الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لماذا يرفضون صفقة القرن؟

طلال الحريري
سياسي عراقي

(Tallal Alhariri)

2020 / 1 / 29
مواضيع وابحاث سياسية


هنا لا اريد ان أُسهِب في تفاصيل مضمون اتفاقية السلام التي يُطلق عليها ( صفقة القرن ) فهي بإختصار اتفاقية لإنهاء الصراع واستبداله بالسلام والتنمية والتعاون، وهذه القيم العليا التي تمثل اهم مخرجات الاتفاقية لها نتائج وانعكاسات رهيبة اهمها ترسيخ اسس الاستقرار في الشرق الأوسط وحصر الصراع بمفهوم الإرهاب الإسلامي للتعامل معه وانهاء وجوده في المنطقة. وفي هذه النقطة تحديدا سيكون الهدف الجيوستراتيجي الأمريكي_العربي_الإسرائيلي محدد بالتعاون لإنهاء وجود النظام الإيراني بصفته اخر عقبة واخطر فاعل يهدد اسس السلام ورؤية استقرار الشرق الأوسط، والتعامل مع الإسلام السياسي والحركات الجهادية ايدولوجيا وسياسيا وامنيا. وبذلك تكون المنطقة بحسب الرؤية مهيئة لتعزيز اسس التنمية والاستقرار، والعمل على تأسيس تكتل اقتصادي كبير سينهي الازمات الاقتصادية ويضع رؤية افضل للمستقبل. ومن هذه الرؤية تتجلى اهمية ترسيخ هذه المبادئ وضرورة تحويلها الى قيم اجتماعية وسياسية تترافق مع المشاريع الاقتصادية والحضارية لتنمية الانفتاح والتنوع في دول وشعوب المنطقة. ولعل ما ذكرته في مقال سفر التكوين، ومقال الخليج الجديد قبل عدة اشهر يعد تحليلا عمليا لمخرجات هذه الصفقة الاستراتيجية.

هنا نعود الى السؤال الجوهري الذي اعتلى عنوان هذا الموضوع، لماذا يرفضون صفقة القرن؟
اولا علينا ادراك الفواعل الرافضة لها قبل كل شيء وبتصنيفها ايدولوجيا سنراها تنقسم الى ايدولوجيتين الأولى الاخوانية على مستوى احزاب وحكومات ومنظمات جهادية، الثانية الإيرانية على مستوى النظام ومليشياته الجهادية العابرة للحدود. اذن من يرفض هذه الصفقة المهمة هم من نضعهم تحت عنوان ( فواعل الإرهاب الإسلامي) وهؤلاء حضروا مسبقا منهجية اعلامية لمناهضتها وتجهيل شعوب المنطقة استباقيا عبر بروباغندا ممنهجة وماكنات اعلامية هائلة هدفها الإستراتيجي الحفاظ على الواقع لضمان استمرار الارهاب، ومنطق النزاع، واللااستقرار كي يضمنوا بالمقابل وجودهم المرتبط بشرعية ما يسمى بالمقاومة التي لا تمثل سوى مقاولة لنهب الشعوب وتخريب الدول ونشر الارهاب والنزاعات الصفرية التي يقودها الجهاديين.
هذه الرفضية المشبعة بالإرهاب والتطرف تريد اعادة العالم العربي الى الصراع والحروب التدميرية تحت قيادة الإرهاريين، وتحويل الشعوب العربية الى مشاريع ارهابية يتحكم بها الاخوان والايرانيين الذين خسروا شرعيتهم السياسية والدولية في هذه المرحلة الحاسمة التي تشهد رغبة دولية ورؤى عملية لمواجهة الارهاب الاسلامي.
لهذا السبب اصبحت القضية الفلسطينية اخر عروة يتمسك بها الاسلام السياسي( الاخواني والايراني) لضمان تموضعهم الارهابي في العالم العربي. ولكي ينجحوا كان لابد من توجيه هذه الماكنة الاعلامية لضخ الخطاب الاصولي ورؤية الجهادية والترويج للعداء والحرب بلغة صنعتها تراجيديا القضية المشبعة بالزيف والأباطيل والكراهية المطلقة. هذه الوسائل التي كانت سببا ليس بدمار دولنا وشعوبنا فقط بل كانت وما تزال اهم الاسباب لغزغزت كل الشعب الفلسطيني( تعميم نموذج غزة فكرا ومنهجا) والمتاجرة بمصيره وحقوقه الانسانية التي ترغب بالسلام وترفض الحرب بطبيعتها التاريخية والواقعية. لا يريدون هذا الحل التاريخي الذي يضمن للفلسطينيين دولة معترف بها امريكيا ودوليا تتمتع بالاستقرار والعلمانية والرفاه الاقتصادي ولا يرون في فلسطين الى استمرار كحاضنة للارهاب وقضية لشرعنة وجودهم الارهابي على حساب امال وتطلعات شعوبنا المنهكة بنيرانهم المشتعلة، وهم انفسهم لا يريدون لمدينة القدس/اورشليم ان تكون عاصمة للسلام والاندماج وتتشارك بها القيم الروحية والانسانية لهذا السبب يروجون للخطاب الفاشي العنصري الإلغائي لتشويه وعي شعوبنا وعرقلة رؤية التعايش السلمي.
إن تحليل ردة الفعل العربية تجاه الاتفاقية تعطي بعدا عميقا للوعي العربي العام الذي يتطلع للسلام والاستقرار ورفض العنف والارهاب والتطرف وهذا المتغير الاستراتيجي جعل هذه المحاور والفواعل تحترق من الداخل ولم ترى سبيلا للتخفيف عن حالة هيجانها المستمر الا بتعزيز خطاب الكراهية والرفضية وبث افكار الإرهاب والحروب في اوساط الرأي العام العربي.
وهنا اختم بالقول: الاتفاقية ليست مجرد اتفاقية سلام فقط بل هي اهم متغير استراتيجي شهدته المنطقة وفي حال تطبيقها ستتخلص الشعوب العربية من الارهاب الاسلامي وتنشغل بالتنمية والانفتاح الحضاري والاقتصادي وبناء دولها وتحديث قيمها بما يخدم الانسان قبل كل شيء لذلك على الدول العربية ان تدرك هذه الاهمية والمخرجات الاستراتيجية وتعمل على تطبيقها واقرارها بأسرع وقت وعدم السماح للإسلاميبن بالعبث مرة اخرى بمستقبل شعوبنا.
وأخيرا وليس اخرا ينبغي استبدال مصطلح التطبيع بمصطلح التعاون والإندماج لان التطبيع يعني تطبيع حالة غير طبيعية في حين ان الحالة الإسرائيلية بمقياس الدين والتاريخ حالة طبيعية لا تختلف عن الموروث الحضاري للمنطقة بل هي جزء مهم من هذا الموروث الذي يمكن ترجمته الى حضارة مشتركة مشبعة بالقيم الروحية والتعاون الانساني وقيم الاختلاف والتنوع.
#طلال_الحريري








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الكوفية توشح أعناق الطلاب خلال حراكهم ضد الحرب في قطاع غزة


.. النبض المغاربي: لماذا تتكرر في إسبانيا الإنذارات بشأن المنتج




.. على خلفية تعيينات الجيش.. بن غفير يدعو إلى إقالة غالانت | #م


.. ما هي سرايا الأشتر المدرجة على لوائح الإرهاب؟




.. القسام: مقاتلونا يخوضون اشتباكات مع الاحتلال في طولكرم بالضف