الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


اليهودية الحسناء

علي أحماد

2020 / 1 / 22
الادب والفن


صباحا اعترضت طريق سيارة بيك – آب تمر جنب الأقسام ، فلا سور يحيط بالمدرسة لذلك أضحت ممرا للدواب والبشر وسهل انتهاك حرمتها ... سألت السائق :
أتريد الذهاب إلى تازناخت ؟
أجابني:
الآن لا . انتظرني سأمر من هنا حوالي الثانية بعد الزوال .
لابد من الذهاب إلى تازناخت لأبتاع ما أحتاج إليه في هذا الخلاء ، أرتب أموري وأستقر بمكان اخترته أو قدر لي أن أعيش به.. فالقدر والاختيار أمران متشابكان.. عند الثالثة والنصف زوالا وقت الاستراحة هيأت الشاي وأرسلت كأسين لمفضل وزوجته التي توجد بالقسم رفقته هروبا من الملل ، الروتين والوحدة القاتلة وقد شكلت اللغة حاجزا بينها والتكيف مع نساء القرية وهي التي ترعرعت بالدار البيضاء ولا تعرف من الأمازيغية حرفا !
حوالي الرابعة بعد الزوال توقفت السيارة وصعدت إليها . السائق ( حسن بوراس ) يريد تازناخت ليملأ براميل بالمازوت لمنجم صغير للميكا قرب فرعية تازولط..على الطريق المتربة التقينا سيارة أجرة من نوع مرسيدس . أشار سائقها علينا بالوقوف . نزل حسن من السيارة ووضعت رجلا على الحصار وأخرى على لامبرياج كما طلب مني حتى لا يتوقف المحرك.. داخل السيارة أرى فتاة جسدها يشتعل فتنة .. جمالا ساحرا قلما رأته العين في أثواب قشيبة و شفافة تظهر تضاريس و مفاتن الجسد . بقيت أتأمل ذلك الوجه الملائكي وأرجو أن يستمر الحديث لعلي أسترق متعة زائلة ، متعة النظر إلى الجمال يتجسد في مخلوق من لحم ودم . سبحان من صور وأبدع ! ألم يكن يوسف جميل الله يهوديا من بني إسرائيل والذي ابتليت به سيدة مصر زليخة وقطعت نسوة لمنها على شغفها بفتاها أيديهن لما أمرته بالخروج عليهن ...
تحركت السيارة وبقيت فاغرا فمي في شبه غيبوبة وشعرت أن قطعة مني تسافر ووخزا ينغرس في القلب كجرح نصل سكين .وقلت حاشا أن تكون الفتاة العبرانية من صنف البشر .. عاد السائق وطلب مني أن أدون على ورقة هذا الإسم مارسيانو .
اسأله:
من هم هؤلاء؟
يجيب:
هؤلاء يهود جاؤوا من الدار البيضاء لزيارة قبور أجدادهم بتامعروفت . ومارسيانو واحد منهم يريد أن أقله الى ضريح سيدي بوعيسى . الولي سيدي بوعيسى الذي يصفه اليهود بكونه أحد أبناء الملك سليمان لأنه يحكى أنه سخر لخدمته قبائل عدة من الجن . مدفن سيدي بوعيسى دوار تكوروط بجماعة أكادير ملول بتارودانت . ينفرد هذا الضريح بكون زواره يتشكلون من المسلمين واليهود ، غير أن للمسلمين من الزوار حق الدخول إلى قبة الضريح فيما تكتفي الطائفة اليهودية بإقامة شعائرها بالفضاء المحاذي له ، وهو تقليد قديم دأب عليه مريدو الضريح من كلا الديانتين.
إنهم يدفعون الأجر بسخاء . السنة الفارطة انطلقنا في رحلة دامت شهر الصيام. نتوقف لآخذ فطور المغرب . كل شيء على نفقتهم ) الأكل ، الشرب ، المبيت ، البنزين و الأجرة ( . صمت.. عدت إلى التفكير بالحسناء اليهودية التي أنار جمالها الديجور الذي تسبح فيه المنطقة ..على بعد عدة أمتار تعترض طريق السيارة امرأتان ورجل.. صعدت السيدتان . بدأ السائق يعيرها بلونهما الفاحم في دعابة جارحة دون أن يبدو عليهما أي ضيق أو تأفف .. وهذا ديدن الأهالي مع السود . علاقة صدام عنصري مبطن يطفو على السطح أحيانا ولو على شكل مزاح جارح .
يطلقون على الأسود هنا إسم ( أسوقي ) ولا أدري إن دل على معنى السوقي في لسان العرب وطاله التحريف . نزلتا . ألحتا علينا لنشرب القهوة بمنزلهن . اعتذرنا بأدب جم ..
قال حسن :
إن المرأة الصغرى مومس .
توقفنا قرب محطة البنزين القديمة بتازناخت . حددنا مكان وزمان الانطلاق/ العودة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الفلسطينيين بيستعملوا المياه خمس مرات ! فيلم حقيقي -إعادة تد


.. تفتح الشباك ترجع 100 سنة لورا?? فيلم قرابين من مشروع رشيد مش




.. 22 فيلم من داخل غزة?? بالفن رشيد مشهراوي وصل الصوت??


.. فيلم كارتون لأطفال غزة معجزة صنعت تحت القصف??




.. فنانة تشكيلية فلسطينية قصفولها المرسم??