الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لماذا تراجعت أميركا عن دعمها لتحالف الحزب الحاكم مع اليسار لاقصاء حركة النهضة؟

الأسعد بنرحومة

2020 / 1 / 21
مواضيع وابحاث سياسية


استلم عملاء امريكا الحكم في تونس منذ 1987 . فالكوادر العليا للحزب الحاكم " التجمع الدستوري الديمقراطي " سارت مع امريكا سياسيا واقتصاديا منذ اليوم الذي وصل فيه الرئيس الأسبق زين العابدين بن علي للحكم بعد انقلاب على بورقيبة حينها ، ولكنها ظلت تمانع في السيرمعها من حيث التعاطي مع الناحية الفكرية في المجتمع ومع الشعائر الدينية الفردية لعامة الناس خاصة مع وجود قاعدة عريضة من الشعب تحتضن الحركة الاسلامية في تونس منذ سبعينات القرن الماضي وأبرزها حركة الاتجاه الاسلامي التي تحوّلت لحركة النهضة فيما بعد .
وقد حاولت امريكا ادماج حركة النهضة بقيادة راشد الغنوشي من خلال صفقة سياسية عقدها قادتها عام 1984 مع عميل امريكا "محمد مزالي" رئيس وزراء تونس انذاك ، واحمد المستيري زعيم حركة الديمقراطيين الاشتراكيين واحد عملاء امريكا في المعارضة .ثم بعدها تواصلت اللقاءات والزيارات بين عدد من قياديي الحركة وبين الأمريكان ، كما تعدّدت زياراتهم الى مقرّ السفارة الأمريكية بتونس. الا ان سيطرة التيار في الحزب الحاكم الذي كان يسمى سابقا الحزب الاشتراكي الدستوري ثم تحول اسمه عام 1988 الى التجمع الدستوري الديمقراطي حال دون تطور هذا الادماج. ودخلت البلاد في حالة من الصراع على السلطة بين اجنحة الحكم ومراكز القرار داخل القصر الجمهوري.
وخوفا من وصول الاسلاميين الى الحكم لم يجد التيار الاستئصالي في الحزب الحاكم بدا من السير مع امريكا وخدمة مصالحها في تونس اذا اراد البقاء في الحكم مقابل تخليها عن دعم حركة النهضة.ولقد كان الانقلاب الابيض الذى قاده زين العابدين بن علي ضد الحبيب بورقيبة في 7 نوفمبر/تشرين ثاني عام 1987 هو عبارة عن صفقة سياسية عقدها التيار الاستئصالي مع امريكا لقطع الطريق على اعدائهم من الاسلاميين وعلى منافيسيهم من التيار التصالحي الذى كانت تعول عليه امريكا منذ البداية داخل الحزب الحاكم.
ولكن وبعد مدّة من حكم الرئيس الأسبق بن علي ، وحتى فترة التسعينات اتّضح للأمريكان أنّ الرئيس بن علي يتلكّؤ في تنفيذ الوعود الاصلاحية التي قدّمها لهم وخاصة منها فيما يتعلق بالدّيمقراطية والاصلاح السياسي الى جانب مشروع العفو العام والتصالح مع الاسلاميين، لذلك عمل على دعم التوافق الذي حصل بين حركة النهضة من جهة ، وبين مجموعة من التيارات السياسية الأخرى المحسوبة على الحداثة واليسار والذي عرف بهيئة 18 أكتوبر للحقوق والحريات وهي إطار عمل سياسي شكلته في 24 ديسمبر2005.
هذا التوافق كان الانطلاقة الحقيقية والفعلية لمرحلة كاملة امتدت على مدى خمس سنوات جمعت بين الحراك الشعبي في تونس واحتضانه من الاتحاد العام للشغل ومنه أحداث الحوض المنجمي، وبين موجة من الاحتجاجات والدعوات للتظاهر عبر مواقع الاتصال الاجتماعي ، وبين الحماية الأمريكية لهذا المسار ضدّ حكم بن علي سواء من خلال انفاق المليارات على دعم هذا الحراك او من خلال التدريب أو الضغط على الرئيس الأسبق بن علي . وهذا الحراك بكلّ تفرعاته أنتج دفع الرئيس بن علي لمغادرة البلاد في جانفي 2014 وانهيار حزب التجمع ، وميلاد مرحلة سياسية جديدة قوامها التحالف بين حركة النهضة وجزء كبير من العائلة الحداثية والوسطية لحكم البلاد باسم التوافق.
وما ظهر جليا أنّ الادارة الأمريكية كما أنها لم تتخلّ عن حركة النهضة ، هي أيضا لم تتخلّ على التيار اليساري في تونس ، ولكن فرضت علهم تنازلات مشتركة من أجل التحالف والتوافق في الحكم ، الأمر الذي يسهّل كثيرا خدمة الأهداف الأمريكية ، ليس في تونس وحدها ، بل في كامل المنطقة.

ا

الحكم ليس حكرا على جهة واحدة أو طيفا سياسيا بعينه ، لأنّ الفشل هو النتيجة الحتمية لكل محاولة للاستفراد بالحكم واقصاء الآخر . والتعاون والمشاركة مع التداول السلمي عليه هو طبيعة كل حكم ناجح. وهذا التعاون والتشارك يجب أن يكون منبثقا من ارادة ذاتية داخلية آمن بها جميع الأطراف . ولكن ماهو مرفوض قطعا أن يكون أي توافق او مشاركة في الحكم هو فقط استجابة لشروط قوى خارجية وخضوعا لاملاءاتها كما هو في الحالة التونسية اليوم .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ريبورتاج: مزارعون في الهند مصممون على إلحاق الهزيمة بالحزب ا


.. السباق إلى البيت الأبيض: حظوظ ترامب | #الظهيرة




.. ماهو التوسع الذي تتطلع إليه إسرائيل حالياً؟ وهل يتخطى حدود ا


.. ترامب: لم يتعرض أي مرشح للرئاسة لما أواجهه الآن | #الظهيرة




.. -كهرباء أوكرانيا- في مرمى روسيا.. هجوم ضخم بالصواريخ | #الظه