الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الخطاب العولمي والموقف الثقافي العربي واعادة رسم الدلالات السلبية

جاسم الصغير

2006 / 6 / 1
العولمة وتطورات العالم المعاصر


في حياتنا الثقافية ثمة كثير من الخطابات التي تعبر عن منظومات فكرية وثقافية بعضها فاعل والبعض الآخر ليس بذات الفاعلية ، ومن هذه الخطابات الخطاب العولمي الذي انتشر انتشاراً كبيراً في عالمنا السياسي والثقافي والذي هو أحد تجليات فكر ما بعد الحداثة وما تبشر به من انفتاح على الرأي الآخر والحرية وحقوق الإنسان من غير حدود للجميع ونسبية المعرفة كرد فعل على الوصاية الأيديولوجية الشمولية التي سادت في الحقب الماضية إبان عهد الحداثة الذي أله العقل بشكل جنوني وما أنتجه هذا العقل من إفرازات مدمرة كالحروب العالمية وما جلبته من أسلحة فتاكة فتكت بالبشر لذلك فجاءت مرحلة ما بعد الحداثة والتي وضعت العقل البشري في مكانه الطبيعي من جديد وبشرت بقيم جديدة معتدلة تفيد رسم آفاق الحياة من جديد وتعيد السلام الاجتماعي للعالم وكتجليات ذلك وظهر لنا الخطاب العولمي الذي يبشر خطابه بأن العالم قد أصبح قرية صغيرة وأن العالم وحدة واحدة وأن الاختلافات الثقافية لا تقف حائلاً بين التفاعل والتواصل بين أبناء هذا العالم يقول احد المفكرين ان الخطاب العولمي يبشر بامكانية التحرر من الولاء لثقافة ضيقة ومتعصبة الى ثقافة عالمية واحدة يتساوى فيها الناس وامم جميعا تحرر من التعصب لايديولوجيا معينة الى الانفتاح على مختلف الافكار من دوم اي تعصب وتشنج تحرر من صور اللاعقلانية من التحيز المسبق لامة او دين او ايديولوجيا بعينها الى عقلانية العلم وحيادية التقانة وقد يكون هو الوجه الجميل أو السار للخطاب ولكن على حد تعبير المفكر الماركسي والبنيوي الفرنسي التوسير بأن ليس هناك ثمة خطاب برئ بل هو دائما محمل ومنفعل بغايات ومصالح وبقدر ما يخبرنا العامل المعرفي بأن ليس كل ما يقال هو ما يعكس البنية الحقيقية للخطاب أو الظاهرة وأن دائماً هناك المسكوت عنه بين جنبات هذا الخطاب بالرغم من أن العولمة هي أحد تجليات ثقافة ما بعد الحداثة وما تنتجه هذه الثقافة من الانفتاح على الثقافات الفرعية . في هذا العالم تأخذ الحقائق السوسيولوجية التي لا يمكن نكرانها نرى أن خطاب العولمي نراه يعترف بهذه الثقافات ويقر بوجودها ولكن من باب الاستحواذ والاستيعاب وجعلها أحد مديات حركته وبالتالي تحت الضبط الإيقاعي ، ويمكن لنا أن نعد تسميات مثل دول الشمال ودول الجنوب وأبرز آثار هذا الخطاب حيث دول الشمال المترفة ودول الجنوب الغارقة في البؤس والحرمان فأية قرية صغيرة يتكلم عنها هذا الخطاب . إننا نرى أن الخطاب العولمي قد أثمرت عن حقائق ما بعد الحداثة عندما وقف بالتضاد من سماتها وأهدافها تبشير بالحرية والتعددية الثقافية والفكرية بل نراها أي الخطاب العولمي امتداد لمرحلة الحداثة ذاتها من تحكم غربي بالشرق المستلب الذين جابوا له في فترة المد الاستعماري في الماضي تحديث ولم يجلبوا له حداثة تغير البنية العقلية له وهذا ما يراه مفكرون غربيون كثر ومنهم المفكر الأمريكي الجنسية نعوم جومسكي الذي عرى الخطاب في كثير من مقالاته ودوافعه الحقيقية إننا هنا لا ننطلق من موقف حكومي تجاه هذه الظاهرة وخطابها أو من أجواء تأثيرات العقلية التآمرية وأننا مستهدفين دائماً من عدو خارجي بل ننطلق في خطابنا هذا من دوافع عديدة وأهمها أن يكون الخطاب معبراً حقيقياً عن حالة من التفاعل الحضاري وتعزز التواصل الثقافي والسياسي والاجتماعي وكما عبر يوماً المفكر العربي السيد ياسين أنه علينا أن ننطلق من التفاعل مع السمات الإيجابية للعولمة وأن لا نرفقها بالكل لأننا بفعلتنا هذه نبدو كالنعامة التي تدفن رأسها بالرمال وتحاول خداع ذاتها بأن الخطر قد زال مع العلم أن جسدها بالكامل مكشوف ومعرض للخطر والدافع الآخر يتعلق بنا من رؤية نقدية تتعلق بذواتنا ومقدار التقصير الذي نتحمله كوننا لم نمارس عملية التفاعل مع الآخر ما يكفي وتركنا الآخر يصوغنا كما يريد أو كما هو عرفنا ، تقول الأستاذة سلمى الخضر الحبيوسي أستاذة ألأدب لعربي في الولايات المتحدة الأمريكية في بحث معنون عطاء المثقف العربي في الإبداع الأدبي نشر ضمن إصدارات دراسات الوحدة العربية ما نصه (أن الغرب يعرفنا ولا يعرفنا أنه يعرف من أين يقاربنا وكيف يخاطبنا لغاياته ويعرف بالضبط من يخاطب ومن يستثني أنه هو وأصدقائه المتحالفين معه لم يتخلص بعد من إرادة الهيمنة ولو أن إرادته هذه تخفت ولجأت إلى المداراة والمداورة غير أن الغرب في وجهه الرسمي لا يعرفنا على حقيقتنا الإنسانية وحقيقة حياتنا ومن هنا يشكل دور الإبداع العربي مجالاً رئيسياً شديد الأهمية لنشر حقيقة حياتنا وأننا في تصميمنا على نقل هذا الإبداع العربي أننا نعلن حرباً ضد تشييئنا وتعليبنا في أطر مرسومة ودراستنا خارج إنسانيتنا ومعاناتنا وخارج التاريخ أبداً) ويذكر المفكر العربي إدوارد سعيد الذي يعيش في الولايات المتحدة الأمريكية منذ زمن طويل أن الغرب يعرفنا بأدواته وثقافته هو وليس بأدواتنا وأنه عندما يحلل ظاهرة عربية أو سياسية يحيلها إلى دالة ومدلولة في لغته وثقافته وبالتالي يخرج بانطباع غير سليم عنها وابرز مثال على ذلك عندما يلجأ مفكروه إلى توجيه مفردة و مفهوم (إسلام) يترجمونها بالاستسلام كما في لغتهم ومن ثم بين بين انطباع أن العرب وانطلاقاً من دينهم الاستسلامي هم قوم يتسمون بالكسل والضمور وهكذا يتعزز هذا الانطباع في أذهان الشعوب الغربية فانظروا أيها الأخوة إلى الآثار السيئة للتثقيف المضاد ومن هنا ندعو إلى أن يتحمل أبناء الثقافة العربية دورهم الجاد والنشط في التعريف بثقافتنا وسماتنا وأننا شعوب ومجتمعات نشترك معهم في خصال إنسانية عديدة وساهمنا يوماً في نشر الثقافة الإنسانية والمنجزات الحضارية في العالم أجمع وأننا لسنا رافضين لمنجزات الفكر الغربي بل رافضين لجانب السييء والسلبي منها فقط وكما يقول الأستاذ محمد وقيدي أن التفاعل الإيجابي مع الاخر الذي يهدف إلى المساهمة هو الذي سيسمح لنا كثقافة بأن نأخذ في العالم المعاصر الموقع الذي نتصوره أننا نستحقه .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. باريس سان جرمان يأمل بتخطي دورتموند ومبابي يحلم بـ-وداع- مثا


.. غزة.. حركة حماس توافق على مقترح مصري قطري لوقف إطلاق النار




.. لوموند: -الأصوات المتضامنة مع غزة مكممة في مصر- • فرانس 24 /


.. الجيش الإسرائيلي يدعو إلى إخلاء -فوري- لأحياء شرق رفح.. ما ر




.. فرنسا - الصين: ما الذي تنتظره باريس من شي جينبينغ؟