الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ليبيا في عين العاصفة

عبدالعزيز الوكاع

2020 / 1 / 23
مواضيع وابحاث سياسية


تحول اهتمام الدول الفاعلة نحو الملف الليبي في الاونه الاخيرة بعد أن كاد الجنرال خليفة حفتر قائد الجيش الليبي الوطني أن يحسم الصراع في غفلة من العالم على أثر التقدم العسكري الكبير الذي حققه في الزحف نحو طرابلس العاصمة .
هذا التحول في مجرى الصراع لفت انتباه الدول الإقليمية والدولية إلى ليبيا وخاصة تركيا التي سارعت إلى الاتصال بحكومة فايز السراج وتوقيع اتفاقية عسكرية سياسية معه قلبت الطاولة
استثمرت تركيا علاقتها المتنامية مع روسيا على أثر التنسيق المثمر في سوريا بين الطرفين والتفاهم العالي بين العسكريين الروس والأتراك في أيجاد شكل تفاهمات ضمنية بين الطرفين في جبهة عسكرية متداخلة ومتشابكة .
الجنرال خليفة حفتر لم يفلح في التفلت من الضغط الروسي من أجل الدخول في هدنة وقف أطلاق النار والذهاب إلى موسكو للتفاوض غير المباشر مع حكومة السيد فايز السراج وكان يعتقد أن التقدم العسكري الكبير الذي حققه في العاصمة طرابلس سيكون سيد هذه الطاولة من المفاوضات لكنه أكتشف بأنه بقبوله وقف أطلاق النار والذهاب إلى المفاوضات قد أبتلع الطعم وشوكة السنارة ..فنقضه الهدنة سيجعله متمرد على الشرعية وبالتالي فان روسيا وتركيا قادرة على إدانته أمام المجتمع الدولي ..ولذالك فان الجنرال خليفة حفتر يعرف جيدة أن انتزاع شوكة السنارة ستمزق جوفه فأختار مرغما السير مع خيطها ..والذهاب إلى برلين لعله يجد الحل هناك
تنظر تركيا إلى ليبية نظرة إستراتيجية تحقق لها الأتي
1- الحصول على موطئ قدم على الضفة الجنوبية للبحر الأبيض المتوسط وتعزيز قبضته على كل الطرق التي يسلكها المهاجرين إلى أوربا فهي ورقة ضغط أخرى على الأوربيين وتعزيز التواجد التركي شمال أفريقيا
2- الحصول على امتيازات لشركاتها النفطية والاستثمارية في ليبيا وربما أعادة النظر بحقول الغاز الموجودة على حافة المياه الإقليمية الليبية .
3- دعم القبارصة الأتراك في شبه جزيرة قبرص
4- الاقتراب الإستراتيجي من مصر وممارسة مزيد من الضغط غير المباشر عليها وربما جرها للتورط في ليبيا
5- لفت الأنظار عن الساحة السورية وتثبيت جبهاتها عند ما ألت إليه اخيرا لأطول فترة ممكنة ..من خلال خلق تحالف تركي روسي ستراتيجي في ليبيا
بالنسبة للأوربيين فأن فشل المسعى الايطالي للعب دور أساسي في ترتيب الوضع الليبي يعني فشل المقاربة الأوربية بالكامل فليبيا تحظى بأهمية كبيرة بالنسبة للأمن القومي الأوربي ليس بسبب المهاجرين غير الشرعيين ولكن وجود بيئة جاذبة للمتطرفين على حدودها أمر مقلق للغاية .
روسيا تعتبر أن ليبيا هي أفضل موقع عسكري متقدم يمكن أن تحصل عليه في خاصرة حلف شمال الأطلسي (النيتو) .أضافه إلى المكاسب الاستثمارية التي ستجنيها هناك وتعزيز قوي لأحكام سيطرتها على الملاحة في البحر الأبيض المتوسط مع وجود قواعدها عند رأس البحر في طرطوس ..كما أن التغلغل في شمال إفريقيا سيفتح أمامها سوق واعد لبيع أسلحتها وبناء علاقات إستراتيجية في هذه المنطقة من العالم .
أما مصر فأنها تأخرت كثيرا وبالغت في حذرها من الانخراط في المشكلة الليبية حيث إن إستراتيجيتها طوال السنوات السابقة كانت تقوم على حماية حدودها مع ليبيا من المتسللين والحفاظ على هدوء هذه الجبهة مع أنها شنت غارات خجولة في داخل الحدود الليبية باستخدام سلاحه الجوي على مواقع المتطرفين ثم تراجع واختار أن يأخذ موقع الدفاع داخل حدوده.
الولايات المتحدة الأمريكية وانسجاما من سياسة الرئيس ترامب ووعوده الانتخابية الداعية إلى الانسحاب من ما تسميه الحروب(العبثية) التي بلا نهاية في الشرق الأوسط والذكرى المؤلمة التي يحملها الشعب الأمريكي عن حادثة مقتل قنصلها في بن غازي وانشغالها بملفات أخرى في الشرق الأوسط ..وتراجع التنسيق الأوربي معها وبعض الخلافات المعلنة وغير المعلنة بين ترامب والأوربيين حول برنامج إيران النووي والتقصير الذي يراه الأمريكان في أداء حلف شمال الأطلسي والوفاء بالتزاماته تجاه القضايا التي تتبناها أمريكا كل هذا جعل الدور الأمريكي في ليبيا محدود لحد الآن
أما بالنسبة لدول الخليج العربي وانعكاسات الوضع الليبي عليها فأنها بالتأكيد تتبنى وجهة النظر المصرية ..كما أنها تنظر بعين الريبة للتحركات التركية والروسية دائما وتتخذ موقف منسجم مع خلافاتها الحادة مع الأتراك .
من الواضح ان دول الخليج تدعم الجنرال خليفة حفتراو على الأقل تتعاطف معه وتنسجم مع الموقف المصري وهي تعول على الرفض الشعبي الليبي للتدخل التركي وتعتقد بأنه سيتصاعد ويتطور كلما مر الوقت
كما أن بسمرة مصر أو تثبيتها على حدودها الغربية سيجعل دول الخليج تخسر جهودها في تامين البحر الأحمر ومضيق باب المندب ..كما انه سيصبح من الصعب التعويل عليها كعمق عسكري في حال اندلع صراع إقليمي لا يمكن الاستفادة من مصر في منظومة الدفاع العربي ..
الموقف بالنسبة لدول العربية يجب أن يكون الوقوف من جميع الأطراف نفس المسافة أولا ..والتنسيق مع المجتمع الدولي في بلورة رؤية مرضية لليبيا جديدة كمرحلة أولى ..ثم دعم الشعب الليبي في انتخابات حرة عادلة لضمان وصول أشخاص مناسبين إلى السلطة يستطيعون حماية ليبيا من التدخلات الخارجية وهذا يجب أن يكون ضمن الرؤية والإستراتيجية الدولية من دون السعي لخلق انقسام بين الليبيين بين مؤيد ومعارض








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. على خطى حماس وحزب الله.. الحوثيون يطورون شبكة أنفاق وقواعد ع


.. قوة روسية تنتشر في قاعدة عسكرية في النيجر




.. أردوغان: حجم تجارتنا مع إسرائيل بلغ 9.5 مليارات دولار لكننا


.. تركيا تقطع العلاقات التجارية.. وإسرائيل تهدد |#غرفة_الأخبار




.. حماس تؤكد أن وفدها سيتوجه السبت إلى القاهرة