الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لن يمنعك النظام.. حينها

خيرة بوعتو

2020 / 1 / 26
ملف: الحراك الجماهيري والثوري في العالم العربي، موقف ودور القوى اليسارية والديمقراطية


عرفت الجزائر منذ 22 فيفري مسيرات سلمية منددة ضد النظام الفاسد، ويمكن القول أنّ هذه المسيرات التي سميت ب"الحراك" قد نجحت في الضغط على النظام، خصوصا في بدايته إذ حصلت تغيرات مهمة، شجعت الشعب على مواصلة الحراك. ومعروف أنّ هذا التغيير كان شعبيا، إنطلق من الملاعب، ولم ينطلق للأسف من النخبة المثقفة، هذا دليل واضح على وجود صمت كبير وخوف شديد. هناك سؤال يتبادر للأذهان، هل المثقف يصمت؟ هل المثقف يخاف؟
المثقف ليس من يملك الشهادة العليا..
يمكن القول أننا لا زلنا لا نملك مثقفين بحجم الذين مروّا ...
لا أعتقد أنّ شيئا تغير، بل بالعكس هناك الكثير من النشاطات أجلت لأنّ الوضع غير مناسب، هذا يدل على أنّ هذه الأنشطة تنتمي للمؤسسة الثقافية التابعة للنظام، لأنّها لو كانت صادرة عن مثقفين حقيقين، لإستمرت، بل العكس، كنا سنشهد نشاطا مكثفا، توعويا، تثقيفيا للشباب، للجامعيين، حول الوضع الراهن، حول المستقبل القريب. لكن لا حدث..
الحراك كان شعبيا ولم يكن من المثقفين، وقد اعترف الكثير أن الحراك حررنا، ورغم ذلك لا يزال المثقف ساكن في مكانه، لا يملك الجرأة للتعبير بأعلى صوته.
هذا سيجعلنا نتساءل مرة أخرى، ماذا نملك؟ ماذا إكتسبنا؟ ماذا جيننا؟ لاشيء..
لا أتحدث عن فرديات هنا وهناك، أو التي متواجدة بالعاصمة، أتحدث عن وطن بأكمله، بحجم الجزائر. أنا لا أسكن العاصمة، ولست مضطرة للذهاب للعاصمة لأناضل، أرفض أن يكون النضال مركزيا أيضا كما النظام المركزي. من قال أنّ المدن البعيدة لا يستهويها النضال؟ من قال أنّ القرى الصغيرة لا يغريها النضال؟ هي أيضا تحتاج للنضال..
الحراك يمكن أن يجعلك تنظف أمام بيتك، أن تحترم عملك، أن تقف في وجه مسؤولك إن أخطأ، أن تقف إلى جانب المظلوم، أن تحترم القانون، أن تحترم قوانين المرور، أن لا تتحرش بالمرأة في الشارع، أن لا تظن أنك أفضل من المرأة، أن تعلم أنها إنسان مثلك وليست تحت حمايتك، بل لها كلمتها ووجودها. الحراك لن يجعلك تغضب غضبا شديدا لو نبهتك لممر الراجلين.. لن يجعلك تقول أنّها أخذت مكانك في العمل لأن مكانها بالبيت. وليس عليها أن تغطي شعرها لتستقيم أخلاقك.. وأن.. وأن..
الحراك الحقيقي سيحررك من كرهك للآخرين، من الأنا الأعلى الذي يسيطر عليك، وتظن أنك تملك أعظم ثورة في العالم، وأنك أفضل أمة.. لأنه حين تمنح لك التأشيرة، (إن منحت) وتسافر، ستدرك أنك كنت تعيش الوهم الكبير، وأنك مجرد ضائع يبحث عن ذاته، لكن وقتها عليك أن تحطم الأنا الكاذب لديك، وتفكر كيف تبدأ من الصفر، ستكون الرحلة متعبة لكن الأفضل لك من الفوضى التي أنت فيها..
إن كان النظام أفسدك وأقدرك مشاعرك، وغضبك وهذا أمر طبيعي، ونبل منك أن تثور، جميل أن تلعن الظلام، والأجمل حين تشعل شمعة.. يجب أن تبدأ من ذاتك لتحطم هذا النظام اللعين الذي همه أن يدوسك ليطغى هو.
الحراك الحقيقي لن يجعلك تتحدث بإسم الله، لأنّ الله أكبر من نتحدث عنه، بل أن تحاول أن تعبر عن نفسك، أن تعرف من تكون؟ من يكون الآخر المختلف والأفضل مني؟ من يكون الآخر الذي يشبهني في بؤسه ويعرف الله المختلف عن الذي أعرفه؟ والذي لا يعرف الله؟ من هؤلاء جميعا؟ من أنت؟ كيف لي أن أتقبلهم؟ أن يصبحوا أصدقاء لي، أتحدث إليهم دون أن أفكر أنّ مهمتي أن أعرفهم إلى لله الذي أعرفه جيدا، أو هكذا يهيء لي.. أن أتخيل أنهم سيغيرون إلآههم مجرد أن يعرفوا أنّ إلاهي أقوى من إلاههم.. أنّ ما أؤمن به الأفضل..
سنترك الله جانبا، لأنّه أكبر من أن تخاف عليه، ونسأل الله لماذا هم مختلفون عنك؟ ولماذا خلقهم وخلقك؟ ليس لتهديهم، فمنهم من هم أفضل منك، لا يحتاجون لهدايتك بل أنت من تحتاج إليهم، حتى أنك حاولت أكثر من عشرين مرة للحصول على الفيزا للذهاب إليهم، بل قررت أن تغامر بحياتك في قارب الموت الذي قد لا يصل .. وحلمت أن يزوجوك إحدى بناتهم المختلفة عن نسائنا.
ولماذ خلق هؤلاء الذين يشبهونك في البؤس والفقر؟ لا أعتقد أنه مهم جدا أن تعرفهم إليه، فهم أيضا يعرفونه أو يعرفون من يشبه..
أن أتحدث إليهم عن بؤسنا، عن فقرنا، عن ما يجري في شوارعنا البائسة، الخالية من الحياة، عن الكتب التي يقرؤنها وعن عمري الذي أفنيته أبحث عن الله في الكتب وأنت قريب إلي مني.. سأتحدث إليهم أنني إنسان مثلهم ولست إرهابي، وأنني أقبل صداقتهم ولن أستمع ولن اقرأ لمن يدعي أنه يعرفك، فنحن إلتقينا مرات عدة لم تحدثني عنهم، بل عن قلب يحب الجميع، ويتسامح ويغفر لنفسه قبل أن يغفر للجميع، وأن أخطئ، وأخطئ لأتعلم، وليس لأخاف منك..
ستقبلهم بإختلافهم، لأنك أيضا مختلف عنهم.. ولست الأفضل، ولا الأسوء.. ولا يهم ذلك..
الحراك، أن أجمع المال لا لأسافر للبحث عنك، لا لأنتظر القرعة لتختارني وتعلن إسمي، وأظن أنني المختار من بينهم، أو أنتظر أحد المعارف ليجد لي جواز سفر للذهاب إليك.. كيف أذهب إليك وأينما تولون وجوهكم فثّم وجه الله.. كيف أجمع المال لأذهب إليك، وأنت أقرب إليّ من حبل الوريد، كيف أجمع المال لأذهب إليك وجاري لم يجد طعاما ليأكله، وإبن جارنا لم يجد مالا ليشتري كراسا وقلما..
كيف أجمع المال وأبني لك بيتك وقلوبنا مملوءة بك، كيف أجمع المال وأبني لك بيتا كبيرا وبيوتك من روح ورحمة وليست من حجر.. كيف أبني لك بيتا جميلا ومزخرفا، وبيوت الفقراء ليس بها ماء للوضوء والصلاة إليك وليس بها ضوء للدعاء لك..
حينها سيكون إختراقك أمرا صعبا، سيكون النظام أضعف مما يظن نفسه، لن يفكر لحظة أن يستغل الله ليستعبدك.. ليبني لك أكبر مسجد في أفريقيا، وثالث أكبر مسجد في العالم، مضاد للزالازل ولكن بيوتنا تهتز قبل أن يفكر الزلزال أن يهتز..
حينها لن يفكر النظام أن يحدثك بإسم الله مرة أخرى، لأنّ الله في القلوب، لن يمنع عنك التحدثبلغة الأرض، لأنّ لغة الله الإيمان والمحبة، لن يمنعك أن يرتدىلباس جدتك المزركش بالألوان.. ولن يمنعك... ولن يمنعك...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. داعش يتغلغل في أوروبا.. والإرهاب يضرب بعد حرب غزة | #ملف_الي


.. القرم... هل تتجرأ أوكرانيا على استعادتها بصواريخ أتاكمز وتست




.. مسن تسعيني يجوب شوارع #أيرلندا للتضامن مع تظاهرات لدعم غزة


.. مسؤول إسرائيلي: تل أبيب تمهل حماس حتى مساء الغد للرد على مقت




.. انفجار أسطوانات غاز بأحد المطاعم في #بيروت #سوشال_سكاي