الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أهى صفقة القرن أم هو قرن الصفقة ؟

أمجد المصرى

2020 / 1 / 29
مواضيع وابحاث سياسية


أعلم علم اليقين أن ما أنا مقدم عليه من طرح سيكون صادما للكثيرين و مثيرا لغضبهم بل و جالبا للعناتهم



أعلن بالأمس الرئيس الأمريكى دونالد ترامب بعضا من ملامح خطته لتحقيق السلام بين الفلسطينيين و الإسرائيليين ، و ذلك بحضور قادة إسرائيل و ثلاثة سفراء خليجيين ، فى غياب متوقع و مقاطعة معهودة من الجانب الفلسطينى ، ما يشير صراحة إلى موافقة و مباركة الذين حضروا و معارضة - أو تمنع - الغائبين المقاطعين



يتلخص الطرح الأمريكى فى التوصل لاتفاق بين طرفى النزاع على إنهاء الخصومة و التوقف عن كل الأعمال العدائية والإقرار بالأمر الواقع و بالحدود الجغرافية الماثلة على الأرض اليوم ، مع ضمانات أمريكية و دولية و إقليمية و وعود و تعهدات بتنمية

و إعمار و تحسينات معيشية للفلسطينيين إن هم استجابوا وقبلوا إنهاء الصراع ، مع عدم حرمانهم من عاصمة لدولتهم فى تخوم القدس الشرقية



و لابد من الإقرار بلا مراوغة أنها ليست أفضل شروط التسوية التى كان يتمناها الفلسطينيون و المتعاطفون معهم و المناصرون لهم ، كنهاية لحالة الصراع الذى طال

و هـنا أرى أن علينا تناول الأمر بهدوء و تعقل ، و لننظر إلى الماضى و الحاضر و أيضا إلى تجارب الآخرين ، بغية التوصل إلى استشراف المستقبل فى حال قرار الفلسطسينيين بالرفض و فى حال قرارهم بالقبول



نشبت الحروب بين الجيوش العربية و الجيش الإسرائيلى منذ سنة 1948 مرورا بـــ 1956 ثم 1967 ، إنتهت كلها بهزائم مريرة للجيوش العربية و كانت الأخيرة ( 1967 ) هزيمة مدمرة نكراء أذلت العرب و المسلمين إذلالا كبيرا ، فقد فقد العرب جراءها أراض شاسعة فى مصر و سوريا و الأردن

و بمعركة 1973 و ما تلاها مما تعرفون جميعا ، إستطاعت مصر - بالمفاوضات لا بالحرب - إستعادة سيناء مقابل الخروج من حلف المواجهة مع إسرائيل ، بينما ضاعت الجولان و الضفة و شطر من الجنوب اللبنانى



بموت عبد الناصر ( المهزوم ) ثم معاهدة السلام الساداتية خرجت مصر من المعادلة فضعف العرب و تشرذموا ، ففقد الفلسطينيون الجيوش التى كانت تحارب عنهم

و بسقوط الاتحاد السوفيتى و تحلله فقد الفلسطينيون حليفا مهما آخـر

و بقرار الأردن فك ارتباطه بالضفة الغربية خرج أيضا من المعادلة

باختصار لم يبق للفلسطينيين من نصير حينذاك سوى العراق ( صدام حسين ) و سوريا ( الأسد ) و ليبيا ( القذافى ) و كلهم قد تم القضاء عليهم و تحطيم دولهم كما نرى أحوالهم اليوم

ثم ظهـر الحليف الإيرانى الداعم بالسلاح و التدريب ، و ها هو اليوم تحت الحصار و العقوبات القاسية



و كان فى إضاعة الوقت و تسويف القضية على مدى عقود من الزمان ما أتاح لإسرائيل أن توطد احتلالها للأرض و أن تزرعها بالمستوطنات و المستوطنين



و حيث ذلك كذلك ، أما و الحال هكذا فلا بأس أن نحسبها بالعقل و المنطق و بحسابات مصلحة الشعب الفلسطينى الذى اندلعت المعارك من أجله



يذكر التاريخ أن كلا من اليابان و ألمانيا قد أقرت بهزيمتها فى الحرب العالمية الثانية ، و وقع قادتها صكوك الاعتراف بالهزيمة و معاهدات الصلح بشروط المنتصر ، فكف أولئك القادة شعوبهم ويلات الجـوع و الدمار .. و جميعنا يرى الموقع الذى تتبوأه كل من اليابان و ألمانيا على خريطة العالم اليوم ، و كم من التقدم و الرقى و الازدهار قد تحقق بكل منهما



ينطق الواقع اليوم بالفروق الشاسعة فى الإمكانيات التى يمتلكها الطرف الإسرائيلى و التى يمتلكها الطرف الفلسطينى فى جميع المجالات و كافة أوجه المقارنة

ينطق الواقع أيضا - و بغير مواربة - بعجز الفلسطينيين عن التوحد و التآزر و توحيد الرؤى و الظهور أمام العالم كجبهة واحدة تدافع عن شيء واحد ، بل هم منقسمون متناحرون يخون كل منهم الآخر و يطعـن فى شرعيته



و لا يخفى على أحد حرص المجتمع الدولى - بإجماع - على سلامة و أمن إسرائيل ، و إن بطشت و إن حاصرت



و لايخفى على أحد أيضا ما صار من علاقات جيدة بين إسرائيل و العديد من البلاد العربية و الإسلامية ، إمتدت هذه العلاقات و تنوعت بين تبادل تجارى و ثقافى و تبادل زيارات رسمية و شعبية و تعاون معلوماتى ومخابراتى و تنسيق فى المواقف السياسية ، و غير ذلك مما لا نعلم



فهل تمضى عقود أخرى - و ربما قرون - و الأزمة تراوح مكانها لا تغادره ؟ و هل يظل الفلسطينيون محاصرين داخل قطاع غزة تحت سطوة أمراء الحرب - قادة حماس و الجهاد الإسلامى - المصنفين دوليا كجماعات إرهابية ؟ و الفلسطينيون فى الضفة تضيق عليهم المساحة يوما بعد يوم بمزيد من المستوطنات ؟



هل تمر العقود - و ربما القرون - فيأتى يوم يروى فيه الناس أنه فى القرن الحادى و العشرين كانت هناك صفقة ؟ و يسمونه فى كتب التاريخ ( قــرن الصفقة ) ؟



أرى أنه خـير للفلسطينيين أن يتوحد قادتهم و أن يتدارسوا الواقع جيدا ، و أن يعلوا مصلحة شعبهم - إن كانوا صادقين - و أن يتحلوا بالشجاعة و الواقعية ، و يذهبوا - فريقا واحدا - للتفاوض و بذل الجهد لتحسين شروط الصفقة قدر الإمكان








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ريبورتاج: مزارعون في الهند مصممون على إلحاق الهزيمة بالحزب ا


.. السباق إلى البيت الأبيض: حظوظ ترامب | #الظهيرة




.. ماهو التوسع الذي تتطلع إليه إسرائيل حالياً؟ وهل يتخطى حدود ا


.. ترامب: لم يتعرض أي مرشح للرئاسة لما أواجهه الآن | #الظهيرة




.. -كهرباء أوكرانيا- في مرمى روسيا.. هجوم ضخم بالصواريخ | #الظه