الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
السارق من الماضي و السارق من المستقبل
راوند دلعو
(مفكر _ ناقد للدين _ ناقد أدبي _ باحث في تاريخ المحمدية المبكر _ شاعر) من دمشق.
(Rawand Dalao)
2020 / 1 / 27
الادب والفن
( السارق من الماضي و السارق من المستقبل)
في إطار نقد الأدب العربي بقلم #راوند_دلعو
الشعراء _في هذا العصر _ قسمان :
قسم يحاول التجديد في بنية العبارة العربية من حيث الشكل و المضمون ، و هذا كالسارق من المستقبل محاولاً توسُّمَهُ و سَبرَ أغوارِه ، فما أعظمها من مكرمة على طريق الإبداع.
و ما الإبداع إلا سرقة من قَبَسِ المستقبل و تفطُّناً للغيب القابع في ما وراء الزمن.
و قسم آخر يحاول استرجاع طريقة السَّبك التي شاعت في العصرين العبَّاسي و الأموي! .
و ينبغي للحداثة أن ترفض إعادة توليد عبارات العصور الغابرة و أن تعتبر ذلك تضييعاً للوقت و اجتراراً لا قيمة له ، بل سرقة من الماضي تقتضي المحاكمة و التغريم!
فما الفائدة من استعادة لهجات و تراكيب عفا عليها الزمن و لم تعد مستخدمة على الألسن ؟
آدابنا لن تتطور و ترتقي إلى المستوى العالمي إلا بتطور اللغة و الأفكار و القوالب و المضمون.
و على سبيل المثال و زيادة في الإيضاح ، إليك البيتين التاليين لشاعر من العصر العباسي يصف قططاً ترضع من أمها :
(و ثلاثُ مُرضعةٍ بِكِسرِ ديارِنا
و الرَّتلُ ظُمَّاءٌ بِقعْرِ المَنهلِ
مَلأى فَوارِغَ نُسْجِها بِلَبانةِ
الأمِّ الرَّؤومِ كَحَامِلٍ للحَوجَل )
في الواقع كتبت البيتين السابقين ( اليوم ) لأبين للقارئ أنه من الممكن لأي شاعر أن يقتبس التراكيب التي سادت في العصر العباسي أو الجاهلي ثم ينسج على منوالها ، فهي ليست بالمهمة الصعبة لكنها لا تنطوي على جديد.
كل ما ينبغي عليك فعله هو قراءة بعض المعلقات و بضعة قصائد من الشعر العباسي و لا يمنع أن تقرأ كتابين للجاحظ و بعض الصفحات من نهج بلاغة الشريف الرضي ، و عندها ستصبح قادراً على استحضار التراكيب القابعة في أحشاء العصر العباسي ....
و لكن !
ما هي الفائدة من فعل ذلك ؟
الأمم تتطلع إلى المستقبل و بعضنا يتطلع لاستعادة الماضي بقِيَمه و خِيَمِه ، بجَماله و جِمالِه بِعَجره و بَجره!
آن لفكرنا أن يتطور و لرواياتنا و قصائدنا أن تأخذ بعداً عميقاً جماعياً تجديدياً.
سيأتي أحد ( التقالدة) ليتحدث عن الركاكة الموجودة عند بعض حداثيي هذا العصر!
و هذا خطأ ، إذ لا علاقة للركاكة بالإبداع و التقليد ، فهناك من الأساليب التقليدية التي لا تخلو من الركاكة في حين نجد الكثير من الشعر الحر الحداثي المليء بالجزالة اللفظية و التجديد و العمق و و و ...
و بالتالي نحن أمام عقبة كأداء تتمثل بالعقول المتحجرة و التي ترى الأدب القيم هو ذاك المغرق في تقليد النغمة العباسية و الأموية للنص الأدبي ، فتراهم يسفهون كل جديد و ينسفون كل تجديد ....
علينا في الحقيقة أن نأخذ بيد هؤلاء نحو التنوير و الانفتاح و أن نبين لهم أن اجترار العبارات و الأساليب التي كانت سائدة في العصر العباسي ليس إلا عملية رجعية لا تنطوي لا على إبداع و لا على فن ....
فما الفائدة من إعادة رسم الموناليزا بنفس الطريقة ؟ أو معارضة قصيدة للمتنبي بنفس الأسلوب ؟
كن مختلفاً لتكون ، كن نسخة لتفنى !
#راوند_دلعو
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
.. مسرحية -شو يا قشطة- تصور واقع مؤلم لظاهرة التحرش في لبنان |
.. تزوج الممثلة التونسية يسرا الجديدى.. أمير طعيمة ينشر صورًا
.. آسر ياسين يروج لشخصيته في فيلم ولاد رزق
.. -أنا كويسة وربنا معايا-.. المخرجة منال الصيفي عن وفاة أشرف م
.. حوار من المسافة صفر | المخرجة والكاتبة المسرحيّة لينا خوري |