الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تبعية عمياء

دارا محمد حصري

2020 / 1 / 22
مواضيع وابحاث سياسية


التبعية العمياء.

إنّ أخطر أنواع التبعية على مجتمع ما أو فئة هي التبعية الفكرية، هنا نقصد أن يتبع الإنسان فكر شخص أو ايدلوجية معينة ويجعل من ذلك نهجاً يتّبعه في حياته اليومية أو حتى ربط مصيره بما تنص عليه لبنات أفكار المتبوع.

نستطيع أن نقول بأن هذا الأمر هو مرض عُضال يصيب الإنسان فيتحول لمجرد تابع لا رأي له وبل ينفذ ما يُطلب منه حتى لو كان الأمر واضحاً ويصرخ بجهارة أنه خطأ، فلا يكلّف التابع عقله عناء قياس الأمر منطقياً ولا يُخضع الفكرة حتى للقسم المسؤول في العقل.

يمكن تلخيص ذلك بالجملة المتعارف عليها "ثقافة القطيع" فليس من المهم معرفة الوجهة المقصودة، ولا سُبل الوصول وكذلك لا يفكر المُسيَّر ما مصيره.

تعتمد التنظيمات الإرهابية المسلحة على أستخدام اسلوب التبعية الثقافية على مختلف توجهاتها "دينية، عقائدية، ايدلوجية......... الخ".
البحث عن البيئة المناسبة للعمل هو الهدف الأول، وعادة ماتكون البيئة في صفوف المدنيين الذين لم يرتادو مدارساً ذات مناهج عملية وعلمية، اي طبقة الأميين الذين عادة مايكونون على سجيتهم الأساسية ويمكن بجهود بسيطة إثارة عواطفهم وتجنيدهم لصالح الفكرة التي يتم الترويج لها.

بمجرد التأسيس (خلق قاعدة) من الفئة السابقة يتم الأنتقال للمرحلة التالية وهي الفئة التي تمتلك العلم، هذه القفزة هي الأخطر وهي مصيرية بنفس الوقت للمرّوج، ومع وجود الأساس الذي هو مستعد لتنفيذ أي شيء يُطلب منه تصبح الأمور أسهل، فمن يرفض التبعية من الفئة الجديدة يتم أتّباع أسلوب التنظيم الأساسي (الإرهاب) ومن لا يرتدع ويدخل بخدمة مسار التنظيم "الحزب" يمكن وعن طريق القاعدة الأساسية "محيط أصحاب الأقلام" تعريضه لشتى انواع المضايقات وصولاً لتقزيمه وإهانته وإفساح المجال له كي يهاجر خارج المملكة الأرهابية المنشودة.

الحلول لا تقتصر على ماسبق، فهناك وسائل أخرى يمكن من خلالها إخضاع ممتلكي العلم وهو الأسلوب القديم المتجدد عبر الأزمان ويمكن إيضاحها بشعراء البلاط "المال السياسي" و كثيراً ماينجرّ أصحاب العلم وهنا لا نقصد فقط المعلمين والكتّاب والمثقفين بل يمتد الأمر ليصل رجال الدين وعن طريقهم أيضاً تصبح التنظيمات أكثر تشعباً وتدخل مراحلها الأنتعاشية "يمكن أن يؤيد رجل دين حزباً ماركسيا أو علمانياً"

وبضخ الأموال وترسيخ الإعلام للترويج لهم عبر المذكورين يتم جرّ و أستهداف أكبر شريحة من الشعب، ويقع الآلاف ضحية ما سبق. فالقلم المأجور سمّه ينتشر كالنار في الهشيم، تتحول الحالة لفكر ومنهج حياة تدريجيا وهنا نكون قد وصلنا لخط عدم العودة.

أعتمدت التنظيمات الأيدلوجية و الدينية على هذا المبدأ في تأسيسها، ولعل أقرب الأمثلة هو : تنظيم القاعدة والذي تحول لجبهة النصرة بشكلها المتطور، حزب العمال الكُردستاني والذي هو ذاته أتّبع هذه السلسة واليوم هو يمتلك ماكينة إعلامية قوية وبتكرار الأكاذيب يرددها الناس حتى هؤلاء غير المؤيدين له. نحن لا إرادياً نكرر ما تبثه هذه التنظيمات التي تمتلك إمكانيات تضاهي ميزانية دول بأكملها.

الدعم المُقدم لهكذا جماعات لا يأتي من فراغ حتماً، بل لتقديم خدمات للجهة الداعمة وغالباً الضحية هم الفئة الأولى المنتمية لهم، فيأخذون أولادهم ومقدراتهم ويرمونهم في الهاوية مراراً وتكراراً دونما التعرج أنهم يمكن أن يكتشفو هذه الأكاذيب، فالتبعية المزروعة لا تقبل الأهتزاز ولا محاولة الصحوة.

ولعل المثال الأقرب هو ما فعله هذا الحزب بالكورد منذ أربعين عام ولليوم لا شيء تغيّر، ولن يتغير إلا وفق آليات مدروسة ووفق مخططات علمية تبدأ في إصلاح ماتم إتلافه من الصفر، وكما يظهر فإن لا أحد يرغب في تحمّل مسؤولية ذلك كما هو الحال مع عناصر تنظيم داعش الإرهابي.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. صفقة الاتحاد الأوروبي مع لبنان..ما خلفياتها؟| المسائية


.. بايدن يشدد على إرساء -النظام- في مواجهة الاحتجاجات الجامعية




.. أمريكا.. طلاب يجتمعون أمام منزل رئيسة جامعة كولومبيا نعمت شف


.. الجيش الإسرائيلي: 12 عسكريا أصيبوا في قطاع غزة خلال الساعات




.. الخارجية الأمريكية: هناك مقترح على الطاولة وعلى حماس قبوله ل