة أو ربما تكون؟ لكن أيهتم أولئك الجالسون في القاعات الرخامية وفي ظلة الشموع بعمل وصفة لنا أو سحر ما كي يسيروننا بصمت دون أن نهمس وإن فعلنا سرعان ما ابتلعنا ألسنتنا مستغفرين.
فلا وصفة ولا جني ولا يحزنون.
كما أصبحنا نفهم ذلك وبصورة أكثر وضوحًا فقد كنا في الماضي نعتقد أن الخطأ فينا نحن وأن ما يفعله أصحاب القرار أينما كانوا صحيح، فهم لا يخطئون ربما يمكن أن نعزي ذلك وفقًا للنظام الأبوي الذي تتلمذنا عليه، فعرفنا أن المطب ضرورة وأن الحفر التي نلعب معها بالطرقات لعبة ماريو، وهي تكاد تلتزق بالعجل عيبًا في استخدامنا للطريق، كما هي الصناعة الصينية بالضبط لولا أننا نستخدم القوة معها لكانت ديمومتها.
فأصبحت ثقافة الترقيع هي الثقافة السائدة وهي بالمناسبة ثقافة ممتدة؛ فقد ظهرت اللحف المرقعة بألوان شتى، وأصبحت الغيارات الداخلية الموصولة من أكياس القمح الأمريكية موضة ذات يوم، والأمر نفسه في كل حياتنا ، ببساطة ثقافة متجذرة وهي التي تجعلنا نستنجد بالمسؤول على اعتباره سبيل النجاة، وهي نفسها التي جعلتنا نقبل باستهزائه وتحديه وأن نتمثل به ونحلف بحياته...
بالمختصر حياة الترقيع هي الحياة التي لن تسمح لنا بالاستمرار في جلد المسؤول ومطالبته بالتصحيح لأنه بأي حركة يتحركها أو قولة يقولها تجعلنا نراها الأفضل والحل الأمثل لأنها ترقيع بترقيع.
لكن هل يا ترة هناك علاقة تجمع بين الدهلزة والترقيع؟
ربما ومن يبالي؟
فالسياسة دهلزة والشعب كله برقع ترقيع...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مليون و600 ألف جنيه يحققها فيلم السرب فى اول يوم عرض


.. أفقد السقا السمع 3 أيام.. أخطر مشهد فى فيلم السرب




.. في ذكرى رحيله.. أهم أعمال الفنان الراحل وائل نور رحمة الله ع


.. كل الزوايا - الفنان يحيى الفخراني يقترح تدريس القانون كمادة




.. فلاشلايت... ما الفرق بين المسرح والسينما والستاند أب؟